العنوان هنا
دراسات 18 أكتوبر ، 2012

الانتخابات التشريعيّة في الجزائر (10 أيار / مايو 2012): قراءة في التوقّعات والنّتائج والتّداعيات

منير مباركية

أستاذ مساعد في قسم العلوم السياسيّة، جامعة عنّابة، الجزائر. باحث في مخبر "التّنمية المستدامة والحكم الراشد في جنوب المتوسّط"، وعضو عدّة فرق بحث ضمن برامج البحث الوطنيّة. يعدّ شهادة دكتوراه في العلوم السياسيّة، ومهتمّ بالنّظم والتحوّلات السياسيّة والتنمويّة المقارنة في الدول العربيّة والغربيّة والقوى الصاعدة، وبقضايا التّنمية والمواطنة. له عدّة مساهمات ودراسات وأوراق بحثيّة في المجالات المذكورة.

ملخّص

جاءت نتائج الانتخابات التشريعيّة التي جرت في الجزائر قبل أشهر - تلك التي ظلّ يُنظر إليها على أنّها محطّة مهمّة ومفصليّة في مسيرة التحوّل والتعميق الديمقراطي في الجزائر - مخالِفةً لأغلب التوقّعات والآمال، ومثيرةً للدّهشة؛ بتكريسها للنِّظام القائم بشخصيّاته المعتادة. وقد فرضت على المتتبِّعين والمهتمِّين بالوضع في الجزائر، إعادة قراءة تلك النّتائج بشكلٍ أكثر تعمُّقًا وحياديّة.

وهذه الورقة، هي إحدى محاولات إعادة قراءة ما كان متوقَّعًا من تلك الانتخابات من جانب مختلف أطراف العمليّة الانتخابيّة والمعنيّين والمهتمّين بها؛ ونعني بذلك: غالبيّة الشّعب التي توقّعت التغيير نحو الأفضل في البرامج والشخصيّات، والسّلطة التي انقسمت بين الرّضوخ لإرادة الشعب وتجنّب ثورته وبين البقاء رغمًا عنه، والأحزاب السِّياسية وقوائم المرشّحين الأحرار التي تمنّت الفوز وتوقّعته ولو على حساب التّغيير والفعالية، والقوى الدّولية وبعثات المراقبين الدوليّين الذين تباينت توقّعاتهم بشأن نتيجة تلك الانتخابات.

كما تستعرض هذه الورقة في محورها الثاني، النتائج العامّة لتلك الانتخابات، ومختلف القراءات التي اقتُرحت لها. وهي تحلِّل وتناقش مختلف التفسيرات التي قُدِّمت لفهم ما كان منها غير متوقّعٍ أو مثيرًا للشّكوك، أو تبريره. ونعني بالخصوص فوز الحزبين الحاكمين فوزًا كاسحًا من جهةٍ، في ظلّ سياقٍ يدفع نحو التّغيير، وهامش مخاطرةٍ كبير؛ وخسارة الإسلاميّين من جهةٍ أخرى، في الوقت الذي يفوز فيه نظراؤهم في الدول العربيّة الأخرى، في إطار ما عُدّ موجة مدٍّ للتيّارات الإسلاميّة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يضاف إلى ذلك، نسبة العزوف العالية؛ في مقابل كلّ الإمكانيّات المُتاحة والجهد المبذول والإصلاحات القائمة، لاستعادة الثِّقة في العمليّة الانتخابيّة.

أمّا المحور الثّالث، فيستعرض مختلف التّداعيات الحاصلة والمتوقَّعة لنتائج الانتخابات على مؤسّسات نظام الحكم التي أصبحت معطّلة. ونخصّ من تلك المؤسّسات: البرلمان المنتخب الذي بات فاقدًا للشّرعيّة، وعاجزًا عن تنصيب هياكله، وقاصرًا عن تمثيل الشّعب؛ والحكومة التي لم تتغيّر، وبقيت أغلب حقائبها بلا وزراء؛ ورئاسة الجمهوريّة المتّهمة بعدم الحياد وعدم الوفاء بتعهّد ضمان النّزاهة، والتي أخذت شرعيّتها في التراجع؛ والقضاء المتّهم بالتبعيّة وقصور السلطة؛ والجيش المتّهم بالتدخّل في الحياة السياسيّة. كما يستعرض هذا المحور تداعيات هذه الانتخابات على نهج الإصلاح وفاعليه، وعلى الاستقرار الداخليّ والصورة الخارجيّة للبلاد.