اختتم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بالتعاون مع قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة الكويت، يوم الأربعاء 22 نيسان/ أبريل 2024، أعمال الدورة الرابعة من ندوة "تبيُّن" السنوية، التي عُقِدت في قسم الفلسفة بجامعة الكويت في الفترة 22-24 نيسان/ أبريل 2024.
وقد انتظمت أعمال اليوم الأخير من الندوة في جلستين وندوتين، ترأّس الجلسة الأولى محمود سيد أحمد، أستاذ الفلسفة الحديثة بجامعة الكويت، وقدّم فيها الباحث عبد العزيز العوضي، ورقة عنوانها "الشريعة الإسلامية والنظام القانوني الحديث: قراءة جينيالوجية"، تطرق فيها إلى ثلاث مسائل؛ فالمسألة الأولى هي التمييز بين الشريعة والقانون، وفيها قدّم الباحث بعض النماذج التي عملت على الموازاة بين الشريعة والقانون الوضعي. وسيتضح أنه يوجد فهمٌ دارجٌ يحصر الشريعة في مدونة قانونية، وفي الشريعة، كما يزعم الباحث، هي رؤية أخلاقية شاملة للحياة. أما المسألة الثانية، فهي تكمن في السؤال: كيف يمكن أن نفهم الشريعة بناءً على هذه القراءة الجينيالوجية للشريعة؟ وماذا سينبني على هذه القراءة خصوصًا من الجانب الأخلاقي، ذلك أنّ الشريعة لن تقتصر على ما هو "مسموح" و"ممنوع"، وإنما تستند إلى عملية تذويت؛ ما يجعلنا أناسًا أفضل. وأخيرًا؛ مثلما حاول الباحث تقديم مقترح لتصوّر يمكن أن يحررنا من هذا الفهم السائد وإعادة فهم الشريعة باعتبارها رؤية أخلاقية للحياة، سيُوضِّح أثر هذه القراءة في الإنسان والمجتمع المسلم.
وقد شارك الباحث مجدي صالح بورقة عنوانها "المشروعية بين الفلسفة السياسية، وفلسفة القانون، والأخلاق"، وفيها ميّز بين مصطلحين قانونيين غالبًا ما يجري استخدمهما من دون تمييز، هما: الشرعية والمشروعية؛ إذ إنّ التمييز بينهما من شأنه أن يوضح لنا الكيفية التي يمكننا من خلالها الخروج بإجابات مناسبة على ما طرحناه من أسئلة، بحيث ستعتبر الشرعية هي المطابقة التي نقوم بها للقانون الوضعي؛ أي الدستور وما يتفرع منه من قواعد وتنظيمات قانونية، بمعنى أن الشرعية تحيل في هذا السياق إلى القانون الوضعي الذي يتضمن المعايير المنظِّمة، على نحو متفق عليه، للحياة الاجتماعية، في إطار القوانين المتعارف عليها مشافهةً، أو القوانين المكتوبة، في حين تكون المشروعية هي ما نقوم به لكي تتطابق فكرة العدالة، باعتبارها إنصافًا لضمان حق الإنسان الطبيعي، بغضّ الطرف عمّا جاء في القانون الوضعي المعمول به. وهنا يمكن القول إنّ المشروعية تحيل إلى القانون الذي هو بدوره ضرورة للوعي الأخلاقي.
أما الباحث بن مزيان بن شرقي، فقدّم ورقة عنوانها "مبدأ السيادة الإقليم، والسلطة والقرار". وتنزّلت ورقته ضمن سياق تاريخي - معرفي يتحدد بأحداث شهدتها نهاية القرن الماضي: حرب الخليج، وظهور العولمة مع بداية القرن الحالي، وما عشناه من أحداث في السنوات القليلة الماضية: وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، والأزمة المالية، والربيع العربي. لقد وضعت كل هذه الأحداث، وغيرها، مفهومَ السيادة كما ورثناه تاريخيًّا، على الأقل في الفترة الحديثة والمعاصرة، أمام طروحات جديدة أصبح من الضروريّ جدًّا التوقف عندها؛ لكي نفهم السياق التاريخي الذي نعتقد أنه عاش تحولًا في تصوره لمفهوم السيادة، وكيف أنه يؤثر فينا في الوقت الراهن من ناحية تصوّرنا للمفهوم نفسه.
تضمّن اليوم الثالث أيضًا طاولة مستديرة ترأَّسها زواوي بغورة، عنوانها "فلسفة القانون في الجامعات العربية"، وشارك في النقاش أساتذة من جامعة الكويت، وباحثون وطلبة في الفلسفة والقانون، ومحامون.