بدون عنوان

الجلسة العاشرة
مروان قبلان
منقذ عثمان أغا
الجلسة الحادية عشرة
حامي حسان
الجلسة الثانية عشرة
إبراهيم المرشيد
محمد أحمد بنيس
الجلسة الثالثة عشرة
امحمد جبرون
سعيد الحاجي
الجلسة الرابعة عشرة
أحمد أنداري
الجلسة الخامسة عشرة
رويدة محمد عبد الوهاب فرح
مجد أبو عامر
حيدر سعيد
فهمي جدعان رئيس لجنة الجائزة العربية لتشجيع البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية
عزمي بشارة

اختتمت، يوم الخميس 25 آذار/ مارس 2021، أعمال الدورة الثامنة لمؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية، الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، على مدى خمسة أيام، في موضوع "الدولة العربية المعاصرة: التصوّر، النشأة، الأزمة".

وشهد اليوم الرابع من المؤتمر (24 آذار / مارس 2021) تقديم خمس أوراق بحثية، موزعة على ثلاث جلسات، استهلها مروان قبلان، مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي، بتقديم ورقة بعنوان "لماذا انهارت الدولة (دولة البعث) في سورية؟"، أبرز فيها أنّ الدولة السورية تواجه مرحلة هي الأخطر في تاريخها المعاصر، وتحديدًا منذ إعلان استقلالها من جهة المؤتمر السوري العام في 8 آذار/ مارس 1920، تحت مسمى "المملكة السورية". كما أكدّ الباحث أنّ الأزمة التي بدأت في آذار/ مارس 2011، وفشل النظام في إدارتها، تحوّلت، بسبب التدخلات الخارجية واستنجاد طرفَي الصراع بحلفائهما، إلى حرب وكالة إقليمية ودولية، أسفرت عن نتائج باتت تهدّد كيان الدولة السورية، وتقوّض وجودها السياسي والقانوني، ونسيجها الاجتماعي وهويتها الوطنية. ثم عرض أسباب دخول الدولة السورية في أسوأ أزمة وجودية تهددها منذ تأسيسها، وكيف أنّ تخلي الدولة (البعث) عن وظيفتها الاقتصادية (الريعية) تجاه قواعد دعمها الاجتماعي التقليدية، وتراجع دورها السياسي (الأيديولوجي) إلى تعويض ذلك بزيادة الاعتماد على ذراعها الأمنية، أفقدها آليات السيطرة التقليدية التي اعتمدتها في العلاقة مع المجتمع طوال نحو نصف قرن؛ على اعتبار أنّ انسحاب الدولة من المجال الاقتصادي - الخدمي، وفقدانها الهيمنة الفكرية الثقافية، مع تراجع دور التنشئة السياسية (في المدارس والجامعات)، وبروز منافسين لها في هذا المجال (الليبراليون والإسلاميون)، وفقدان السيطرة على تدفق المعلومات، فضلًا عن انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، كلها عوامل أدت إلى زيادة الاعتماد على آليات الإكراه لضبط حركة المجتمع، وإلى تعاظم نفوذ الأجهزة الأمنية وسطوتها التي دفعت في اتجاه مقاربة أمنية للأزمة، فقدت بنتيجتها الدولة السيطرة على الوضع مع تلاشي شرعيتها بسبب ما نجم عن العنف الذي مارسته في قمع الاحتجاج، وحصول تدخّل خارجي أسهم في تحويل المعارضة السلمية إلى ثورة مسلحة، ثم إلى صراع أهلي/ حرب وكالة إقليمية ودولية.

وفي الموضوع ذاته المتعلق بالدولة السورية، قدّم منقذ عثمان آغا، الباحث في مركز COAR للدراسات والأبحاث في تركيا وفي مؤسسة الذاكرة السورية، ورقته "عودة الدولة للجنوب السوري نموذجًا للتفاعل بين الدولة والفاعلين من غير الدولة في سورية". وقد عرض الباحث فيها للتفاعل الذي جرى بين الدولة والفاعلين من غير الدولة في سورية على هامش عودة النظام للسيطرة على الجنوب السوري عام 2018. وبيّن أنّ هذا التفاعل يجري على عدة مستويات متقاطعة، وهي: الدولة، والفاعلون من غير الدولة، والفاعلون الخارجيون. ومن ثمّ، عرج على تحليل التفاعل بين النظام السوري وعشرة فاعلين تم اختيارهم بهدف تسليط الضوء على ديناميات هذا التفاعل ونتائجه وأثره في تشكيل دولة ما بعد النزاع. وجادل الباحث بأنّ طبيعة التفاعل بين الدولة والفاعلين من غير الدولة وصيرورته تأتي نتيجة لتفاعل آخر يجري بين عدة عوامل تنقسم مجموعتين أساسيتين: العوامل الذاتية وخصائص الفاعلين، والعوامل الخارجية البنيوية.

وخصّصت الجلسة الحادية عشرة لمسألة الدولة الريعية، وقدم فيها حامي حسان، الأستاذ المحاضر في قسم علم الاجتماع بجامعة محمد لمين دباغين بسطيف، ورقة بعنوان "تحولات دولة الرعاية في الجزائر: السياسات الاجتماعية على محكّ أزمات الاقتصاد والتنمية". وقد أنجز فيها قراءة تاريخية تحليلية لموضوع تحولات الدولة الاجتماعية في الجزائر، وعلاقتها بإكراهات المسألة الاجتماعية في سياق وضع اقتصادي متأزم. وسعى إلى شرح السياقات التاريخية والأيديولوجية التي ساهمت في ظهور الدولة الاجتماعية ورأسمالية الدولة في الجزائر، وكذا تحولات السياسات الاجتماعية بالنظر إلى أزمات الاقتصاد وتعثر مشروع التنمية خلال ما يقارب ستة عقود. واعتمد الباحث في ذلك على تتبع مسار السياسات العمومية/ الاجتماعية، واستنطاق الأرقام الرسمية وفهم مدلولاتها السوسيولوجية، وتحديدًا ما تعلق بمقتضيات المسألة الاجتماعية، والتي بدا أنها ارتبطت على نحوٍ وثيق الصلة بتحولات مشروع التنمية في الجزائر صعودًا وانتكاسة، خاصة سنوات الثمانينيات والتسعينيات، حين امتحنت أزمة انخفاض أسعار النفط، والاضطراب السياسي والأمني، قدرة الدولة الاجتماعية على الإيفاء بمتطلبات المسألة الاجتماعية. كما سلّط الباحث الضوء على أشكال العلاقة الناشئة بين الدولة والمجتمع، وتحديدًا الطبقة المتوسطة، ومفهوم الريع بوصفه فاعلًا أساسيًا وضابطًا لهذه العلاقة.

أما الجلسة الثانية عشرة للمؤتمر، فخصّت بالدرس والتحليل حالة الدولة المغربية، في بُعدي ازدواجية السلطة التنفيذية، واللامركزية و"الجهوية المتقدمة". إذ قدّم إبراهيم المرشيد، الباحث في الاقتصاد السياسي في جامعة القاضي عياض بمراكش، ورقته "تقاسم السلطة التنفيذية في الدول العربية ذات النظام السياسي المزدوج في ضوء نظرية الوكالة: المغرب أنموذجًا"، وفيها أنجز مقاربة للعلاقة التعاقدية بين المؤسستين اعتمادًا على ما أتت به "نظرية الوكالة"، خاصة "نموذج الأصيل والوكيل"؛ حيث تجسد المؤسسة الملكية دور الأصيل أو الموكّل الذي يسمو فوق الجميع، ويقوم بتفويض مهمات تنفيذية محددة لمؤسسة رئيس الحكومة الذي يتقمّص دور الوكيل. وبعد عرض أهم الأدبيات المتعلقة بتقاسم السلطة التنفيذية في الأنظمة السياسية المزدوجة، قدّم الاقتصادي المغربي لمحة موجزة عن نظرية الوكالة، باعتبارها إطارًا منهجيًا ملائمًا لدراسة العلاقات التعاقدية الناجمة عن هذه الازدواجية. ثمّ بيّن أنّ مؤسسة رئيس الحكومة تتحمل المخاطر المتعلقة بممارسة السلطة التنفيذية وتقاسمها كافة، في حدود ما تسمح به المقتضيات الدستورية، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف التفضيلات وعدم تماثل المعلومات وتباين السلوك إزاء المخاطر. ومن خلال نموذج رياضي طوّره الباحث، بيّن أنه يبدو أنه كيفما كانت نتيجة تدبير مؤسسة رئيس الحكومة للشأن العام (نجاح أم فشل)، فإنّ المؤسسة الملكية تخرج دائمًا منتصرة وقوية من لعبة تقاسم السلطة التنفيذية.

من جهته، سلّط الضوء محمد أحمد بنيس، الباحث في المركز الجهوي للتربية والتكوين بطنجة، في ورقته "مأزق الدولة المغربية بين المركزية والجهوية"، على ما يطلق عليه في المغرب "الجهوية المتقدمة" ودورها في تعزيز مركزية الدولة المغربية، وإعادة إنتاج مأزقها الإصلاحي بين تطلّعها نحو تحديث محدود لآليات اشتغالها والحفاظ على شكلها الموحد وبنيتها المركزية، من خلال تبنّي تدبيرٍ عمودي للسلطة في مواجهة الجهات. وأكد الباحث أنّ هذا الوضع يتوازى مع الإخفاق في التحول نحو الديمقراطية وبناء تعاقد اجتماعي جديد، واستمرار حصر التوظيف العمومي لموارد الدولة في يد السلطة المركزية من دون إشراك حقيقي للجهات.

واسهتلّ امحمد جبرون، أستاذ التعليم العالي في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بطنجة، أعمال اليوم الخامس من المؤتمر (الخميس 25 آذار / مارس 2021)، بورقة عنوانها مفارق: "في إشكالية العلاقة بين الدولة والدين في المغرب المعاصر: المملكة المغربية من العلمنة إلى الإسلام". ويفترض الباحث في هذه الورقة أنّ نموذج الدولة الذي بناه الاحتلال في المغرب بوصفه نموذجًا علمانيًا أنشأ أول مرة في تاريخ المغرب فضاء دنيويًا، وسلطة زمنية، بعيدة عن الدين، وأنّ دولة الحماية، التي استمرت بعد رحيل الاستعمار، حافظت على روحها العلمانية، ولم تنجح نخب الاستقلال في تجاوز الإرث الاستعماري، وإعادة النظر في علاقتها بالإسلام، وأقصى ما فعلته في هذا الباب هو الرفع من حجم المواد الدينية كمًّا ونوعًا في برامج التعليم العمومي بخلاف ما كان عليه الوضع سابقًا. كما يفترض جبرون أنّ الملكية المغربية أدركت مبكرًا الأخطار التي تتهدّدها، جراء المدّ الحداثي، وسعت جهدها إلى وقف هذا المدّ، وذلك بالعودة إلى أحد أركان شرعيتها التقليدية، وهو الإسلام، وأنّ التطورات التي شهدتها الدولة المغربية بعد الاستقلال والتحديات التي واجهتها كانت سببًا في حفز الدولة على إعادة النظر في علاقتها بالإسلام، وتبني نظرية سياسية أكثر إقناعًا ومتانة في تجاوز شبهة العلمانية التي تلاحقها. وهو ما تحقق لها، وفقًا للباحث، مع الملك محمد السادس الذي أضفى الدلالة الشرعية والدينية على كل أعمال الدولة؛ ما نقل الملكية المغربية التي عانت شبهة العلمنة على مدى نصف قرنٍ تقريبًا إلى فضاء الإسلامية، حيث أمسى المجال السياسي العام مؤطرًا بفتوى دينية. وخلصت الورقة إلى أنّ مسار الملكية المغربية، وتحولاتها من العلمانية إلى الإسلامية، يظلّ مفتوحًا على تحولات أخرى في المستقبل أكبر أهمية؛ على اعتبار أنّ الصيغة المعمول بها حاليًا لا تزال تعاني الكثير من الثغرات على مستوى التنزيل، بالرغم من التناسق الظاهر عليها من الناحية النظرية، كما أنها تعاني تحديات جدية على مستوى المفاهيم المرجعية.

ثم عرض سعيد الحاجي، الباحث في التاريخ المعاصر في جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، ورقة بعنوان "التقليدانية والبنية المخزنية العتيقة في الدولة المغربية ما بعد الاستعمارية: جهاز القواد"، وفيها أبرز جوانب التقليدانية والبنية المخزنية العتيقة في الدولة المغربية ما بعد الاستعمارية، التي اعتمدت على القواد جزءًا من إرثها التقليدي الذي يعود إلى بدايات دولة المخزن في القرن السادس عشر، وكرست مكانتهم القوية بعد الاستقلال عام 1956؛ وهي المرحلة التي وظفت فيها الدولة المغربية المستقلة القواد والنخب المحلية قصد توجيه بوصلة المجتمع نحو نموذج الحكم التقليدي وتعزيز ثقافة الامتثال للسلطة المخزنية، ضمن عملية إعادة تشكيل الوعي المجتمعي وضبطه على إيقاع الولاء لسلطة المخزن بعد خروج الاستعمار الفرنسي. كما أبرز الباحث سيرورة بناء واجهة مؤسساتية عصرية، تقوم على إعطاء المواطن مساحةً قصد اختيار ممثليه في الهيئات المنتخبة، لكن ضمن نسق تقليدي يغلق المنافذ أمام النخب التي لا تخرج من صلب المخزن، ويوجه جزءًا من النخبة المخزنية نحو تكريس هيمنته عبر إشراكها في الانتخابات، ودعمها للوصول إلى مراكز القرار المحلية عن طريق المسارات الانتخابية.

وفي الجلسة الرابعة عشرة من المؤتمر قدّم أحمد أنداري، أستاذ القانون العام بجامعة العلوم الإسلامية في موريتانيا، ورئيس قسم القانون العام فيها، ورقةً عنوانها "بناء الدولة ما بعد الكولونيالية في العالم العربي وإشكالية المفهوم: الدولة في موريتانيا نموذجًا"، تناولت موضوع بناء الدولة العربية المعاصرة أو دولة ما بعد الاستعمار في العالم العربي كما تُسمّى في بعض الأدبيات، في علاقته بإشكالية المفهوم، واتخذت من حالة الدولة ما بعد الكولونيالية في موريتانيا نموذجًا لها. وانطلق الباحث من فرضية رئيسة مفادها أنّ بناء دولة ما بعد الاستعمار في موريتانيا، على غرار باقي بلدان العالم العربي، قد ظلّ خاضعًا لنوعين مختلفين من التأثيرات: أحدهما نابع من تصور حديث للدولة هو في الأصل وافد من الغرب، لكن تم توطينه والتمكين له خلال المرحلة الاستعمارية، قبل أن تصبح له السيادة المطلقة في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية؛ وثانيهما تصور قديم لهذه الأخيرة يجد جذوره في تراث الدولة السلطانية التي عرفها العالم العربي والإسلامي طوال قرون خلت، والذي يكاد يكون هو النموذج الوحيد للدولة الذي عرفته المنطقة العربية خلال الفترات التاريخية التي سبقت المرحلة الاستعمارية. ومن ثمّ، خلص الباحث إلى أنّ هذين التأثيرين أو التصورين للدولة كان بينهما من الاختلاف والتضاد ما انعكس على بناء هذه الدولة الموريتانية ما بعد الكولونيالية، التي أصبحت تحمل بدورها الكثير من السمات المتناقضة؛ فهي دولة حديثة إلى حدٍّ ما من حيث الشكل، لكنها تقليدية من حيث الجوهر.

وفي موضوع ذي صلة بالدولة المعاصرة في موريتانيا، قدم محمد المختار ولد بلّاتي الحاج أحمد، الأستاذ المتعاون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة نواكشوط العصرية، ورقةً موسومة "الدولة الموريتانية وإشكالية التنمية وبناء المؤسسات: قراءة نقدية للإنجازات"، أكّد فيها الباحث أنّ موريتانيا، رغم صعوبة الظروف المحيطة، تمكنت من تحقيق مكاسب مهمة على المستوى السياسي، من خلال بناء مؤسسات تقوم على النظام الدستوري الديمقراطي، وتعزّز هذه الخيارات المؤسساتية بموجب التعديل الدستوري في عام 2006 الذي كرّس مبدأ التداول السلمي للسلطة، بمنعه رئيس الجمهورية من تولي الرئاسة أكثر من ولايتين رئاسيتين. كما أكّد الباحث أنّ الدولة الموريتانية قد تمكنت من خلق اقتصاد متنوع، يجمع بين استغلال المواد الأولية (الحديد، والنحاس، والذهب)، والاستفادة من الثروة السمكية والحيوانية والزراعية. وهو ما كان له الأثر في تشكيل نواة الدولة وبناء مؤسساتها؛ حتى أنه لم يمنع إشكالية التنمية من أن تظلّ مطروحة، بفعل استمرار استشراء الفساد، وغياب الحكم الرشيد، وسيطرة نخبة قليلة على القرار السياسي والموارد الاقتصادية.

أما في الجلسة الخامسة عشرة والأخيرة من أعمال المؤتمر، فقدمت رويدة محمد عبد الوهاب فرح، المحاضرة ومنسقة الدراسات العليا بقسم العلوم السياسية بكلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية في جامعة الخرطوم، ورقة عنوانها "إشكالات تطبيق مؤشرات قياس الدولة الفاشلة: السودان نموذجًا (2005-2020)". وتناولت فيها مؤشر الدولة الفاشلة/ الهشّة وقياسه على واقع الدولة السودانية بطريقة نقدية، من دون أخذ تصنيفات المراكز البحثية الأميركية بوصفها مسلمات، طارحةً السؤال إن كان السودان دولة فاشلة كما تصنفه بعض المراكز البحثية الأميركية، وإن كان التغيير الذي يحدث في السودان منذ كانون الأول/ ديسمبر 2018 يسهم في تغيير نظرة المؤسسات العالمية إلى قياس هشاشة الدول. وخلُصت الباحثة إلى أنه على الرغم من أنّ الدولة حققت معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، ومن الجوانب الإيجابية للثورة، فإنّ ذلك لم ينعكس على بنية الدولة، بل صارت أضعف بسبب تمدد القوات ذات الطابع الميليشياتي، على نحوٍ يعني أنّ الطريقة التي يتم بها تطبيق مقاييس الدولة الفاشلة على السودان لا تعكس حالته كما تتمثل في الواقع التجريبي، وأنّ ترتيبه على الدوام بين الدول الفاشلة يعتمد على طبيعة السياسة الخارجية تجاه السودان.

وقدم مجد أبو عامر، الباحث المساعد في المركز العربي، ورقة في ختام أعمال المؤتمر عنوانها "الدولة العربية المعاقة: فشل البناء أم بناء الفشل؟". وقد أبرز الباحث فيها أنّ الدولة في العالم العربي صاحبها، منذ ظهورها، جدال بشأن مسار تشكّلها: إن كانت دولةً - أمّة، أو حتى إن كانت "عربية" بمعيار الأصالة، أو تقوم بالوظائف المنوطة بالدولة الحديثة. وعلى خلاف النظريات والمفاهيم التي تدرس فشل الدول، يذهب إلى أنّ "الدولة العربية" ليست دولة فاشلة بالمعنى الذي برز مع حالة الصومال عام 1993، إنما تقع في منطقة رمادية بين "الدولة الفاشلة" و"الدولة". وبناءً عليه، فهو يقترح مقاربةً نظرية جديدة لبحث أنماط فشل "الدولة العربية" تقع في ثلاثة مستويات: أولًا، تعاني الدولة العربية فشلًا في البناء، نتج من إقصاء الأمّة من سيرورة بناء الدولة؛ حيث احتكرت الطبقة الحاكمة العنف من دون إدماج المجتمع سياسيًا. ثانيًا، إشكالية النظام الدولاني، أي تحوّل النظام من كونه يندرج تحت إطار الدولة إلى نظام - دولة، مما يلغي تراتبية مكوّنات الدولة الرئيسة؛ الدولة والنظام والحكومة، وفي ذلك ينتج/ يعيد إنتاج الأنماط المختلفة من الفشل، في الشرعية، أو المواطنة/ الهوية الوطنية، أو السيادة، أو التنمية، أو مشاركة المجتمع السياسية. ثالثًا، تنتج إشكالية الدولة المعاقة بتضافر المستويين السابقين، مما يجعل الدولة تحافظ على بقائها وحدودها، أمّا داخليًا فلا تكون دولة - أمّة، وتواجه خللًا في تأدية مهماتها الرئيسة وأزمة في شرعيتها.

وفي ختام أعمال المؤتمر، قدّم الدكتور فهمي جدعان، رئيس لجنة "الجائزة العربية لتشجيع البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية" حصيلتها لهذه الدورة، وأعلن أنّ اللجنة قرّرت حجب الجائزة في دورتها الثامنة لمجموعةٍ من المسوّغات قام باستعراضها.

ثم تحدث المدير العام للمركز العربي، الدكتور عزمي بشارة، عن دور المركز في تشجيع البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، سواء من خلال الجائزة العربية أو غيرها من برامج المركز، داعيًا الباحثات والباحثين لتقديم مشاريعهم البحثية للمركز. ثم قدّم موضوع الدورة التاسعة لمؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية وللجائزة العربية لتشجيع البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، وهو "الثقافة السياسة"، داعيًا للإسهام في هذه الدورة التي سيجري الإعلان عن الدعوة للكتابة فيها، وعن ورقتها الخلفية، قريبًا على موقع المركز العربي وعلى وسائط تواصله الاجتماعي.