اختتم مؤتمر "إيران والتوجّه شرقًا"، الذي نظّمته وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أعماله يوم الخميس 7 أيلول/ سبتمبر 2023. وكانت جلسات اليوم الأول قد ركّزت، في 6 أيلول/ سبتمبر 2023، على الإطار المفاهيمي لسياسة إيران في التوجّه شرقًا وتأثيرها في العالم العربي، وعلاقات إيران بروسيا.
بدأ اليوم الثاني من المؤتمر بالجلسة الرابعة التي أدارتها عائشة البصري، والتي تناولت دور الصين في سياسة إيران والتوجّه شرقًا، والاستجابة الصينية لنهج الاتجاه شرقًا الذي تعتمده إيران. تطرّق جوناثان فولتون، أستاذ مشارك في جامعة زايد في أبوظبي، إلى العلاقات الثنائية بين الصين وإيران، وبحث في الأسس المعيارية للشراكة الصينية - الإيرانية وما يعنيه هذا للنظام، في الخليج وخارجه. ورأت نيلوفر باقرنيا، باحثة في الجامعة الوطنية الأسترالية، أنّ الشؤون الداخلية أثّرت في عملية تحوّل إيران نحو الصين، إلّا أنّ هيكلية النظام الدولي ومنطقة الشرق الأوسط أثّرا تأثيرًا كبيرًا في خيارات السياسة الخارجية الإيرانية. وناقش ديغانغ صن، أستاذ في جامعة فودان في الصين، اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين الصين وإيران مدّتها 25 عامًا، وأضاف أنّ النظام الدولي، الذي يهيمن عليه الغرب، قد أخذ يتراجع ليحلّ محلّه نظام مختلط تؤدي فيه معًا دول الشمال وبلدان الجنوب أدوارًا رئيسة. وشرحت جيانوي هان، أستاذة مشاركة في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، العلاقات بين الصين وإيران من منظور الدبلوماسية الصينية، من خلال استخدام نهج إطار مجتمع الشركاء لتحليل تصوّر الصين واستجابتها لسياسة إيران في التوجّه شرقًا.
وفي الجلسة الخامسة بعنوان "إيران والهند وماليزيا"، التي أدارها ستيفن رايت، بحثت تشوتشو زانغ، أستاذة مشاركة في جامعة فودان في الصين، في تطوّر عملية انخراط الصين والهند في الشرق الأوسط، بخاصة تفاعلاتهما مع إيران، وما يعنيه ذلك بالنسبة إلى المشهد الجيوسياسي في المنطقة. وتناولت ديبيكا ساراسوات، باحثة في معهد مانوهار باريكار للدراسات والتحليلات الدفاعية، التحوّل الذي طرأ على سياسة إيران في التوجّه شرقًا، وفكرة إيران عن العلاقات الإقليمية، والكيفية التي أعادت فيها رؤيتها للتكامل الإقليمي وضع العلاقات بين الهند وإيران في السياق المناسب. أما روينا عبد الرزاق، وهي محاضرة في جامعة كوين ماري في لندن، فقد استعرضت العلاقات الماليزية - الإيرانية، وناقشت دور السياسيين الماليزيين والإيرانيين، وكيفية أنّ العلاقات بين الطرفين حافظت على استقرارٍ نسبيٍّ على الرغم من التوترات الشيعية السنية والضغوط الخارجية.
كانت "إيران وآسيا الوسطى وجنوب القوقاز" عنوان الجلسة السادسة التي أدارها عمر عاشور. في هذه الجلسة، ناقشت بنفشه كي نوش، باحثة في معهد الشرق الأوسط، النزاعات في الممرّ الشمالي لإيران، وتداعياتها على سياستها في التوجّه شرقًا. ورأت أنّ عملية تحويل النزاعات في الممرّ الشمالي إلى فرص تتطلّب حسابات استراتيجية على إيران العمل على بلورتها. ولا شكّ في أنّ غياب سياسة "التوجّه شمالًا" الضرورية لاستكمال سياسة إيران في "التوجّه شرقًا"، قد أدّى إلى انتكاسات كبيرة في السياسة الخارجية الإيرانية. وتناول بيرم سنكايا، أستاذ مشارك في جامعة أنقرة يلدريم بيازيد، العلاقات الإيرانية - الأذربيجانية في ظل التحدّي القومي التركي، وأكّد أن التصورات الإيرانية والردود على هذه العقبة ستؤثّر في مستقبل مركّب الأمن الإقليمي في جنوب القوقاز وآسيا الوسطى. واستعرض حسام حبيبي دوروه، من جامعة العلوم التطبيقية في فيينا، الأساس المنطقي الضمني لسياسة إيران الأمنية تجاه تركمانستان، من أجل توفير فهمٍ أفضل للنهج الأمني الذي تتّبعه إيران على نطاقٍ أوسع في سياسة التوجّه شرقًا، في ظلّ ديناميات إقليمية جديدة. أما جودت بهجت، أستاذ في جامعة الدفاع الوطني، فبحث في علاقات إيران بالقوى الكبرى في جنوب القوقاز – أرمينيا وأذربيجان – إضافةً إلى إسرائيل وتركيا وروسيا والقوى الغربية.
تناولت الجلسة السابعة من المؤتمر، التي أدارتها آيات حمدان، بعنوان "الاقتصاد والعقوبات والتجارة وقطاع الطاقة"، تأثير سياسة إيران في التوجّه شرقًا في الاقتصاد وقطاع الطاقة، فضلًا عن الخطر الذي تشكّله العقوبات على علاقات إيران التجارية بالدول الآسيوية. سلّطت زهرة كريمي، أستاذة مشاركة في جامعة مازندران في إيران، الضوء على تأثير سياسة إيران في التوجّه شرقًا في اقتصادها، من خلال إجراء استطلاع رأي استهدف روّاد الأعمال ورجال الأعمال الإيرانيين، بالتعاون مع غرفة التجارة الإيرانية. أما كريم إسلاملويان، أستاذ في جامعة شيراز في إيران، فركّز على علاقات إيران التجارية ببلدان جنوب آسيا وشرقها، ورأى أنه في حين أنّ النزاع بين إيران والغرب المتجذّر في العقوبات الاقتصادية من شأنه أن يُسرّع توجّه إيران نحو الشرق، غير أنه ليس المحرّك الوحيد لسياسة التوجّه شرقًا. في حين شدّد سايروس أشاييري، خبير تكنولوجيّ أوّل في شركة Beyond Limits، على أنه في إطار سياسة التوجّه شرقًا يمكن أن تعزّز إيران أمنها في مجال الطاقة من خلال الاستفادة من الممارسات التي تتبنّاها رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في مجال الطاقة المستدامة.
أما الجلسة الثامنة، وهي الأخيرة في المؤتمر، فأدارها عماد قدورة، بعنوان "مخاطر سياسة التوجّه شرقًا وتحدياتها". تناول محمود مونشيبوري، أستاذ في جامعة سان فرانسيسكو الحكومية، وجواد حيران نيا، من مركز البحث العلمي والدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في إيران، مخاطر سياسة إيران في التوجّه شرقًا، وأوضحا أنّ علاقات إيران بالصين قد لا تنقذها من عزلتها التي فرضها الغرب عليها، ومن المرجح أن يتضاعف اعتماد طهران على روسيا بسبب سياستها في التوجّه شرقًا. ورأت شيرين هانتر، من جامعة جورجتاون، أنّ العقبة الأساسية أمام استراتيجية إيران في التوجّه شرقًا تمثّلت في علاقاتها المتوتّرة مع الولايات المتحدة وعقوبات الأخيرة عليها.
توجّه مهران كامرافا، في ملاحظاته الختامية، بالشكر إلى الباحثين المشاركين والحاضرين ومنظّمي المؤتمر، وعرض ملخصًا للنتائج الرئيسة التي تمخّضت دراسات المؤتمر عنها، مسلّطًا الضوء على جذور سياسة إيران في التوجّه شرقًا وتداعياتها، فضلًا عن التحديات والفرص التي تتيحها هذه السياسة، في هذا الصدد، للجمهورية الإسلامية.