بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد السابع والأربعون (شتاء 2024) من دورية عمران للعلوم الاجتماعية، وتضمّن دراسات متنوعة المواضيع عن الفترة الانتقالية في السودان بعد انتفاضة كانون الأول/ ديسمبر 2019، والحركات الاحتجاجية في فلسطين والمغرب، والحياة اليومية للمهاجرين الغينيين العالقين في المغرب، ومراجعة نقدية للمُنجز البحثي الأنثروبولوجي المتعلق بالمجتمع العُماني، إضافةً إلى دراسة مترجمة عن المواطنة في سياق كولونيالي استيطاني، ومراجعتَين لكتابين.

استُهِلّ العدد بدراسة لحسن الحاج علي أحمد، عنوانها "فترة انتقالية مضطربة: تحولات التحالف الهجين في السودان"، تُحلل الاضطرابات التي أصابت الفترة الانتقالية في السودان بعد انتفاضة كانون الأول/ ديسمبر 2019، من خلال التركيز على التحوّلات التي طرأت على التحالف الذي تكوّن لإدارة الفترة الانتقالية، مؤلفًا من ثلاثة "أضلاع"، هي: المكون العسكري بشقيه القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، والمكون المدني، والحركات المسلحة. وتفترض الدراسة أن هذا التحالف كان هجينًا وأنه مَرَّ بتحولات تمثلت في انشقاقات وتكوين تحالفات جديدة أو إعادة إنتاج تحالفات، وأن هذه التحولات قد أسهمت في عدم استقرار الفترة الانتقالية؛ إذ غلبت ديناميات السياسة التنازعية على العملية السياسية.

أما دراسة نوار بدير ورشاد توام، "القانون بوصفه حلقة مفرغة: الاحتجاجات المجتمعية ضد الحكومة الفلسطينية في الضفة الغربية"، فركزت على بحث الحراكات المجتمعية الاحتجاجية المطالبة بإصلاحات ديمقراطية، شهدتها الضفة الغربية، في ظل عدم تمكّن السلطة الفلسطينية من تبني نموذج مؤسساتي وطني مُقنع شعبيًا، وقد راوحت مطالبها بين إسقاط تشريعات قانونية أو تعديلها. وتُبيّن الدراسة كيفية تمكُّن السلطة التنفيذية من الالتفاف على تلك المطالب بمباغتتها بأدوات قانونية جديدة.

وقدّمت دراسة عز الدين الفراع وكارولين بربري، "الحركات الاجتماعية والاحتجاجات المغربية في سياق الثورات العربية: ديناميات الهوية وتحولات السلطوية"، مقاربة لتحليل ديناميات الحركات الاجتماعية والاحتجاجات في الأزمنة الثورية، اعتمادًا على التنظيرات السوسيولوجية النقدية من جهة، والدراسة الطولية لسير بعض الناشطين المغاربة الذين شاركوا في الاحتجاجات الناتجة من هذه الحركات من جهة أخرى. وفي ذلك، جادلت الدراسة بأن الاحتجاجات الاجتماعية في المغرب لا تنفصل عن الثورات المتواصلة التي تشكّلت بهدف تغيير بنى سلطوية متحوّلة، وأبرزت كيفية تفاعل وتقاطع بعض الحركات الاجتماعية والحراكات الاحتجاجية المغربية مع الصيرورة الثورية التي تعيشها المنطقة العربية.

وفي السياق ذاته، سعت دراسة رجاء جيئزاوي "الحركات الاحتجاجية الشبكية في المغرب: الفضاء الرقمي مجالًا لتشكل الخطاب المطلبي للهامش"، إلى الكشف عن دور وسائل التواصل الاجتماعي، بوصفها أدوات مقاومة، في اندلاع الموجة الثانية من "الربيع المغربي"، التي تجسدت في الحراك الاجتماعي الذي شهدته مجموعة من مناطق المغرب منذ عام 2016، وذلك من خلال بحث أشكال الاحتجاج الرقمي وآلياته - وهو احتجاج ابتدعه الشباب بالمغرب - وكيفية توظيف التكنولوجيا الجديدة في الحشد والتعبئة.

ويُختم باب "دراسات" في هذا العدد بدراسة ليسرى بنجعة عنوانها "وضعية البينية في الحياة اليومية لدى المهاجرين من جنوب الصحراء: حالة مهاجري غينيا كوناكري"، وفيها تتناول تجارب الحياة اليومية للمهاجرين الغينيين العالقين في المغرب، وتبيّن أن المهاجر الغيني يعيش وضعية بينية أُدرج فيها بسبب انحصاره في المجتمع المغربي مدةً يصعب التنبؤ بموعد انتهائها، وهي وضعية يكون فيها المهاجر فاقدًا لهوية ووضعية اجتماعية معرّفتين في مقابل عدم اكتسابه وضعية جديدة تنتهي بتحقيقه للاندماج.

أمّا باب "مناقشات"، فتضمّن ورقة بعنوان "داون شاتي وماندانا لمبرت والدراسات الأنثروبولوجية في سلطنة عمان" لعثمان محمد عثمان علي والطاهر سعود، هدفت إلى تقديم مراجعة نقدية للمُنجز البحثي الأنثروبولوجي المتعلق بالمجتمع العُماني، ممثلًا في حزمة من الدراسات التي أجرتها الأنثروبولوجيتان الأميركيتان داون شاتي وماندانا لمبرت، وهو ما أتاح أيضًا تتبع بعض ملامح الدرس الأنثروبولوجي الأميركي الذي يركز على الجنوب العالمي إجمالًا، والشرق الأوسط تحديدًا.

وفي باب "ترجمة"، نقرأ ترجمة عومرية سلطاني لدراسة أريج صباغ - خوري "المواطنة الاقتلاعية: تناقضات المواطنة الكولونيالية الاستيطانية"، التي تناقش فيها التناقض المزدوج الذي تشتمل عليه المواطنة في السياقات الكولونيالية الاستيطانية، من خلال تناول حالة المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل؛ إذ تنظّم هذه المواطنة بعض الحقوق وسبل التنقل، لكنها في الوقت نفسه تحبس السكان الأصلانيين في بنية يكون فيها التراكم المتكرر مكونًا أساسيًا، لترسّخ نتيجةً لذلك سلبَ الملكية، ومزيدًا من فقدان الحقوق الجماعية والمطالبات الأخرى.

أخيرًا، اشتمل باب "مراجعات الكتب" على مراجعة عزة شرارة بيضون لكتاب المقاومة الجندرية، وهو لمجموعة مؤلفين، ومراجعة ياسين حكان لكتاب الهجرات النسائية الجديدة في أفريقيا: المحددات والديناميات لرشيد بن بيه.

أمّا لوحات العدد، فهي للفنان التشكيلي السوري غيلان الصفدي، وهي تُمثّل جزءًا من معرضه "لكل وجهٍ حكاية"، في غاليري آرت أون 56، في بيروت.


** تجدون في موقع دورية "عمران"  جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.