العنوان هنا
تقييم حالة 26 فبراير ، 2020

دور المجمع الانتخابي في انتخاب الرئيس الأميركي

وحدة الدراسات السياسية

هي الوحدة المكلفة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بدراسة القضايا الراهنة في المنطقة العربية وتحليلها. تقوم الوحدة بإصدار منشورات تلتزم معايير علميةً رصينةً ضمن ثلاث سلسلات هي؛ تقدير موقف، وتحليل سياسات، وتقييم حالة. تهدف الوحدة إلى إنجاز تحليلات تلبي حاجة القراء من أكاديميين، وصنّاع قرار، ومن الجمهور العامّ في البلاد العربية وغيرها. يساهم في رفد الإنتاج العلمي لهذه الوحدة باحثون متخصصون من داخل المركز العربي وخارجه، وفقًا للقضية المطروحة للنقاش..

مقدمة

يسود اعتقاد أن الولايات المتحدة الأميركية جمهورية ديمقراطية، يحمي دستورها حق الفرد في اختيار ممثليه، من الدائرة والمقاطعة المحلية حتى أعلى منصب وطني. ولكن عملية انتخاب الرئيس تنحرف جذريًا عن المبدأ الديمقراطي الأساسي المتمثل في إجراء انتخابات مباشرة لصالح مسار تدريجي غير مباشر. فهذه العملية المؤلفة من مرحلتين تسلب النظام السياسي الأميركي، جزئيًا على الأقل، تلك الميزة الأساسية للتمثيل الديمقراطي، وهي الانتخابات المباشرة. وفي الواقع، كأن جمهور الناخبين العام في حاجة إلى وسيط ليعبر عن رأيه الحقيقي في الشخص الذي يقود البلاد، مدة أربع سنوات عادةً، تُجدد في كثير من الأحيان أربع سنوات أخرى.

الانتخابات الرئاسية عن طريق المجمع الانتخابي

تنص المادة الثانية من دستور الولايات المتحدة على انتخاب الرئيس الأميركي[1]. ويُنتخب رئيس ونائب رئيس كل أربع سنوات، وفقًا لعملية أقرها في البداية المؤتمر الدستوري في عام 1787، وقد عُدلت لاحقًا في التعديل 12 للدستور الذي أُقر في عام 1804[2]. ويسمح التعديل 22 للدستور[3]، الذي أقره الكونغرس في عام 1947، والذي قامت الولايات المتحدة بتصديقه في عام 1952، للرئيس بالترشح دورتين فقط، مجموعهما ثماني سنوات. وفي حال شغور منصب الرئاسة لأي سبب من الأسباب (وفاة، أو عجز، أو استقالة، أو عزل، أو إقالة)، يتولى الرئاسةَ نائبُ الرئيس حتى نهاية ولايته. وينتمي الرئيس ونائبه، عادةً، إلى الحزب السياسي نفسه، حتى لا يحدث تغيير جذري في سياسة الإدارة العامة. ولكن في الواقع، حاول نواب الرئيس الذين أصبحوا رؤساء أن يرسموا مسارَ سياسات خاصًا بهم مع الالتزام بالتوجه العام للحزب.

إذا تولّى نائب الرئيس منصبه وأنهى فترة ولاية الرئيس السابق، يمكنه الترشح مرةً أخرى للمنصب؛ مرةً واحدة إذا تولى المنصب قبل منتصف فترة ولاية الرئيس السابق، ومرتين إذا تولاه بعده. ومثال ذلك الرئيس ليندون جونسون (الرئيس السادس والثلاثون، 1969-1963) الذي تولى المنصب في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1963 بعد اغتيال الرئيس جون كينيدي. وقد بدأ جونسون ولايته نائبًا للرئيس كينيدي في 20 كانون الثاني/ يناير 1961. وبحلول 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1963، كان كينيدي قد أمضى أكثر من نصف فترة ولايته التي كانت ستنتهي في 20 كانون الثاني/ يناير 1965. ترشح جونسون للرئاسة في عام 1964، وفاز، وظل في منصبه حتى 20 كانون الثاني/ يناير 1968. وفي عام 1968، مع اشتداد موسم الانتخابات الرئاسية، ألغى طوعًا ترشحه لولاية رئاسية أخرى، وحصل سباق رئاسي في تشرين الثاني/ نوفمبر 1968 بين الجمهوري ريتشارد نيكسون والديمقراطي هيوبيرت همفري فاز به نيكسون الذي استقال من منصبه في عام 1974 بعد فضيحة ووترغيت.

في يوم الانتخابات، الذي عادةً ما يكون أول يوم ثلاثاء من تشرين الثاني/ نوفمبر، يدلي الناخبون المؤهلون (جميع المواطنين ذكورًا وإناثًا ممن أتموا ثمانية عشر عامًا وفقًا للتعديل 26 المتعلق بالدستور الذي أقره الكونغرس وقامت الولايات بتصديقه في عام 1971) بأصواتهم للمرشحين المتنافسين على منصبي الرئيس ونائب الرئيس[4]. ويجري فرز الأصوات على مستوى الولاية، وليس على المستوى الوطني؛ ما يجعل هدف الفوز في الولايات الفردية هو الشاغل الأساسي للمرشحين، وهي في الحقيقة عملية تعطي الفائز كل شيء. فعلى سبيل المثال، لو افترضنا أن عدد الأصوات المُدلى بها في الولاية هو 100 صوت، فإن الفائز في تلك الولاية هو الشخص الذي يحصل على أغلبية مجموع الأصوات أو الأكثرية. وإذا تنافس مرشحان، فإن الأغلبية هي 51 صوتًا. وإذا تنافس أكثر من مرشحَين، يكون الفائز هو صاحب أكبر عدد من الأصوات.

وفي ليلة الانتخابات، تفرز كل ولاية أصواتها. والفائز هو الشخص الذي يحصل على أغلبية/ أكثرية إجمالي عدد أصوات الناخبين في الولاية. ويمنح الفوز بهذه الأغلبية/ الأكثرية المرشح جميع أصوات الولاية في المجمع الانتخابي، المسؤول عن الانتخاب المباشر للرئيس ونائب الرئيس، وفقًا للفقرة الأولى من المادة الثانية من الدستور. وعدد الناخبين في الولاية هو مجموع عدد ممثليها في مجلس النواب، إضافة إلى نائبيها في مجلس الشيوخ؛ أي عضوين لكل ولاية. ولا توجد ولاية لديها أقل من ثلاثة أصوات انتخابية (ممثل عن مجلس النواب، وممثلان من أعضاء مجلس الشيوخ). وتُعد ولاية كاليفورنيا الأكبر أهميةً لأنها تضم أكبر عدد من الناخبين (53 عضوًا في مجلس النواب، وعضوان في مجلس الشيوخ)؛ كونها أكثر الولايات الخمسين سكانًا (يمثل عضو مجلس الشيوخ الولاية بأكملها، بينما يمثل عضو مجلس النواب نحو 710 آلاف نسمة في دائرة انتخابية وفقًا لتعداد الولايات المتحدة عام 2010[5])، ولكن يجب أن يكون للولاية ممثل واحد على الأقل مهما كان عدد سكانها). ويكون لدى سبع ولايات ثلاثة ناخبين فقط (ألاسكا، وديلاوير، ومونتانا، وداكوتا الشمالية، وداكوتا الجنوبية، وفيرمونت، ووايومنغ)[6].

يبلغ العدد الإجمالي للناخبين في المجمع الانتخابي 538 ناخبًا (535 من الولايات وثلاثة ناخبين من مقاطعة كولومبيا؛ العاصمة واشنطن دي سي)[7]. ويتطلب الفوز بالرئاسة 270 صوتًا انتخابيًا على الأقل، أي نصف مجموع الأصوات زائدًا صوتًا واحدًا. ولا يُعلن الرئيس فائزًا مؤقتًا في ليلة الانتخابات إذا حصل على أغلبية أصوات الناخبين في جميع أنحاء البلاد، بل إذا حصل على 270 صوتًا على الأقل من أصوات المجمع الانتخابي من الولايات التي يفوز بها. ولكن يبقى إعلان الفائز في ليلة الانتخابات غير رسمي إلى حين اجتماع ناخبي المجمع بعد الانتخابات في ولاياتهم (في يوم محدد مسبقًا لجميع الولايات) وإدلائهم بأصواتهم لمنصب الرئيس. ومن المفترض أن يصوّت عضو المجمع الانتخابي للمرشح الذي فاز بأغلبية الأصوات الشعبية في ولايته. غير أن هذه القاعدة خُرقت في مناسبات عدة كان آخرها في عام 2016[8]،...





[1] “Article II,” The Constitution of the United States, the Bill of Rights and All Amendments, accessed on 30/8/2019, at: https://bit.ly/2KUotXq

[2] Sanford Levinson, “Common Interpretation: The 12th Amendment,” The National Constitution Center, 14/12/2016, accessed on 30/8/2019, at: https://bit.ly/2n1Nsxf

[3] “22nd Amendment, Two-Term Limit on Presidency,” The National Constitution Center, accessed on 18/8/2019, at: https://bit.ly/2e0H3vF

[4] “26th Amendment: Right to Vote at Age 18,” The National Constitution Center, accessed on 31/8/2019, at: https://bit.ly/2dNDxYa

[5] Kristin D. Burnett, “Congressional Apportionment: 2010 Census Brief,” US Department of Commerce, United States Census Bureau, November 2011, p. 1, accessed on 31/8/2019, at: https://bit.ly/1YWQGKN

[6] Ibid., p. 2.

[7] لا تتمتع واشنطن العاصمة بوضع الولاية، لكن التعديل 23 بشأن الدستور، الذي أقر عام 1960 وتمّ تصديقه في عام 1961، منحها ثلاثة أصوات في المجمع الانتخابي، كأي ولاية صغيرة أخرى في الاتحاد تمامًا. يُنظر:

“23rd Amendment: Presidential Vote for D.C.” The National Constitution Center, accessed on 31/8/2019, at: https://bit.ly/2edoaEd

[8] Trip Gabriel, “Electoral College Members Can Defy Voters’ Wished, Court Says,” The New York Times, 22/8/2019, accessed on 31/8/2019, at: https://nyti.ms/2TXQW0d