مقدمة
"حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين حركة إسلامية فلسطينية مقاتلة تبلورت تنظيميًا في مطلع الثمانينيات داخل فلسطين المحتلة"، بهذه الكلمات حدّد فتحي الشقاقي، مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وأمينها العام الأول (1992-1995) طبيعة الحركة ومرجعيتها الفكرية وأدواتها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي؛
وهو ما التزمت به منذ تأسيسها عام 1981 وحتى اللحظة، مع التأكيد أن أنشطة الحركة لا تقتصر على "القتال"؛ هذا المفهوم التحليلي الذي يمكن من خلاله قراءة سياسات الحركة واستراتيجياتها تجاه الواقع الفلسطيني وخارجه، بل هي أيضًا "إسهام فكري متجدد على الساحة الإسلامية عامة والفلسطينية خاصة". وإن كان هذا الإسهام في حاجة إلى نقاش، نظرًا إلى ما تعيشه الحركة من ضمور في هذا الجانب وصل حدّ التلاشي، منذ أن تسلّمها الأمين العام الحالي زياد النخالة (2018-).
تنطلق رؤية الحركة المتعلقة بفلسطين من شعارها الاستراتيجي "القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للحركة الإسلامية"، وهو ما بنت عليه رؤيتها "القتالية" التي انطلقت من منظومتها الأيديولوجية المبنيّة في أساسها على "المقاتلة". ولذلك، جميع الأفكار داخل هذه المنظومة في خدمة هذا الهدف. وقد تعاملت الحركة مع هذا الهدف الممارساتي بكونه لا يعمل على مواجهة إسرائيل فقط بهدف إزالتها من الوجود، بل تتعامل معه على أنه "فعل تغييري" داخل المجتمع من خلال الالتزام برؤية نضالية اعتراضية تنطلق من فهم الإسلامي منهجًا ثوريًا، تجمع جميع القوى الإسلامية والوطنية والقومية في صيغة تحالفية، تعمل على إيجاد حاضنة للفعل القتالي، وتحمي المجتمع وتغيّره في اتجاه الوقوف خلف هذا الفعل. حدّد الشقاقي حالة "القتال" هذه آليةً اعتراضية وهدفًا نهضويًا. وطبّقها تنظيميًا الأمين العام الثاني للحركة رمضان شلح (1995-2018)، الذي دعا إلى تشكيل "التنظيم المقاتل"، وأنشأ "سرايا القدس" (2000)، الجناح العسكري للحركة، لتكون حاملةً لهذا الفعل القتالي وتمارسه.
تتساءل الورقة على نحوٍ نقدي: كيف نفهم انخراط حركة الجهاد الإسلامي في معركة طوفان الأقصى؟ وهل غيّرت المعركة العلاقات بين الجهاد الإسلامي وحماس على المستويين السياسي والعسكري؟ وكيف نقيّم الخطاب الإعلامي للحركة من جهة، وأداءَها القتالي من جهة أخرى؟ وما مستقبل الحركة بعد الحرب؟ وهل هو مرهون بمستقبل حماس بالضرورة؟