العنوان هنا
مراجعات 03 مايو ، 2021

مراجعة كتاب "الإنسان والعمران: رسالة في تدهور الأنساق في المدينة العربية"

الكلمات المفتاحية

بلال بازي

​باحث في الفلسفة، من المغرب، حاصل على شهادة الإجازة في الفلسفة من جامعة عبد المالك السعدي بتطوان في المغرب، وعلى شهادة الماجيستر في الفلسفة من معهد الدوحة للدراسات العليا في قطر.

عنوانالكتاب: الإنسان والعمران: رسالة في تدهور الأنساق في المدينة العربية.

المؤلف: إدريس مقبول.

الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

مكان النشر: الدوحة/ بيروت.

سنة النشر: 2020.

عدد الصفحات: 224 صفحة.


صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الإنسان والعمران: رسالة في تدهور الأنساق في المدينة العربية، للكاتب المغربي إدريس مقبول، وهو يقدم قراءة جديدة للمدينة العربية، محدّدًا العلاقة القائمة بين العمراني واللساني والاجتماعي. ويبحث الكتاب عدة ظواهر اعتبرها مؤشرًا دالًّا على مرض المدينة العربية وحياتنا المدنية، وهو الأمر الناتج بالضرورة من الإقبال غير المخطط له على المدينة، والعمل والإقامة فيها.

يحلّل الكتاب أمراض المدينة العربية، معتبرًا أنها تمرّ بوضع غير صحي وتحتاج إلى تنظيم، ومؤكدًا أن قدرتنا على تنظيم كينونتنا المعنوية والرمزية مرتبطة بتنظيم وجهها المادي والعمراني.

يقوم هذا الكتاب على سبعة فصول موزعة على قسمين، إضافة إلى قائمة الجداول والأشكال والصور. ويتناول أعراض مرض التمدن من خلال العلاقة المرآوية بين الإنسان والعمران واللسان، معتقدًا أن هذه الأعراض الناتجة من غياب الانسجام والتوافق "تظهر على مستوى الهوية الإنسانية عنفًا واستبعادًا وميزًا حضريًا، وعلى مستوى الهوية العمرانية تلوثًا بصريًا وتشوهات مجالية، وعلى مستوى الهوية اللسانية اغترابًا وتفككًا لغويًا واضطرابًا تواصليًا" (ص 14).

تتناول هذه الدراسة التشريحية والتشخيصية للمدينة العربية، والعابرة للتخصصات، كيفية اتصال العمراني بالإنساني في المدينة، محاوِلة إعادة تنظيم حياتنا المدنية والتطلع إلى المستقبل. إنه حديث عن إمكانية استيعاب المدينة العربية الحديثة لتناقضات الإنسان في الزمان والمكان، والحفاظ على هوية ساكنيها. ربما تكون هذه فرصة لتقييم التغييرات التي حدثت في المدينة التي نعتقد أننا نعرفها جيدًا، لكنها تفاجئنا في الروتين اليومي الذي يسود أحياءنا. هذه التغييرات تتناقض مع الصور التي تُبثّ على شاشة التلفاز، والتي نراها في الأفلام.

يبحث المؤلف في القسم الأول من الكتاب "من سيميولوجيا التدفق إلى سوسيولوجيا العزلة"، العمارة باعتبارها كائنًا تاريخيًا متطورًا رافق الإنسان عبر الزمن، وهي، علاوة على ذلك، نسيج من العلامات، وفضاء من التدفقات. فالعلامة، كما يشير إلى ذلك الكاتب، هي قعر الثقافة وسطحها ووعاؤها، إنها المنتج الثقافي الأكثر وجودًا في المحيط الإنساني.

يربط الكتاب بين البنى التي هي الموضوع الرئيس فيه؛ بنية الإنسان باعتبارها تجسيدًا للإرادة المتعالية في التاريخ، وبنية العمران باعتبارها تجسّد الامتداد الجمالي في الفراغ، وبنية اللسان وهي تجسد الرؤية الرمزية للوجود. إنّ فساد بنية من هذه البنى يستتبعها بالضرورة فساد سائرها، وهذا الترابط يتجلى في أن العمران واللسان ينعكسان على ثقافة الإنسان، والعمران تجسيد لإرادته.


* هذه المراجعة منشورة في العدد 35 من مجلة "تبيّن" (شتاء 2021، الصفحات 189-197)، وهي مجلة فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات وتُعنى بشؤون الفكر والفلسفة والنقد والدراسات الثقافية.

** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.