غلاف كتاب: معنى الحياة في العالم الحديث
مراجعات 12 مارس ، 2025

مراجعة كتاب: معنى الحياة في العالم الحديث لعبد الله بن عبد الرحمن الوهيبي

محمد عبد الرزاق حسين

باحث من جيبوتي متخصص في الإدارة العامة.

عنوان الكتاب: معنى الحياة في العالم الحديث.

المؤلف: عبد الله بن عبد الرحمن الوهيبي.

الناشر وتاريخ النشر: ابن النديم للنشر والتوزيع؛ دار الروافد الثقافية-ناشرون، 2024.

عدد الصفحات: 454 صفحة.

مقدمة

تُنتج معايشتنا للواقع الحديث المعاصر، بتعقيداته المتشابكة، أزمات مختلفة تطرح مجموعة من الأسئلة. وتُعتبر أزمة المعنى وأسئلتها التي تثيرها في مقدمة هذه الأزمات والأسئلة. ويلاحَظ أن أساس أزمة المعنى في الواقع المعاصر نتاجٌ للتغيرات الرئيسة في التاريخ الغربي الحديث، خاصة على المستويَين الإبستيمولوجي والأخلاقي، مع الأخذ في الاعتبار كذلك تَعلْمُن النظرة إلى الوجود على نحوٍ شبه كلي. وقد تزايدت أسئلة المعنى مع تزايد دواعي التمحور حول الحياة الشخصية، والاشتغال بالذات مع تأثير ما عُرف بـ "الثورة الفردانية الثالثة". في هذا السياق، يتنزل كتاب معنى الحياة في العالم الحديث لعبد الله الوهيبي، فهو يناقش النقاط المشار إليها بشيء من التفصيل، ويتكون من 9 فصول، إضافة إلى مقدمة ومدخل نظري وخاتمة.

يهدف الكتاب إلى دراسة جذور أزمة المعنى، وتتبّع خلفياتها التاريخية، ومن ثم دراسة التمظهرات والأشكال التي يسعى الفرد المعاصر من خلالها إلى أن يسبغ معنى معيّنًا على حياته. ويحاول تنظيم جوانب تفسيرية تساعد على فهم واقع الذات الحداثية، ومن ثم تتبّع علاقة هذه الذات الحديثة بأسئلة المعنى وأزماته.

ويبين الارتباط بين سؤال المعنى والإطار التفسيري للوجود الإنساني؛ فكلما استطاع الفرد معرفة الهدف من الوجود الإنساني من ناحية ومآله من ناحية أخرى، ساهم في اتضاح أسئلة المعنى في حياته. وهو ما يعني أن معنى الحياة وسؤال المعنى هما تفسير وجود الإنسان، والغرض من حياته، ودلالة أفعاله، ومعاناته كذلك. ويناقش الكتاب الأسئلة المتكررة التي تبرز مع غياب المعنى في حياة الفرد، خاصة تلك المتعلقة بأفعالنا اليومية الجزئية، وطبيعة علاقتها بأهداف الفرد الكلية، خاصة في ظل سياقات معيّنة، كالشعور بالملل والضجر، أو الألم والمعاناة، أو لحظة إدراكٍ لحقيقة الموت، أو فقد قريب أو حبيب.

ويؤكد المؤلف أن الأفكار والمنتجات الثقافية الغربية، التي تستهلكها المجتمعات في دول العالم المختلفة، تُعتبر نتاجًا لصيرورة ثقافية معيّنة. ويستند في تأكيد ذلك إلى إثبات تاريخانية هذه الأفكار والمنتجات الثقافية التابعة لها، وكونها نتاجًا لظروف تاريخية محددة، ومن ثم الانطلاق إلى هدم سطوة هذه الثقافة المعاصرة، وصولًا إلى إبراز خطورة الارتهان لمثل هذه السرديات التي تتسبب في تشكيل أعطاب روحية وهوياتية من دون وعي بأصلها أو بطبيعة تشكّلها. ولا يعني ما سبق نفي التشابه السياقي في بعض ملامحه بين المجتمعات العربية في لحظتها الراهنة والمجتمعات الغربية في لحظات بروز الدعوات الفردانية والخلاص الفردي، خاصة في الجوانب الاجتماعية والسياسية.



* هذه المراجعة منشورة في العدد 51 من دورية "تبيّن" (شتاء 2025)، وهي دورية فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا وتُعنى بالدراسات الفلسفية والنظريات النقدية.

** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.