العنوان هنا
تقييم حالة 14 فبراير ، 2013

العراق: الاحتجاجات وأزمة النظام السياسي

الكلمات المفتاحية

يحيى الكبيسي

يعمل مستشارًا في المركز العراقيّ للدراسات الإستراتيجية، وسبق له أن عمل باحثًا زائرًا في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى. حاصل على شهادة الدكتوراه في النقد الأدبي من جامعة بغداد. ونشر الكبيسي العديد من الدراسات والمقالات العلمية في مجالات النقد الأدبي والعلوم السياسية والاجتماعية والقانونية وشؤون التربية والتعليم. وقد صدر له كتاب المقولات والتمثلات والأوهام ـ دراسة في النقد العربي الحديث (2009)، كما شارك في تأليف كتاب حالة العلوم الاجتماعية في الجامعات العراقية (2008) وكتاب مراجعات في الدستور العراقي (2006). كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية.

فشلت النخب السياسية العراقيّة في تسوية الإشكالات الأساسية التي فجّرها احتلال العراق في نيسان / أبريل 2003، حتّى بعد إقرار الدستور العراقيّ في عام 2005. وقد استمرّت هذه الإشكالات في إعادة إنتاج نفسها من خلال تمظهرات مختلفة عبر ما يمكن تسميته بسياسة "تدوير الأزمات". ويشهد العراق حاليًّا أزمة جديدة متمثّلة في الحراك الجماهيري في الجغرافيا السنّية (الأنبار، نينوى، صلاح الدين، ديالى، كركوك، بغداد)، والذي حدث على إثر مداهمة قوّةٍ من وزارة الداخلية مكاتب وزير الماليّة رافع العيساوي (أحد قادة القائمة العراقيّة)، الرسمية والشخصية، واعتقال ما بين 150 و200 من أفراد حمايته في يوم 20 كانون الأوّل / ديسمبر 2012. وهذه الأزمة هي تمظهر آخر من تمظهرات الأزمة الرئيسة المتمثّلة في طبيعة النظام السياسي الذي أنتجه دستور عام 2005، فهو دستور غير قابل للتطبيق والاستمرار لعواملَ ذاتيّة بحتة، وعاجز عن تقديم أجوبة عن الأسئلة أو الوقائع المستحدثة. ولم تنجح البدائل التكتيكية التي أوجدت من أجل إنتاج أنظمةٍ هجينة بدايةً من عام 2006 أن تتجاوز الأزمة البنيويّة التي يعاني منها هذا النظام. ولا سيّما أنّ المحاولات التي وُصفت بالتوافقيّة، من أجل الحفاظ على الوضع السياسي الهشّ اعتمادًا على ميزان القوى القائم - وليس على مبادئ مرجعيّة حاكمة يقبلها الجميع - لم تتحوّل إلى أعرافٍ سياسية ملزمة للأطراف السياسيّة الممثِّلة لمكوّناتٍ إثنيّة ومذهبيّة، ولم تتحوّل على الأقلّ إلى اتفاقات تحترمها الأطراف جميعًا. وكان الطرف الأميركيّ أساسًا، والدولي بصورةٍ أقلّ، العامل المساعد في الوصول إليها، انطلاقًا من رؤيةٍ أميركيّة تأسّست بعد الحرب الأهليّة عامَي 2006 و2007، تقوم على أنّ التدخّل الأميركيّ يجب أن يبقى في حدّه الأدنى، من دون أيّ محاولةٍ لفرض رؤى محدّدة، معتمدة على أنّ العمليّة the process نفسها ستنتج نموذجها الخاصّ، وهو ما لم يحدث.