طرائق البحث الاجتماعي الكمية

24 سبتمبر،2017
المؤلفون

ألّف باسم سرحان كتابه طرائق البحث الاجتماعي الكمية، وفي ذهنه إنتاج كتاب تدريس جامعي جيد وحديث باللغة العربية، للطلاب العرب، في مجال طرائق البحث الاجتماعي الكمية وأساليب التحليل الإحصائي للبيانات التي تنتجها تلك الطرائق. فتناول فيه تصميم بحث اجتماعي جيد وتنفيذه باستخدام أدوات تتلاءم مع موضوع البحث وهدفه.

يعدّ هذا الكتاب الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات (368 صفحة من القطع المتوسط، موثقًا) حصيلة مراجعة شاملة لمناهج البحث السوسيولوجي وطرائقه التي تدرّس حاليًا في أعرق الجامعات الغربية. وما يميزه من الكتب المماثلة بالعربية أنه ينظر إلى البحث الاجتماعي بوصفه عملية فكرية علمية وفنية متكاملة، تنطلق من المدارس الفلسفية المختلفة التي تحدد نظرتنا إلى العالم الاجتماعي وإلى الظواهر الاجتماعية، والتي بدورها تحدد طبيعة مقاربتنا دراسة هذا العالم والأدوات التي تستخدمها في دراسة تفاعلاته وعلاقاته الداخلية والتغييرات التي تطرأ عليها.

مصادر المعرفة

قسّم سرحان كتابه قسمين: القسم الأول، "الخلفية الفكرية الفلسفية"، وهو قسم المناهج الفلسفية والمدارس النظرية التي تحدد المسلمات والافتراضات التي ينطلق منها البحث العلمي، والقسم الثاني، "الجوانب الفنية لعملية البحث الاجتماعي"، وهو قسم فنّي متمثل بالطرائق والوسائل والأدوات التي نجمع بواسطتها بياناتنا ونحللها ونستخلص نتائجها ونتوصل إلى تعميمات علمية إمبريقية عن الظواهر المدروسة. ويقع القسمان في ثلاثة عشر فصلًا.

في الفصل الأول، "مصادر المعرفة عند البشر"، يتناول سرحان هذه المصادر، وهي التقاليد، لأنّها تنقل إلينا حكمة الأجيال السابقة، والسلطة المرجعية التي نستقي منها معلوماتنا عن العالم منذ طفولتنا، وأهمها الأهل والمعلمون ورجال الدين والسياسيون والأطباء والعلماء والباحثون والمؤرخون، والتجربة الشخصية بفهم حقيقة الأمور من خلال معايشتها أو ملاحظتها، والحس الباده المشترك بإدراك الأمور التي يعرفها معظم الناس والتي يمكن الجميع توقّعها وفهمها والحكم عليها، من دون الحاجة إلى دليل في شأنها أو جدال حولها، والعلم كونه معرفة تراكمية.

في الفصل الثاني، "البحث الاجتماعي"، يعرف سرحان البحث الاجتماعي بأنه "عملية تسعى إلى إنتاج المعرفة عن العالم الاجتماعي والإجابة عن أسئلة حوله، وتستخدم مجموعةً من الأساليب والأدوات. تتسم هذه العملية بالتصور والتخطيط المسبقين والتنظيم والانتظام، وتستخدم المنهج العلمي". ويورد أهداف البحث الاجتماعي مثل استطلاع الواقع الاجتماعي وتفسير الحياة الاجتماعية وتقويم حالة القضايا الاجتماعية وتأثيرها في المجتمع، والتوصل إلى حلول مجدية للمشكلات الاجتماعية. كما يتطرق إلى أنواع هذا البحث ومصادره.

في الفصل الثالث، "المنظورات الفلسفية (المدارس النظرية( ومنهجية البحث الاجتماعي"، يتناول المؤلف مناهج البحث الاجتماعي المختلفة: المنهج الوضعي ومنهج الفهم التأويلي والمنهج النقدي، وذلك من زوايا عدة، مثل الواقع الاجتماعي وطبيعة البشر وطبيعة العلم والغرض من البحث ونقده. ويقول إن علماء الاجتماع صاروا أشدّ حساسيةً تجاه تبعات نتائج بحوثهم، وهناك مدرستان: مدرسة ترى أنّ العلم غير أخلاقي وليس من مهمة العلماء التحقق من كيفية استخدام نتائج بحوثهم، ومدرسة ترى أنّ للباحث الحق في اتخاذ مواقف أخلاقية من كيفية استخدام نتائج بحثه.

أخلاقيات البحث وخطواته

في الفصل الرابع، "أخلاقيات البحث الاجتماعي"، يتناول الباحث المعايير الأخلاقية للبحث الاجتماعي وبياناته، وعلاقة الباحث بالمستجيبين، من حيث الأذى المحتمل، والموافقة الواعية والطوعية على نتائج البحث، والخداع الممكن، وأهمية احترام الخصوصية. كما يتناول علاقة الباحث بالباحثين الآخرين، واستخدامات نتائج البحث في العلم والمجتمع.

في الفصل الخامس، "خطوات البحث الاجتماعي"، يتناول سرحان مسائل تقنية مهمة، مثل اختيار موضوع البحث، ومصادر موضوعات البحث، والعوامل المؤثرة في اختيار الموضوع، وصوغ مشكلة البحث وفرضياته من أجل تحديد مصادرها ومعاييرها وأنواع الفرضيات؛ كالفرضية العاملة (البحثية)، والفرضية العلمية، والفرضية الصفرية، والفرضية البديلة. كما يقدم نماذج عن خطوات إعداد دراسات سوسيولوجية وتنفيذها.

في الفصل السادس، "تصميم البحث الاجتماعي"، يبحث المؤلف في تصميم الدراسات الاستطلاعية أو التكوينية والوصفية، وفي خلفية العلاقات السببية بين المتغيرات الوسيطة والسابقة، وفي الشروط السببية والتصميم التجريبي. كما يعالج مشكلة صدق القياس في الدراسات التجريبية، ونقاط القوة والضعف في التجارب، إلى جانب التصاميم شبه - التجريبية.

في الفصل السابع، "وسائل جمع البيانات"، يعرض سرحان كيف يمكن جمع البيانات، بالمقابلات على أنواعها، والملاحظة، والتثليث وهو أسلوب مركّب لجمع البيانات، أي استخدام أكثر من منهج وأكثر من أسلوب في الدراسة الواحدة لجمع البيانات، كاستخدام التجربة والملاحظة أو المسح والملاحظة. ينطبق منطق التثليث على استخدام متغيرات عدة لقياس مفهوم واحد، واستخدام عدة باحثين للحصول على منظورات متعددة.

في الفصل الثامن، "منهج المسح الاجتماعي"، يتناول سرحان بالبحث معالجة البيانات المفقودة أو الناقصة، وتحليل البيانات المنشورة، والموضوعات الملائمة للدراسات المسحية، وتصاميم البحث المسحي (مقطعي وطولي ودراسة الاتجاهات والأفواج العمرية)، وشروط اختيار المستجيبين، وخطوات إعداد استمارة المسح.

العينة فالبيانات

في الفصل التاسع، "العيّنة: أنواعها وأساليب اختيارها"، يتحدث المؤلف عن المعاينة ومبادئها وأسباب اللجوء إليها وأنواع العينات الاحتمالية، وأنواعها غير الاحتمالية، وخطأ المعاينة الاحتمالية.

في الفصل العاشر، "القياس والمقاييس"، يعرّف المؤلف القياس وأنواع المتغيرات ومستويات القياس: الاسمي والترتيبي والمتساوي المسافات والنسبي، ومقاييس الاتجاهات السوسيولوجية، والأدلة (الفهارس).

وفي الفصل الحادي عشر، "عرض البيانات"، يعرض سرحان طرائق عرض البيانات الكمية وأساليب تبويبها وعرضها، كالعرض البياني للمتغيرات النوعية، والعرض البياني للمتغيرات الكمية، كالمدرج التكراري والمضلع التكراري والمنحنى التكراري والمنحنى التجميعي الصاعد والهابط.

أما في الفصل الثاني عشر، "التحليل الإحصائي للبيانات"، فيبحث سرحان في مقاييس النزعة المركزية، وحسابات الوسيط والمنوال، وأفضل مقاييس النزعة المركزية، ومقاييس التشتت كالمدى والانحراف الربيعي والمتوسط والمعياري، والإحصاء الاستدلالي، والتقدير الافتراضي.

ويختم كتابه بالفصل الثالث عشر، "كتابة تقرير البحث"، وفيه يقول سرحان إن البحث العلمي نشاط اجتماعي، والتواصل مع الباحثين أمر أساس لتشاطر المعرفة في كل ميدان علمي، "ويعتمد هذا التواصل على الكتابة أكثر من اعتماده على التواصل الشفوي؛ إذ تشكل التقارير البحثية والمقالات العلمية والكتب المنشورة وسيلة التواصل بين الباحثين في كل ميدان أو تخصص". وبحسب سرحان، يتفق العلماء على مكونات عامة لأيّ تقرير بحثي، وهي الخلاصة التي توجز محتوى البحث، والمقدمة التي تعرض مشكلة البحث، ومراجعة الأدبيات ذات الصلة، والمنهجية، وعرض البيانات والنتائج بالأسلوب المتبع في التحليل والاستنتاج، ومناقشة نتائج الدراسة وتبريرها علميًا، والاستنتاجات والتوصيات.

اقــرأ أيضًــا

 

فعاليات