صدور كتاب "العلويون في التاريخ السوري المعاصر (1918-2024)"

10 ديسمبر،2025
المؤلفون
الكلمات المفتاحية

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب العلويون في التاريخ السوري المعاصر (1918-2024)، من تأليف منير شحود، ضمن سلسلة إصدارات، في 424 صفحة. ويشمل تسعة وعشرين فصلًا موزّعة على خمسة أقسام وخاتمة.

وهو يقدم للقارئ رؤية جديدة لتاريخ سورية من زاوية دور النخب العلوية في صوغه، من بداية عهد الانتداب الفرنسي إلى سقوط ن​ظام بشار الأسد عام 2024؛ ذلك أنه لم يسبق التطرق إلى هذا الدور بالواقعية المطلوبة، لا سيما أن الصبغة القومية العربية قد حجبت تفاصيل كثيرة لا تستقيم دراسة التاريخ من دونها؛ ما أورث الكثير من المسائل غير المحلولة، التي دفع الشعب السوري ثمنًا باهظًا لها ولا يزال.

وبعيدًا عن توجهات معظم الدراسات في تقديم رؤية مشتهاة للتاريخ السوري، لم تكن لتتطابق مع سير الأحداث في غالبية الحالات، قدّم الكتاب رؤية جديدة للأحداث التي كان للنخب العلوية دور مهم فيها، كثورة صالح العلي والحركة المرشدية. فقد أعاد دراسة هذه الأحداث تبعًا للمصالح والنتائج، بغضّ النظر عن النظرة الكلاسيكية التي ترى فيها رافدًا لوطنية سورية لم تكن شروطها قد تحققت (ثورة العلي) أو اعتبارها تمردًا فلاحيًا (حركة المرشد). ويستعرض الكتاب السياسات الوطنية بعد الاستقلال، وعدم تبنّيها ضربًا من اللامركزية الإدارية بالنسبة إلى بعض المناطق السورية، كما في الساحل، تبعًا لما جاء في اتفاقية عام 1936، وفشلها في حلّ المسألة الفلاحية التي نجم عنها معاناة حادة لغالبية سكان الريف السوري، بما في ذلك الريف العلوي.

عرض الكتاب دور النخب العلوية المتزايد منذ عام 1963، وصولًا إلى تشكيل نوع من العصبية بعد توافر شرطها التاريخي بوجود قائد وحيد حظيَ بالدعم الداخلي والخارجي هو حافظ الأسد؛ ما مكّنه من الوصول إلى زعامة العلويين أيضًا بلا منازع، مستغلًّا مظلومية تاريخية استمرت عدة قرون، على خلفية الاختلاف الديني من جهة، والمتعلق بنمط حياة فرضته ظروف العزلة التاريخية في الجبال، بعيدًا عن المدن والقلاع، بصفتها مراكز للتبادل المعرفي والحضاري من جهة أخرى.

مثَّلت الأسدية نظامًا توافقيًّا إلى حد معقول في مراحلها الأولى، لكن الأحداث التي عصفت بسورية، داخليًّا وخارجيًّا، دفعت الأسد الأب إلى تبنّي خيارات تهدف إلى إطالة عمر النظام، لا إلى اعتماد سياسات وطنية تهدف إلى تخفيف الاحتقان ورفع القيود الأمنية المكبّلة للمجتمع وطاقات أفراده. لكن خطيئته الأساسية كانت في إصراره على توريث ابنه السلطة بأي صورة، وإن بكفاءة سياسية أقل كثيرًا.

وأدّى ذلك إلى مزيد من الأزمات والسياسات "العنيدة" التي أطاحت الآمال التي رافقت وصول رئيس شاب إلى الحكم وعَد ببعض الانفتاح السياسي، وبالمزيد من الإصلاحات الاقتصادية التي ذهبت في غير مصلحة سواد الشعب. وخلال الحقبة الأسدية بمجملها، لم يكن للعلويين سياسة مستقلة عن النظام تُذكر؛ ما حمَّلهم عواقب سياساته.

وتناول الكتاب الدور العلوي وتحوّلاته في زمن الثورة والحرب، والفخ التاريخي الذي وجد العلويون أنفسهم فيه، غير قادرين على الإفلات من قبضة النظام، أو مواجهة ردات الفعل العنيفة ضدهم، بما في ذلك تحميلهم وزر سياساته وجرائمه، إلى حد ارتكاب المذابح على خلفية طائفية بعد سقوطه، نتيجة لتوافقات دولية جاءت في لحظة تاريخية انهارت فيها قوى "المقاومة والممانعة" على نحوٍ أشبه بالضربة القاضية على يد الإسرائيليين.

وتوقّع كتاب العلويون في التاريخ السوري المعاصر (1918-2024) أن يعيد العلويون بناء حياتهم الاجتماعية والسياسية بعد سقوط النظام وتخفيف القيود التي تواجههم، بالتركيز على التعليم، وقد انهارت الدعامة الأولى لحياتهم بصفتهم جندًا استغلّ النظام الأسدي حاجتهم، ولم يجنِ سوادهم غير شظف العيش والمعاناة وتعطيل مسيرة تطورهم المدنية. وربما يساعدهم ذلك في استعادة أسلوب حياتهم المنفتح والمتكيف، والخاضع بدرجة أقل للمحددات الدينية.​


​​​

اقــرأ أيضًــا

فعاليات