تكوّن العربيّة الإسرائيليّة

معطيات سياسيّة وأمنيّة في تشكّل دراسات العربيّة في إسرائيل

صدر عن سلسلة "ترجمان" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب تكوّن العربيّة الإسرائيلية: معطيات سياسيّة وأمنيّة في تشكّل دراسات العربيّة في إسرائيل، وهو ترجمة أحمد مغربي لكتاب يوناتان مِندِل The Creation of Israeli Arabic: Political and Security Considerations in the Making of Arabic Language Studies in Israel.

التلاقي في اللغة

يبحث هذا الكتاب في تاريخ دراسات اللغة العربية وسياساتها في المدارس اليهودية الإسرائيلية، وتأثير معطيات السياسة والأمن في دراسات اللغة العربية في إسرائيل، مستندًا إلى وثائق أرشيفية تغطي الحقبة بين عامي 1935 و1985. كما يشمل تحليلًا لدراسة العربية في المدارس اليهودية الإسرائيلية في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، منطلقًا من التحقيق في الحوادث التاريخية ومؤسسات صُنع القرار، علمًا أن الاعتبارات الأمنية – السياسية كانت أساسًا في تحفيز الأفراد والمؤسسات، ممن أطلقوا الدراسات العربية في المجتمع اليهودي - الإسرائيلي وأشرفوا عليها وموّلوها.

يتألف هذا الكتاب (464 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) من خمسة فصول. يستهل مِندِل الفصل الأول، زرع الأمن في تربة العربية: عندما تلاقت الصهيونية والعربية، بنظرة تاريخية موجزة إلى العلاقة بين الشعب اليهودي والعربية قبل صعود الصهيونية والصراع في فلسطين. ويسلط الضوء على الدور الذي أدّته العربية في الحياة اليهودية الدينية والثقافية واليومية، مركزًا على الدراسات العربية في فلسطين منذ بداية الصهيونية في عام 1882. ويعرض مِندِل بالتفصيل تأثير الهجرة اليهودية الأوروبية إلى فلسطين والصراع السياسي بين اليهود الصهيونيين والفلسطينيين العرب في التوجهات المتغيرة حيال العربية في بداية تسييس اللغة وأمننتها في السياق اليهودي، مسلطًا الضوء على الجدال اليهودي الداخلي بشأن اللغة العربية.

في المدارس.. في الحرب

في الفصل الثاني، لمن هذه اللغة، وفي أي حال؟ العربية في المدارس اليهودية الإسرائيلية، 1948 - 1967، يتناول المؤلف القوى التي شكّلت الدراسات العربية في المدارس اليهودية الإسرائيلية بين عامي 1948 و1967، وتأثير آليات التمأسس في دراسة اللغة. وبتركيزه على النظام الوليد للمدارس اليهودية الإسرائيلية، يناقش جانبي الجدال في شأن دراسة العربية في المدارس، ويبيّن أن الآليات التي انطلقت قبل تأسيس إسرائيل، والأشد وضوحًا في العلاقة بين الأمن والدراسات العربية، جرى تعزيزها بعد تأسيس الدولة. ويولي إنشاء برنامج مُكثف للدراسات العربية في النظام المدرسي الإسرائيلي انتباهًا خاصًا.

في الفصل الثالث، توظيف العربية في الحرب: تأثير حربَي 1967 و1973 في الدراسات العربية في المدارس اليهودية الإسرائيلية، يهتم مِندِل بالحقبة الزمنية بين عامي 1967 و1976 التي شهدت حدثين كبيرين سياسيًا وأمنيًا: حربا عامي 1967 و1973. ويبحث في العلاقة بين الدراسات العربية والوضع الأمني - السياسي في المجتمع اليهودي الإسرائيلي. ويبين أن الدراسات العربية في المجتمع اليهودي الإسرائيلي تتشكّل وفق حاجات المؤسّستين السياسية والعسكرية، وتاليًا لا تكون تلك الدراسات موضوعًا مدرسيًا في ذاته. في تلك الفترة، أدى مزيج من الآليات السياسية والأمنية والاجتماعية إلى انكشاف العلاقة بين الاستخبارات العسكرية والدراسات العربية في النظام التعليمي. وباتت تلك العلاقة التي كانت خافية، تُفهَم بأنها طبيعية وملحة في الوقت نفسه.

مستعربون ومستقلون

يركز مِندِل في الفصل الرابع، جيش المُستَعرِبين في إسرائيل: 1967 وما بعدها، على الفترة بين عامي 1976 و1985، لكنه يقدم أيضًا مطالعة سريعة لمرحلة التسعينيات من القرن العشرين، ثم بدايات القرن الحادي والعشرين. كما يحلّل المبادرات المختلفة التي اتخدتها المؤسسات الإسرائيلية، السياسية والأمنية والتعليمية، لتشجيع دراسة العربية، والتي تكثّفت في تلك الفترة. كمل يشرح المدى الذي وصلت إليه وزارة التربية والتعليم في عقب حربي عامي 1967 و1973، برغبتها في قبول إملاءات المؤسسة الأمنية. ويكشف المؤلف المشروعات التي أُطلِقَت لتشجيع الدراسات العربية في المدارس اليهودية الإسرائيلية، مُظهِرًا أنها كانت استمرارًا، بل تتويجًا، لآليات بدأت تتطور في الثلاثينيات.

في الفصل الخامس والأخير، غبعات حبيبه وأولبان عقيبا: الدراسات العربية المستقلة عن وزارة التربية والتعليم، يحلّل المؤلف حقل الدراسات العربية في مؤسستي غبعات حبيبه وأولبان عقيبا اللتين تكادان تتخذان شعار "العربية المسالمة" من أجل الفهم والتعايش. ويتفحص مِندِل الأهداف المعلنة في المؤسستين بخصوص تعليم العربية بوصفها "لُغة الجار"، محللًا تطور أعمالهما منذ ستينيات القرن العشرين. كما يُظهر أن شبكات الأمن - التعليم التي تكون واضحة في النظام المدرسي، تظهر في برامج الدراسات العربية في هاتين المؤسستين أيضًا، وأن الارتباط الأمني أصبح جزءًا أصيلًا من الدراسات العربية في المجتمع اليهودي الإسرائيلي.

اقــرأ أيضًــا

 

فعاليات