الإسلاميون وقضايا الدولة والمواطنة

الجزء الثاني

بعد جزء أول صدر سابقًا، صَدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الجزء الثاني من كتاب الإسلاميون وقضايا الدولة والمواطنة، وقد ضمّ 18 دراسةً وبحثًا جرى تقديمها في المؤتمر السنوي الثاني "الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي" الذي عقده المركز في العاصمة القطرية الدوحة، خلال الفترة 28 – 29 أيلول/ سبتمبر 2013، بعنوان "مسائل المواطنة والدولة والأمة".

في الدراسة الأولى، وهي بعنوان "جدلية الصراع في شأن الطبيعة الدينية والمدنية للدولة في المغرب"، يدرس الباحث المغربي الحسين أعبوشي، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة، كيفية التوفيق داخل الوثيقة الدستورية نفسِها بين منطق الدولة المدنية ومنطق الدولة ذات الطبيعة الدينية، ومساهمة ذلك في نقاش يثيره مفهوم الدولة في لحظة مفصلية، وهي لحظة تشهد تحولات عربيةً ذات إعاقة ناتجة من عدم تجذّر الدولة ككيان متعالٍ عن الانتماءات المرتبطة بالهوية الدينية واللغوية والعرقية، مركزًا على الحالة المغربية. حاول أعبوشي في بحثه معرفة كيفية الجمع في النص الدستوري بين مرجعية الدولة المدنية ومرجعية الدولة الدينية القائمة على إمارة المؤمنين، وطريقة تعامل التيارات الإسلامية مع دولةٍ تعتبر الإسلام دينها والملك أميرًا للمؤمنين يُجدَّد له الولاء بعقد البيعة، وكيفية مراهنة هذه التيارات على البعد المدني للدولة في بحثها عن هوامش المشاركة السياسية كمدخل لمنافسة الملك في مشروعيته الدينية.

في الدراسة الثانية، وهي بعنوان "الخطاب السياسي للفاعل الديني بين منطق التوحيد الأيديولوجي وإكراهات التعدد السياسي والاجتماعي في المغرب: جماعة العدل والإحسان المغربية أنموذجًا"، يبحث محمد فاوبار، وهو باحث مغربي متخصص في علم الاجتماع مهتمٌّ بقضايا الإسلاميات والإصلاح التربوي، في خطاب جماعة العدل والإحسان المغربية وتصورها لمفهومي الدولة والأمة، مبينًا قدرة الفاعل السياسي/ الديني على تنزيل خطاب أيديوسياسي محافظ في مجتمع تعددي، والعوائق التي اعترضت الفاعل في ضوء انخراطه في الحراك الديمقراطي في المغرب. وأبرز فاوبار في دراسته ضرورة الدولة الإسلامية في التصور الأيديوسياسي للشيخ عبد السلام ياسين، منظّر جماعة العدل والإحسان، من جهة أنّ هذه الضرورة تكمن في تخليص الأمة من ربقة الحكم الوراثي وبنيته التسلطية الاستبدادية، ومن كفر الحياة والمجتمع والدولة، فتكون الشورى هي آلية بناء الدولة الإسلامية، لا الديمقراطية، وتكون غاية الدولة هي تطبيق الشريعة.

يحاول الباحث السوداني أشرف عثمان محمد الحسن، وهو باحث متخصص في العلوم السياسية وقضايا السلام والتنمية، في الدراسة الثالثة الواردة بعنوان "الدولة في منظور الخطاب الإسلامي: قراءة في خطاب القطيعة مع الدولة"، تبيُّن الحوافز العميقة لنموّ الطلب الاجتماعي على الإسلام، وتفسير ديناميته، وحركته وغاياته، بماهية الحركات الإسلامية، ومقوماتها الحقيقية، ومصدر نموها السياسي، ومضمونها، وآفاق تطورها. ويرى أنّ خطاب هذه الحركات إذا كان قد شكّل موضوعًا لقراءات ومقاربات تحليلية ونقدية مختلفة المناهج والمرجعيات؛ من أجل الكشف عن مضامينه ومقاصده وأُسسه وأبعاده الإبستمولوجية والفكرية والسوسيوتاريخية، فإنّ ما يهمّ هو المقابلة بين هذه الحركات من جهة والدولة الوطنية من جهة ثانية، ومقاربة الحركات الإسلامية في إطار أزمة الدولة، وفحص ما طورته من خطاب نفيٍ للدولة.

في الدراسة الرابعة، وهي بعنوان "القُطري والدولي في تجربة الحركة الإسلامية: الحركة الإسلامية في الجزائر أنموذجًا"، يسلّط الباحث الطاهر سعود، وهو باحث جزائري في سوسيولوجيا الحركات الإسلامية، الضوء على أرضية الحركة الإسلامية في الجزائر وواقعها الانقساميَّين، لأنّ الأرضية المرجعية الجامعة لم تمنع الافتراق على مستوى المناهج المتبعة للوصول إلى تحقيق الأهداف المرسومة. فعلى الرغم من اشتراك الجماعات الإسلامية في الأفكار وتقاطعها في أفكار كثيرة منها (كلّها تنسب نفسَها إلى الإسلام كأساس وكمرجعية)، فإنّ هذا الجذر المشترك لم يمنع التعدد والتنوع، ولا الاختلاف والتنازع. وقد حاول سعود مرافقة التجربة الحركية الإسلامية في الجزائر في علاقتها بمعطى القُطرية والدولية. فبعض أجنحتها اعتمد خيار القُطرية أو المحلية على أنه الأصلح في تسيير الحالة الدعوية والحركية في الجزائر، في حين كان للجناح الدولي مقاربات مغايرة، ما ولَّد الافتراق والصراع.

في الدراسة الخامسة التي وردت بعنوان "الدولة الإسلامية من القرآن إلى السلطان ومن الأمة إلى العصبية: تحليل تاريخي للتحول"، يحلل الأكاديمي المغربي امحمد جبرون، وهو باحث في مجال الفكر الإصلاحي الإسلامي، التحولَين اللذين أصابَا الدولة الإسلامية منذ تأسيسها. وبحسبه، أَكرهت مجموعة من العوامل والأوضاع التاريخية الدولة الإسلامية على الانتقال من شرعية الأمة إلى شرعية العصبية؛ ذلك أنّ الدولة الأموية مثلًا كانت بين مسارين متمثّلين في التشبث بشرعية الأمة مع استحالتها التاريخية. فإمّا التحول إلى طوبى والانفصال عن التاريخ، أو التكيّف مع الإكراه التاريخي وقبول النقص، وقد اختار المسلمون الخيار الثاني. فالدولة الإسلامية، من أموية وعباسية وغيرهما، ليست إلا تجسيدًا للمبادئ السياسية للإسلام في حدود المتاح تاريخيًا.

ضمّن الباحث التونسي أنور الجمعاوي، وهو باحث متخصص في المصطلح والترجمات، دراسته "مفهمة الدولة عند الإسلاميين: قراءة في نماذج مختارة"، وهي الدراسة السادسة في الكتاب، الاستدلال على أهمية الوعي بكيفيّات تشكّل مفهوم الدولة وآليات انتظامه داخل الأنساق الفكرية للإسلاميين، والوعي بأهم المقتضيات التاريخية والأوضاع الثقافية التي ساهمت في إمعان هؤلاءِ النظرَ في الدولة والاحتفاء بها في مدوناتهم. ورأى الباحث أنّه من المهمّ وصْل المفهوم بالبيئة التاريخية التي احتضنته، والسياقات العمرانية/ الثقافية التي أنتجته. ومن الأسباب التي دعت الباحث إلى الحفر في مفهمة الدولة عند الإسلاميين القيمةُ الاعتبارية للدولة كجهاز سيادي وكيان مؤسساتي يشرف على تنظيم شؤون الناس، وفق نمط حُكم مخصوصٍ.

في الدراسة السابعة، وهي بعنوان "هل يمكن الدولة أن تعتنق الإسلام؟" يسعى أوفامير أنجوم، المؤرخ والباحث في الفكر الإسلامي، لتسليط الضوء على الصراع الراهن بين الدولة والإسلام، مقترحًا أنّ أسْلَمَة الدولة لا يمكن أن يُسلَّم بها جدلًا، لأنّ الدولة موضوع حديث يتضمن مجموعةً من المؤسسات والممارسات والتطلعات والميتافيزيقا. ثمّ إنّه يتساءل: هل يمكن أن تُسمَّى الدولة الحديثة - بصرف النظر عمّن يحكمها وعن القوانين المطبَّقة فيها - إسلاميةً؟ ويبحث أنجوم في هذا السؤال وافتراضاته وارتداداته، متناولًا مواقف دارسي الدولة الحديثة والإسلام وآراءهم ومقارباتهم.

في الدراسة الثامنة الواردة بعنوان "الخطاب الديني والديمقراطية والحريات المدنية في المطبوعات الإسلامية في البوسنة والهرسك"، تُحدّد إليمانا ميميسيفتش، الباحثة في شؤون التاريخ القانوني والمدرّسة في قسمَي القانون والدراسات الإسلامية بجامعة ساراييفو، ما تعكسه المطبوعات الإسلامية الرسمية من آفاق العلاقة بين الإسلام والديمقراطية والحريات المدنية. وبحسب الباحثة، يرى مؤلفو الكتب والمقالات التي راجعتها أنّ الإسلام والديمقراطية والحريات المدنية متوافقة، وهُم يشيرون إلى اختلافات من حيث الفهم المعاصر للحريات المدنية التي وضعها الإنسان والطابع الإلهي للقانون في الإسلام، فيوحون بأنّ الحريات المدنية تتوافق تمامًا مع الدين والقانون الإسلامي. وفي علاقة الإسلام بالديمقراطية، ثمّة عدّة مفاهيم تدعم مبدأ الديمقراطية: مبادئ الشورى والإجماع والاجتهاد. ويشير تحليل المطبوعات الإسلامية الرسمية في البوسنة والهرسك إلى نهجٍ تقدّمي في تدبير علاقة الإسلام بحقوق الإنسان، وإلى توجّهٍ يؤكد توافق الإسلام مع المجتمع المدني والديمقراطية.

يفترض عبد الرحمن حسام، الباحث المصري في علاقة الحركات الإسلامية المعاصرة بالديمقراطية، في الدراسة التاسعة، وهي بعنوان "الإسلاميون والدولة الحديثة: حزب العدالة والتنمية والنيوليبرالية في تركيا، أسلمة النيوليبرالية وترسيخها في الإسلام"، أنّ المجال السياسي والدولة يتحملان التفكيك ويتجاوزانه، بوصفهما من ضمن "الوافدين الجُدد" من المحيط إلى المركز، وفي النهاية يسيطر عليهما منطق الدولة، وتاليًا يعيدان إنتاجه؛ فيُفنِّد فرضيته، مركزًا على النيوليبرالية في تركيا، وعلى الكيفية التي تعامل بها حزب العدالة والتنمية من حيث الاستمرارية والتغيير، في سياق الإسلاميين والدولة الحديثة، وعلى الخصخصة في تركيا.

في الدراسة العاشرة التي وردت بعنوان "الحاكمية في فكر الحركة الإسلامية بعد الربيع العربي، بين الخفاء والتجلي: مدخل إلى تفكيك أنموذج ثيوقراطي (دراسة في الحالة المغربية)"، يُعنى الباحث المغربي محمد همام، المهتم بقضايا الفكر الإسلامي والعلمنة، بالإرباك الحاصل في الاستخدام اللفظي العامّ لمفهوم "الحاكمية" في الذهنية الإسلامية الذي سبّب انحرافات عقليةً وفكريةً وسلوكيةً نتجت من ظنّ كثيرين من أعضاء الحركات الإسلامية أنّهم يُجسّدون بمشروعاتهم السياسية حُكم الله، وأنهم خلفاء الله في الأرض؛ فاستبيحت الحقوق، وسقط إسلاميون مناضلون شرفاء في أخطاء فادحة، ودافعوا عن أطروحات فكرية تحصر العقلية الإسلامية في إطار ظواهر النصوص، في غياب أيّ استيعاب منهجي للقرآن الكريم، ولِمَاورائيات النصوص، أو مقاصدها. فالحاكمية استخدمت، عند كثير من الفصائل الإسلامية، للتحريض في سبيل عرْض مشروعها الإسلامي في الحكم والسلطة. ويسعى الباحث لتجاوز مفهوم الحاكمية، كأطروحة فكرية وسياسية وحركية مغلوطة، بمقاربة فلسفية نقدية تتجاوز الفكرين اللاهوتي والوضعي، في إطار تفاعلٍ بين الغيب ومطلق الوجود الإنساني ومطلق الوجود الطبيعي.

يعرض الباحث الفلسطيني بلال محمد شلش، المتخصص في تاريخ الأحزاب والحركات السياسية الفلسطينية المعاصرة، في الدراسة الحادية عشرة، وهي بعنوان "التجربة التاريخية: 'النبوية والراشدة' كمصدر تشريع لدولة النبهاني"، رؤية تقي الدين النبهاني، مؤسس حزب التحرير، إلى الدولة الإسلامية ونظرته إلى التاريخ الإسلامي وإشكاليات كتابته ومبرراته لاستخدام التاريخ مصدرَ تشريعٍ، ويناقش نماذج لهذا الاستخدام، معتمدًا على كتابات مختلفة للنبهاني صدرت باسمه أو باسم الحزب وتَأكّدت نسبتها إليه. يقول شلش إنّ النبهاني وقع تحت ضغطين: الأول هو فهمه لطبيعة نظام الحكم وقراءته التجربة التاريخية، والثاني هو الدولة القُطرية الحديثة المتأثرة بالنماذج الغربية. وبحسب الباحث، كان على النبهاني أن ينظّر لأنموذج يستلهم فيه التجربة النبوية والراشدة، وأن يحاول الاقتراب من روح الإسلام ومبادئه، إلا أنه قدّم أنموذجًا يعطي صلاحيات أسطوريةً لرأس الدولة.

في الدراسة الثانية عشرة التي وردت بعنوان "إشكالية تأسيس 'نظام الحكم' في الفكر الإسلامي المعاصر بين الخصوصية والعالمية: بحث في المنهجيات والتحديات"، يتناول الباحث السوري رشيد الحاج صالح، المتخصص في قضايا التفكير السياسي والنظري في الثقافة العربية الحديثة، إمكان إقامة دولة مدنية إسلامية، أو نظام ديمقراطي إسلامي، يزاوج بين قيم الإسلام؛ من عدالة ومساواة وحرية دينية ونزعة إنسانية... إلخ، وقيم الحداثة السياسية العالمية القائمة على الديمقراطية والعقلانية والعقد الاجتماعي والفردية والمواطنة وغيرها، ولا سيما أنّ مسألة التوفيق تُعدّ من المسائل المعقدة منهجيًا وأيديولوجيًا؛ بسبب الاختلافات التي لا يُستهان بها بين منظومة المبادئ الإسلامية التي تنظّم العمل السياسي في الإسلام ومفاهيم النظام الديمقراطي الغربي.

تُمثّل الدراسة الثالثة عشرة، وهي بعنوان "مسألة الحاكمية في الخطاب النظري الحركي الإسلامي: بين النص والتأويل"، للباحث المغربي عبد العزيز راجل، الباحث في علاقة الدين بالسياسة، بحثًا في تشكيل الخط القطبيّ (نسبةً إلى سيد قطب) علامةً فارقةً في حركات الإسلام السياسي، ونقلةً مهمةً أعادت الخط الإخواني إلى الصفر، بسبب ما تحمله أفكاره من ثورية، وبسبب ما أحدثه من تأثير ملحوظ في فصائل الإسلام السياسي في الوطن العربي، إذ طرح مفاهيم شكّلت أهمّ ركائز الخطاب السياسي الإسلامي: مفهوم الحاكمية، ومفهوم الطاغوت، ومفهوم الجاهلية، ومفهوم التوحيد، ومفهوم الإسلام، ومفهوم الإيمان، ومفهوم الجهاد... إلخ. ويرى الباحث أنّ نظرية الحاكمية أحدثت انقسامات واتجاهات متباينةً داخل الخطاب الإسلامي السياسي بين الخط الإخواني الذي يُمثّله حسن البنا، وخط سيد قطب الذي انبثق منه الخط السلفي الجهادي. كما يبحث راجل مدلول الحُكم في النص القرآني الذي أسّس عليه تأويل مفهوم الحاكمية.

تتضمن الدراسة الرابعة عشرة الواردة بعنوان "الإسلاميون والدولة: محددات التجديد ومعالمه في خطاب الحركات الإسلامية المعاصرة"، للباحث والأكاديمي عبد الغني عماد، وهو باحث مهتم بدراسة نشوء الحركات الإسلامية العربية وتطورها، إشكالية الانتقال من مشروع الدعوة إلى مشروع الدولة، وإدماج متطلبات هذا الانتقال في منظومة المشروع الحركي الإسلامي. وبحسب الباحث، فإنّ هذه الإشكالية تُعَدّ في الوقت الراهن - بالنسبة إلى الإسلاميين - الإشكاليةَ الأخطر والامتحانَ الأصعب. ويقول الباحث في هذا السياق إنّ المشاركة في السلطة تروّض الأيديولوجيا وترشّد الشعارات وتُعقلنها. فمشروع الدعوة وخطابها يختلفان عن مشروع الدولة ومنطقها.

في الدراسة الخامسة عشرة، وهي بعنوان "التشوهات الفكرية في بناء مفهوم الدولة المدنية"، يتناول الباحث علي السيد أبو فرحة، وهو باحث مهتمّ بدراسة التحول الديمقراطي، اللغطَ المجتمعي والأكاديمي والإعلامي الذي يدور حول مفهوم الدولة، إذ سعى باحثون على مدار تاريخِ استخدامِ هذا المفهوم وتأصيله لإلحاق كثير من الأفكار والصفات به: دولة المدينة، ودولة الخلافة، والدولة الدينية، والدولة القومية، والدولة الاشتراكية، والدولة الديمقراطية، والدولة الإمبريالية، والدولة التابعة، والدولة الفاشلة، والدولة العسكرية، والدولة البوليسية، والدولة المارقة، والدولة العاصية، والدولة المدنية. وأصاب مفهوم الدولة المدنية المزيد من الاهتمام في عقب ثورات الربيع العربي، بمحاولة عدد من الباحثين والخبراء والمعنيين والإعلاميين تأطيرَه في ثنائية الدولة المدنية في مواجهة الدولة العسكرية حينًا، وفي الدولة المدنية في مواجهة الدولة الدينية أحيانًا. لذا، يدرس الباحث الاجتهادات الفكرية التي ساهمت في بلورة مفهوم الدولة كفكرة رئيسة، وحقيقة إلحاق صفة المدنية به وحدودها، في ضوء السياقات التاريخية والثقافية والاجتماعية والزمنية والمكانية المختلفة.

يحاول الباحث المغربي محمد الغالي، وهو باحث مهتم بقضايا التنمية السياسية في مراحل الإصلاح والتحول الديمقراطي، في الدراسة السادسة عشرة الواردة بعنوان "بناء الدولة الحديثة بين نظرية إمارة المؤمنين وأطروحات الإسلام السياسي في المغرب: قراءة في فرص التعايش والاندماج، ومخاطر التنازع"، فَهْم أبعاد عدم تمكّن الحقل السياسي المغربي من التطور مستقلًا عن الحقل الديني، واستيعاب عناصر البزوغ القوي للإسلام السياسي كفاعل جديد في الحياة السياسية، ثمّ الوقوف عند عناصر وجود فُرصٍ متاحة، أو ممكنة، من أجل تعايش مستدام واندماج حقيقي بين النظام الملكي القائم على إمارة المؤمنين ومكونات الإسلام السياسي. وقاسَ الباحث مخاطر التصادم بين إمارة المؤمنين ومكونات الإسلام السياسي، وأثر ذلك في مستقبل الدولة المغربية.

تُمثّل الدراسة السابعة عشرة، وهي بعنوان "إسلامي واقعي وليبرالي أم بنيوي: مسارات الدولة والأمة في التنظيم الدولي المعاصر"، للباحث الكويتي مشاري الرويح، وهو باحث متخصص في النظرية الإسلامية في العلاقات الدولية، محاولةً لتوصيف إشكالية الدولة والأمة التي لا يمكن تجاهلها في أيّ جهدٍ نظري وبحثي، وفي فهم أيّ فعلٍ ذي توجّه إسلامي في التنظيم الدولي المعاصر وتفسيره؛ وذلك بقراءة مفهوم الأمة الإسلامية من خلال أدبيات العمل الجماعي المعنوي والمؤسساتي وعناصره، لإضفاء قدرة تشغيلية أكبر على هذا المفهوم، وربطه بهيكل التنظيم الدولي المعاصر من جهة، وبالدولة من جهة أخرى. وينتقد الباحث مستويات التحليل التقليدية بافتراض أنها الأرضية البحثية، بل الوجودية التي يجري من خلالها توصيف طبيعة الدولة وهيكل العلاقات الدولية، إضافةً إلى أنّها خريطة لتتبع العلاقات بين تلك الكيانات.

في الدراسة الثامنة عشرة، وهي بعنوان "ما صلاحية دولة المدينة ونظام الخلافة الراشدة كأنموذجين لدولة إسلامية معاصرة؟"، وهي الدراسة الأخيرة في هذا الكتاب، يتساءل الباحث السوداني موسى محمد الباشا المتخصص في القانون الدستوري وإشكاليات الحركات الإسلامية بين الخطاب والممارسة والتطبيق: هل الإطار التنظيمي الذي أوْجَدَه الرسول الخاتم في يثرب هو كيان دولةٍ مارسَ من خلالها سلطةً زمنيةً، كما يزعم بعض المنتسبين إلى التيارات الإسلامية السياسية؟ وما جوهر طبيعة مرجعية الشرعية التي بمقتضاها تسنَّم الخلفاء الراشدون الحُكم، وأمسكوا بمقاليد السلطة، ومارسوا صلاحيات النظر والتقرير في أمور المسلمين العامة الدينية والدنيوية؟

اقــرأ أيضًــا

 

فعاليات