ويتألف هذا الكتاب من قسمين؛ فالقسم الأول منهما، لا يتناول سيرة الياس مرقص من جهة أنها سيرة ذاتية، بل بوصفها سيرةً موضوعيةً وتاريخيةً تروي محطات حياته في سياق التطوّرات والتغيّرات التي شهدتها سورية وبعض الدول العربية، ابتداءً من خمسينيَّات القرن العشرين. وأمَّا القسم الثاني فهو مجموعة من المطارحات الفكريَّة والنقديَّة والسجاليَّة في ميادين الإبستيمولوجيا، والوضعيَّة، والميتافيزيقا، والشيوعية، والديمقراطية، والدولة، وماركس، ولينين، وغارودي، والثورة، علاوةً على الدين، والفكر الديني، ولاهوت التقدم، وكذلك الإسلام، واللغة، والأمة، والفلسفة، والحرية، والعبودية، وغيرها. ويختم الكتاب أطروحاته بحديث مُسهب عن الانحطاط، والنهضة، والعثمانيين، وجمال عبد الناصر، وعن موضوعات أخرى؛ مثل البيريسترويكا، وأميركا، والخليج العربي. وهذا الكتاب ليس استعادةً لآراء الياس مرقص وأفكاره وسجالاته التي شاخ بعضها من جرَّاء الزمن وانقلاب الأحوال فحسب، بل هو استعادة متجددة لطرائق التفكير والحدس الذكي والرؤية الثاقبة التي كان يتمتع بها الياس مرقص؛ فتلك الطرائق جعلته يتوصل إلى استنتاجات مهمة تبدو اليوم معاصرةً، وبنت اللّحظة، وهنا بالتحديد نعثر على القيمة الخاصة بمثل هذا الحوار؛ إذ تشيع فيه روح التجدّد، إضافةً إلى التألّق الفكري وبُعد النظر ومستقبلية التفكير؛ ما يمنح هذا الكتاب نكهةً خاصةً، يتمازج فيها التاريخي والراهن.