الياس مرقص: حوارات غير منشورة

20 نوفمبر،2013
المؤلفون
الكلمات المفتاحية

 

هذا كتاب طال انتظاره، ويعدّ صدوره حدثًا ثقافيًّا مهمًّا، وخصوصًا بالنسبة إلى من عاصروا حقبة التألق الفكريِّ والثقافيِّ والأدبيِّ في البلاد العربية. ويضم الكتاب حوارًا مُطوَّلًا مع الياس مرقص، وهو أحد المثقفين العرب الذين لمعت أسماؤهم في ستينيَّات القرن العشرين وسبعينيَّاته. ولقد كانت مساهمة الياس مرقص مهمَّة في الفكر النقديّ العربيّ عمومًا، وفي الفكر الاشتراكيِّ خصوصًا. وكان طلال نعمة قد أجرى حوارًا طويلًا معه قبل عشرين سنةً، وبقيَ ذلك الحوار حبيس الأدراج طوال هذه المدة. وقد رغب المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في أن يخرج هذا الحوار على الناس لأهميته أولًا، وعرفانًا للقيمة الفكريّة لصاحبه ثانيًا، فعهد إلى محرري المركز بإعداده للنشر، وها هو اليوم يُنشر بعنوان: "الياس مرقص: حوارات غير منشورة" (383 صفحةً من القطع الكبير)، بتقديمٍ من صقر أبو فخر. وتكمن أهمية هذا الكتاب في أنه يعيدنا إلى أجواء السجالات الفكريَّة والسياسية العاصفة التي شهدتها المنطقة العربية في حقبة التحولات الكبرى بين السَّنتين 1955 و1975، وكانت قضايا الوحدة العربية، والعدالة الاجتماعية، والديمقراطية، وتحرير فلسطين، والتقدم والنهضة، وغيرها، هي القضايا العربية المصيرية آنذاك.

ويتألف هذا الكتاب من قسمين؛ فالقسم الأول منهما، لا يتناول سيرة الياس مرقص من جهة أنها سيرة ذاتية، بل بوصفها سيرةً موضوعيةً وتاريخيةً تروي محطات حياته في سياق التطوّرات والتغيّرات التي شهدتها سورية وبعض الدول العربية، ابتداءً من خمسينيَّات القرن العشرين. وأمَّا القسم الثاني فهو مجموعة من المطارحات الفكريَّة والنقديَّة والسجاليَّة في ميادين الإبستيمولوجيا، والوضعيَّة، والميتافيزيقا، والشيوعية، والديمقراطية، والدولة، وماركس، ولينين، وغارودي، والثورة، علاوةً على الدين، والفكر الديني، ولاهوت التقدم، وكذلك الإسلام، واللغة، والأمة، والفلسفة، والحرية، والعبودية، وغيرها. ويختم الكتاب أطروحاته بحديث مُسهب عن الانحطاط، والنهضة، والعثمانيين، وجمال عبد الناصر، وعن موضوعات أخرى؛ مثل البيريسترويكا، وأميركا، والخليج العربي. وهذا الكتاب ليس استعادةً لآراء الياس مرقص وأفكاره وسجالاته التي شاخ بعضها من جرَّاء الزمن وانقلاب الأحوال فحسب، بل هو استعادة متجددة لطرائق التفكير والحدس الذكي والرؤية الثاقبة التي كان يتمتع بها الياس مرقص؛ فتلك الطرائق جعلته يتوصل إلى استنتاجات مهمة تبدو اليوم معاصرةً، وبنت اللّحظة، وهنا بالتحديد نعثر على القيمة الخاصة بمثل هذا الحوار؛ إذ تشيع فيه روح التجدّد، إضافةً إلى التألّق الفكري وبُعد النظر ومستقبلية التفكير؛ ما يمنح هذا الكتاب نكهةً خاصةً، يتمازج فيها التاريخي والراهن.

اقــرأ أيضًــا