أحوال الزواج في قرية فلسطينية

21 أكتوبر،2015
المؤلفون

ضمن مشروع ترجمان، صدرت عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الترجمة العربية لكتاب أحوال الزواج في قرية فلسطينية، للباحثة الفنلندية هيلما غرانكفست، وقد ترجم الكتاب إلى العربية كل من: خديجة قاسم وإخلاص خالد القنانوة، ويقع الكتاب في 704 صفحة من القطع الكبير. وعنوان الكتاب الأصلي هو: Marriage Conditions in a Palestinian Village، وصدر أول مرّة عام 1931.

 أمّا قدرة المؤلفة الفنلندية على وصف الحياة القروية الفلسطينية في منتصف القرن العشرين تقريبًا، فتعود إلى أنه قبل نحو تسعة عقود، توجهت طالبة فنلندية تدعى هيلما غرانكفست (1890-1972) إلى قرية أرطاس إلى الجنوب من بيت لحم في فلسطين، حيث شهدت مسيرتها الشخصية والأكاديمية منعطفًا أساسًا بتحولها إلى دراسة حياة المرأة الفلسطينية. فوضعت خمس دراسات مونوغرافية رائدة عن "الحوادث الثلاثة الأهم في حياة البشر"، وهي الولادة والزواج والموت، في قرية أرطاس. ونشرت دراساتها باللغة الإنكليزية، ولم تترجم قط إلى العربية أو أي لغة أخرى. وتعدّ هذه الترجمة لدراستيها الأولى والثانية حول الزواج مصدرًا من أكثر مصادر توثيق حياة القرية الفلسطينية المتاحة للقارئ العربي غنًى.

ويتكوّن الكتاب من قسمين رئيسين، ضم القسم الأول أربعة فصول، تشرح الكاتبة في فصله الأول منهجية البحث، والوسائل التي اعتمدتها، فيما يتحدث الفصل الثاني عن سن الزواج، وتذكر فيه أنواع الخطوبة، مخصصة جزءًا مهمّا للحديث عن خطوبة الأطفال وأسباب الزواج المبكر في القرية. فيما خصص الفصل الثالث للحديث عن آلية اختيار العروس، والأسس التي تقوم عليها هذه العملية المعقدة، أحيانًا، وفي الفصل الرابع نقرأ عن مفهوم الزواج بالعياض، ليختم القسم الأول بشجرة أنساب القرية وقوائم الزواج وجداوله، إذ تمكنت المؤلفة من تتبع أنساب جميع السكان في أرطاس، منذ بداية آخر فترة استقرار للسكن فيها وحتى عام 1927.

أما القسم الثاني من الكتاب فقد خصص للحديث عن مراسم الزواج والحياة الزوجية وما بعدها، ويقع في أحد عشر فصلًا، يعرض الفصل الأول مراسم الخطبة وعاداتها وشروطها بالتفصيل، ويتحدث الفصل الثاني عن أوقات السنة التي يتمّ فيها الزواج عادة، فيما يعرّف الفصل الثالث بالاحتفالات التمهيديّة للعرس، كرقص الرجال ورقص النساء، والولائم، وينقل رابع الفصول تفاصيل إحضار العروس إلى بيت الزوجية، ويُعنى الفصل الخامس بالوصول إلى بيت العريس، والخلوة بين الزوجين، وتلقيهما التهاني. وأخيرًا يعرض الفصل السادس لأسبوع العرس، وما يفعله العريسان بدءًا من صباح اليوم التالي لزفافهما.

أمّا الفصل السابع فتتحدث المؤلفة فيه عن حياة الزوجة في بيت زوجها، وعن طريقة معاملته لها، وعن علاقتها بالأقارب، فيما يستعرض الفصل الثامن قضية تعدد الزوجات عبر ذكر أمثلة على التعدد، وذكر الأسباب التي تدفع نحوه، والعلاقة بين الضرائر، ويعرّفنا الفصل التاسع بعلاقة المرأة المتزوجة ببيت أبيها، ووضع المرأة "الحردانة"، مع ضرب أمثلة على وقوع هذا الأمر، والصعوبات التي تلقاها، وخصص الفصل العاشر للحديث عن الطلاق، واختتم الكتاب بالفصل الحادي عشر الذي اتّخذ الأرمل والأرملة موضوعًا له.

يأتي هذا الكتاب في "سلسلة ترجمان" في نطاق مشروع متكامل لترجمة الدراسات المتعلقة بالتراث الشعبي الفلسطيني ونشرها. وتتجاوز أهمية هذا المشروع البعدين الأكاديمي والدراسي، لأنّ هذه الدراسات تقدم شواهد فذة على وجود نشاط إنسانيٍّ وافر في فلسطين في نهاية القرن التاسع عشر وحتى أواسط القرن العشرين، ناشئ عن مؤسسات وممارسات اجتماعية واقتصادية ودينية وفولكلورية حيّة معقّدة التركيب ومغرقة في القدم. وهذه الدراسات التي وضعها مؤلفون أجانب متخصصون عاشوا في فلسطين في تلك الفترة، تدحض دحضًا صريحًا المقولات الصهيونية القديمة والراهنة الرامية إلى محو الهوية الفلسطينية أو تشويهها أو انتحالها أو استلابها.

اقــرأ أيضًــا

 

فعاليات