الطبقات والتراصف الطبقي

02 مايو،2016

صدر ضمن سلسلة "ترجمان" عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب "الطبقات والتراصف الطبقي" لروزماري كرومبتون، وقد ترجمة إلى العربية كلّ من محمود عثمان حداد وغسان رملاوي (398 صفحةً من القطع الكبير). ويُعنى هذا الكتاب بدراسة اللامساواة بين الشرائح الطبقية المختلفة في المجتمع، ويؤدي دورًا مهمًّا في تعزيز مقاربة أكثر حداثةً لتحليل الطبقة الاجتماعية.

وفي عالمنا المعاصر، تشكّل المنظمات ذات الأصول الطبقية؛ أي الهيئات التي تدّعي تمثيل الفئات الاجتماعية والسياسية ومصالحها، المصدر الحيوي لعديد التغيرات والتحولات التي ميزت مجتمعات العصر الحديث. وترى المؤلفة أنّ فهم التفاوت الاجتماعي واستمراريته ربما يستلزمان العمل عبر منظورات متضاربة. ففي أغلب الأحيان تبدو المقاربات المختلفة للطبقات والتراصف معاكسة كلّيًا بعضها لبعض، لكن إذا كنّا على استعداد للتعامل معها جميعًا، فإننا نستطيع أن نسلّط الضوء على أجزاء مختلفة من الكلّ.

جاء الكتاب في ثمانية فصول. فالفصل الأول " تحديد المشهد" يستعرض، باختصار، بعض التغيرات ذات الصلة التي حدثت خلال العقد الماضي، ويستخدم مثال "رابطة كرة القدم" في بريطانيا تشبيهًا مجازيًا لتوضيح التغيرات التي حدثت في العلاقات "الطبقية"، إضافةً إلى التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لقوى السوق التي أُطلق لها العنان بسبب تشجيع المبادئ "النيوليبرالية" للتنظيم الاقتصادي الاجتماعي وتطبيقها.

ويعرض الفصل الثاني "المقاربات لتحليل الطبقة والتراصف" تاريخ الأطر التي طُوّرت من أجل فهم استمرار التفاوت الاجتماعي، كما يهتم بتوضيح المفاهيم والتركيز في الطرائق العديدة المختلفة التي تمّ بها تعريف الطبقة والتراصف. وتشمل هذه النقاشات تضمين مناظرات الطبقة والتراصف في الموضوعات والقضايا الأوسع في النظريات الاجتماعية. وتعود تلك النقاشات إلى مواقف لا يمكن التوفيق بينها، في ما يبدو، بالنسبة إلى مفهومنا للعالم الاجتماعي الذي يشمل مفهومنا للطبقة والتراصف.

أمّا الفصل الثالث "التحليل الطبقي: الميراث الكلاسيكي وتطوره في القرن العشرين"، فيشمل مناقشة بعض القضايا والمناظرات التي حدّدت الفصل الثاني، إلى جانب دراسة شاملة لأفكار ماركس وفيبر عن "الطبقة"، نستكشف تأثيرها في علم الاجتماع في الواقع في العلوم الاجتماعية إجمالًا. ويوضح هذا العرض التاريخي للتحليل الطبقي، خلال النصف الثاني من القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الثانية، بروزَ انقسام متواصل بين الفعل والبنية ضمن تلك النقاشات.

وأمّا الفصل الرابع "قياس البنية الطبقية"، فيركّز في التوصيفات البنيوية للطبقة؛ أي المحاولات المنتظمة التي جرَت لتفعيل قياس البنية الطبقية، بتقسيم البنية المهنية في مقاربة إجمالي - التوظيف. كما تُدرس فيه الأطر الطبقية الرسمية والسوسيولوجية وتُراجع، علاوةً على الأطر التي يستخدمها الباحثون السياسيون والمهتمون بأبحاث السوق. ويبدأ الفصل الخامس "تنبؤ في غير أوانه للموت وإعادة تجديد في أوانه" بعرضٍ للتلاقي، بحكم الواقع، لأعمال اثنين من مناصري مقاربة إجمالي – التوظيف، وهما غولدثورب ورايت.

نستكشف، بعمق، في الفصل السادس "الطبقة والثقافة: الإثنوغرافيا الوصفية للطبقة" الجانب الثقافي للطبقة والتراصف، بدءًا من عرض مفهوم المكانة الاجتماعية، إضافةً إلى مفهوم توماس همفري مارشال T. H. Marshall المؤثر للمواطنة. كما تُدرس مقاربة بورديو للطبقة، بشيء من التفصيل، فضلًا عن تطبيقات مقاربته في أبحاث الطبقة الوسطى والطبقة العاملة، وسوف يتطرق النقاش إلى وجوب اعتماد بحوث الطبقة والشرائح الطبقية على المقاربات الاقتصادية والثقافية.

يبحث الفصل السابع "الحراك الاجتماعي للعائلات والتحصيل العلمي" في عمليات الترابط بين الحراك الاجتماعي والفوارق الطبقية في التحصيل العلمي. وأمّا الفصل النهائي الفصل الثامن "اللامساواة المتعاظمة والمناظرات حول الطبقة: مناقشة وخلاصة"، فهو يتّجه نحو مسألة اتساع التفاوت الطبقي؛ إذ يدرس المساجلات المتعلقة بالطبقة المسحوقة، إضافةً إلى النقاشات المعاصرة حول الفقر والإقصاء الاجتماعي. ويرى بعضهم أنّ هذه النقاشات المعاصرة، على الرغم من اختلافها الفعلي عن نظريات الطبقة المسحوقة، فإنّها تركّز في الفرد، وهذه ميزة من مميزات منظّري الطبقة المسحوقة.

اقــرأ أيضًــا

 

فعاليات