قضايا التنمية والنمو وموثوقية الأنظمة في السودان

نمذجة التخطيط التنموي المستدام
20 فبراير،2025
المؤلفون

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب قضايا التنمية والنمو وموثوقية الأنظمة في السودان - نمذجة التخطيط التنموي المستدام للباحث السوداني الدكتور جعفر محمد فرح، المتخصص في قضايا التنمية الاقتصادية، والتمويل، وريادة الأعمال، والتخطيط التنموي. يحتوي الكتاب على ثلاثة عشر فصلًا تتوزع في ستة أقسام، ‏تحاول جميعًا تقديم قراءة جديدة لأسباب فشل السودان طوال سبعة وسبعين عامًا في تكريس تنمية مستدامة في بلد يمتلك ثروات باطنية وطبيعية هائلة، عبر التوغل في حنايا دراسات تنموية لا تزال تصلح خريطة طريق لتكريس تنمية مستدامة، طارحًا أنموذجًا نظريًّا لتحقيق ذلك. ‎يقع الكتاب في ‏‏440 صفحة، شاملةً بيبليوغرافيا وفهرسًا عامًّا.‏

مؤلِّف كتاب قضايا التنمية والنمو ذو تجربة عريضة في العمل الأكاديمي واللوجستي في بقاع السودان ريفًا وحضرًا، وأثمر عمله في الوزارات والشركات والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني خبرةً كبيرة ومتراكمة في الفروق بين توقعات تلك المجتمعات والخطط التنموية الموضوعة لها، ووضوحًا لديه في ملامح الغبن المتمثل في غياب تنمية متوازنة بين الأقاليم، وتدقيقًا في نظريات التنمية ومدارسها الفكرية، وأسباب الحواجز النفسية التي تمنع السودانيين من المشاركة التنموية.

عنوان الكتاب خير كاشف لمضمونه

يكشف عنوان الكتاب عن "قضايا التنمية والنمو" التي سعت المجتمعات المحلية في السودان بوضعها لتحسين مستوياتها المعيشية، وضمان فرص للعمل للمساهمة في تحقيق تنمية مستدامة. ويبحث في "موثوقية" الأنظمة التنموية التي وضعها الحكم السوداني خلال سبعة وسبعين عامًا (1946-2023)، وقدرتها على تلبية تطلعات المجتمعات المحلية، وتطبيق الحوكمة، وتحقيق العدالة، ومكافحة الفساد، وضمان الاستقرار السياسي والاقتصادي لمواجهة تحديات التنمية والنمو. ويبيّن الكتاب الهوّة بين مفاهيم التنمية والنمو وبين مفاعيل الخطط التنموية في السودان خلال فترة الدراسة، وأن التوثيق التاريخي لها أثبت أنها لم تحقق الغايات المرجوّة. وهو ما أفرز غُبنًا تنمويًّا، وفشلًا في تحقيق نهوض المجتمعات المحلية، وتدهورًا في اقتصاداتها، وتزايدًا في مستويات فقرها، وانهيارًا في بُناها الإنتاجية؛ ما أدى إلى انفصال جنوب السودان، واشتعال الحروب والصراعات في أرجاء متفرقة من شماله.

كتاب مرجعي وتوثيقي

والكتاب مرجع نظري وتطبيقي للمشتغلين بقضايا التنمية المحلية، يسعى لتوثيق تاريخي متسلسل، يهدف إلى التعرف إلى فجوات الخطط التنموية المتّبعة في السودان وانعكاساتها على فُرَص تحفيز النمو، وإلى الواقع السياسي والإداري الذي صيغت فيه تلك الخطط ونُفذت، وأسباب فشلها ونجاحها مقارنة بخطط سابقة، وأهمّ المعوِّقات التي واجهتها، وتأثير التهديدات الإقليمية فيها. ومن ثَمَّ يستعرض الخطوات المتخذة لتلافي تلك الفجوات، وأهمها تصميم نموذج وطني للتخطيط التنموي المستدام، عرّفه بـ "نمذجة التخطيط التنموي المستدام". ويشكّل هذا النموذج، في رأي المؤلف، أرضية للاندماج في البيئة الدولية من منظور التنمية المستدامة. ويطرح الكتاب المرجعي التوثيقي أسئلة مهمة حول دورَي الأنظمة السياسية، المدنية والعسكرية، في إرساء تنمية مستدامة ومتابعتها، ومدى نجاحها في تحقيق ما وُضعت له، وأهمّ المؤشرات على فاعليتها. ويتناول إضافة إلى ذلك عدم انعكاس تلك الخطط، على كثرتها، إيجابيًا في تحفيز تنمية مستدامة على الرغم من تمكُّن المجتمعات المحلية من إدارة أجنداتها التنموية. وذلك بسبب الاضطراب السياسي طوال فترة تنفيذ الخطط التنموية، وعدم اعتماد آلية لتفجير الطاقات الكامنة والمهدورة.

انبنى الكتاب على ستة أقسام تتوزع فيها ثلاثة عشر فصلًا:

يتناول القسم الأول الوحيدُ الفصل (الأول) الإطارَ النظري لمفاهيم النمو والتنمية التقليدية والمستدامة وقضايا العولمة، ومفاهيم التخطيط التنموي مرتكَزًا لتحقيق التنمية المحلية التي يعتبرها النموذجُ المقترح مرجعيةً، بناء على عدد كبير من نظريات التنمية المستدامة، وتقاطعات العولمة وأثرها في منظومة البيئة الدولية.

يشتمل القسم الثاني على الفصول الثاني والثالث والرابع، ويستعرض فيها نتائج الخطط التنموية التالية: العشرية (1961-1971)، والبرنامج الرباعي للإنقاذ (1988-1991)، والبرنامجان الثلاثي الأول (1990-1993) والثاني (2011-2016)، والبرنامج الثلاثي للاستقرار والتنمية الاقتصادية (2021-2023)، كما استعرض في السياق ملخص أهداف الخطط التنمية بين سنتَي 1961 و2023، ومؤشرات قياس الأداء التنموي في كل فترة الدراسة (77 سنة)، ثم علاقة خطط التنمية بمؤشرات الاقتصاد في الفترة 1970-2023، مع آراء باحثين وعلماء تناولت نتائج تحليل الفترة المذكورة.

يعرض القسم الثالث (الفصلان الخامس والسادس) لمعوّقات إرساء قواعد مُستدامة لإدارة أجندة تخطيط التنمية المحلّية، المتمثلة في تقلّبات الحكم والإدارة بين عامَي 1951 و2023، ويبيّن علل منظومة بيئة التخطيط التنموي في السودان، فضلًا عن تأثير الجوانب النفسية والسيكولوجية في فرص استدامة التخطيط التنموي، مدعَّمة بدراسات ونظريات تهتم بتفسير ثبات قواعد إدارة تنمية مستدامة أو فشلها في السودان.

ويفصّل القسم الرابع (الفصل السابع) القواسم المشتركة للأنظمة السياسية بين عامَي 1956 و2023 في إرساء قواعد مستدامة للتخطيط التنموي، متوسلًا مفاهيم التنمية السياسية مرجعية لمعرفة أثَر الأنظمة العسكرية في هذه الفترة، ومتناولًا دور الأحزاب السياسية خريطةَ طريق في توقّعات التنمية المحلية. وخلص إلى طرح سؤالين والإجابة عنهما: ما مدى مساهمة "التنمية السياسية" التي طرحتها أنظمة الحكم، مدنية وعسكرية، في التخطيط التنموي المحلي المستدام؟ وهل أدّت الأنظمة دورًا فعّالًا في قراءة التصوّرات التنموية المحلية؟

تناول القسم الخامس (الفصلان الثامن والتاسع) التنافس الإقليمي والدولي على موارد السودان وتأثيره في تأجيج جذوة الصراعات الداخلية وتعويق التنمية المحلية، بسبب التكاليف الباهظة لهذه الصراعات، كحرب دارفور (2002-2009)، والصراع العنيف والدامي بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، التي أسفرت عن تدمير البنية الاقتصادية في مناطق دورانها، كما أثرت سلبيًا في تنمية الولايات المستقرة. ويعرض القسم سيناريوهات للتخطيط ودراسات المستقبل والتنبؤ التنموي، للعمل على تلافي المخاطر وتوقعها قبل حدوثها.

أما القسم السادس والأخير من الكتاب (الفصول 10-13)، فيطرح نموذجًا لتنمية محلية مستدامة تتلافى قصور الممارسات التخطيطية السابقة، من خلال مكوّنات ثلاثة: تعبئة موارد الاستثمار، ووضْع نظُم لتمويل مستدام، وتخطيط نظُم إدارية فدرالية لدعم التنمية المحلية المستدامة. وتطرق القسم إلى مكوّنات الديمقراطية، والنظم المؤسسية، والحوكمة؛ وهي مكوّنات يعتبرها فاعلة في بناء نموذج التخطيط التنموي المستدام في السودان، وختم باستنتاجات تناولها هذا النموذج.

تأتي أهمية كتاب قضايا التنمية والنمو من سبره الممارسات التخطيطية في السودان منذ عام 1946، ومظاهر الغبن التنموي الناتجة منها بينَ أقاليم السودان، وتسببها مع سوء الإدارة السياسية في تدهور مريع للبنى الإنتاجية السودانية، وانفصال جنوب السودان واشتعال الحروب والصراعات، مع غياب الرؤية الوطنية لتحقيق غايات التنمية المستدامة. ويكتسي الكتاب أهمية كذلك من استشهاده لذلك بدراسات عدد من المفكّرين والباحثين، علاوة على خروجه بتصميم نموذج وطني للتخطيط التنموي يرى فيه المنقذ والحل.

يمكن المهتمين باقتناء الكتاب الحصول عليه من خلال متجر المركز العربي للأبحاث ودراسة ‏السياسات ‏‏أو عبر ‏منصات "أمازون" و"غوغل بلاي" و"نيل وفرات".‏

اقــرأ أيضًــا

 

فعاليات