ضِمن سلسلة محاضرات "التفكير في أزمة كورونا وأبعادها"، التي يعقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وتُبثّ عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقدّم فيها عدد من الخبراء والأكاديميين محاضرات علمية حول جائحة "كورونا" وتداعياتها على مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، قَدّم الدكتور علي عبد الرءوف، يوم الخميس 4 حزيران/ يونيو 2020، المحاضرة العاشرة بعنوان "عمارة وعمران ومدينة ما بعد جائحة كورونا: تحولات حتمية واستشرافات مستقبليه".

استهّل الباحث محاضرته بالإشارة إلى أنّ جائحة كورونا غيّرت إيقاع العالم بأسره في أيامٍ قليلة، وذلك لسرعة انتشارها؛ إذ أسفرت، في مدّة قصيرة، عن ملايين المرضى ومئات الألوف من الضحايا. وقد طرح الباحث في مقدمة محاضرته إشكاليته الرئيسة التي تبحث في إمكانية امتداح جائحة كورونا وتأمّلها بصفتها فرصةً، وحافزًا في الوقت ذاته، للتفكير وإعادة ترتيب منطق الحياة المعاصرة. وركزّت الإشكالية الرئيسة للمحاضرة على حالة العمران والمدينة، وقد عمل الباحث على رصدٍ وتحليلٍ وتشخيصٍ لتداعيات جائحة كورونا في ما يخصّ السياقات العمرانية والمعمارية وفضاءات المدينة في المنطقة العربية، وتناول بالتحليل والنقد فَهْم السياق الاجتماعي والبيئي والاقتصادي، إضافةً إلى محاولة إعادة اكتشاف حالة الفضاء العام والحي والمسكن في مدن الشرق الأوسط.

وفي سياق العزلة الحتمية التي تفرضها الإجراءات الاحترازية للحدّ من انتشار فيروس كورونا، حاول الباحث مساءلة علاقة الإنسان بالمكان في الوقت الذي تعيش فيه البشرية أزمة وجودية ترتبط مباشرة بقيمة الحياة، مركّزًا، أساسًا، على حالات المسكن والفضاء العام والحيّ والمدينة. كما عرض الباحث، في المحور الأخير من محاضرته، منظومةً من الرؤى والاستشرافات والتصوّرات المستقبلية التي ترسم منهجًا واضحًا للتعامل مع علاقة الإنسان بالمكان في حقبة ما بعد كورونا، وذلك من منطلق الفهم الكامل لديناميكية المشهد المعاصر واستمرار التأثير غير المنتهي لهذه الجائحة التي أصابت العالم بأسره، ووضعت أنظمته السياسية والاقتصادية والصحية والعمرانية محّل نقاشٍ ومراجعة.

وفي الختام، أجاب الباحث عن الأسئلة التي طرحها المتابعون عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث لقيت المحاضرة تفاعلًا واسعًا وأسئلةً متنوعة ومداخلات ثريَّة.