ضمن سلسلة محاضرات "التفكير في أزمة كورونا وأبعادها"، التي يعقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وتُبثّ عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقدّم فيها عدد من الخبراء والأكاديميين محاضرات علمية حول جائحة كورونا وتداعياتها على مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، قدّم الدكتور دارم البصام، يوم الأحد 19 تموز/ يوليو 2020، المحاضرة التاسعة عشرة بعنوان "العلوم الاجتماعية والصحة العامّة: مساهمة لفهم جائحة كورونا في السياق المجتمعي".

استهّل البصام محاضرته بالإشارة إلى أنّ المؤسسات الأكاديمية العربية، ومراكز البحوث، تفتقر في مجملها إلى وجود أقسام متخصصة، تهتم بدراسة الروابط والتفاعلات بين العلوم الحياتية والعلوم الاجتماعية، وتتساءل كيف أن المشكلات التي يواجهها قطاع "الصحة العامة"، كمشكلة "الأوبئة" والأمراض السارية على سبيل المثال، تأتي من خلال قنوات ذات تأسيس اجتماعي، وأن عملية المواجهة والتكيف هي عملية اجتماعية بالدرجة الأساس.

كما أشار الباحث إلى أنّ التركيز السائد عربيًا وعالميًا لدراسة جائحة فيروس كورونا المستجد، وتحليلها ضمن إطار العلوم الطبيعية، يوضح نصف الصورة، ويغفل المسائل التالية: كيف تؤثر الأمراض الجديدة في النظم الاجتماعية؟ وكيف ستستجيب المجتمعات بسياقاتها المختلفة وتتفاعل معها؟ وما التأثيرات الثقافية/ الدينية والاجتماعية وطبيعة السلوك التكييفي للاستجابات وللتواصل وأنماط التفاعل الاجتماعي عند الشعور بالتهديد والمخاطر؟

وأوضح الباحث أنّ محاضرته تعمل، من منظور عابر للتخصصات، على التأسيس لهذه العلاقة بين العلوم الاجتماعية والعلوم الطبيعية لحقلٍ مهمّ لدراسة الأوبئة في إطارها المجتمعي، وتبيان أسس وأبعاد "البايوسوسيولوجيا" التي ترتبط بطبعها بسوسيولوجيا المعرفة وبالإبستيمولوجيا الاجتماعية .ويراها تهدف أيضًا إلى اقتراح "إطار نظري عربي" وتطويره، بحيث يمكن من خلاله دراسة "سوسيولوجيا الجائحة" في المجتمعات العربية. ويعتمد هذا الإطار النظري المقترح على منهجية "التفكير النسقي" ومنهجية السلوك التكييفي المشتق من نظريات التعقد، بحيث يتدارس سوسيولوجيا الجائحة على ثلاثة مستويات مترابطة ومتفاعلة، بتغذية راجعة فيما بينها، وهي: المستوى البنيوي/ الكلي، والمستوى المؤسسي/ الوسطي، ومستوى الفواعل الاجتماعية/ المستوى القاعدي.

وفي الختام أجاب المحاضر عن الأسئلة التي طرحها المتابعون عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث لقيت المحاضرة تفاعلًا واسعًا وأسئلةً متنوعة ومداخلات ثرية.