نظّمت وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في الدوحة في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، محاضرة عنوانها: "إيران ومجلس التعاون الخليجي: شراكة محتملة"، استضافت خلالها سيّد حسين موسفيان، الخبير في شؤون الأمن في الشرق الأوسط والسياسات النووية في كلية الشؤون العامة والدولية في جامعة برنستون الأميركية. عرض موسفيان إطارًا يتيح الانتقال النوعي في العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون؛ أي "الانتقال من التوتر والعداء والمواجهة الحالية إلى علاقة مبنيّة على الصداقة والتعاون والشراكة".

استهلّ موسفيان كلمته بالإشارة إلى أنّ عقودًا من التنافس، والسياسات المتّسمة بطابع المواجهة في العلاقات بين إيران ودول مجلس التعاون، أدّت فعليًا إلى استمرار حدّة التوترات وتفاقمها، في منطقة تعاني أصلًا الاضطرابات الأهلية والحروب الطائفية والإرهاب. وقد أشار إلى أنّ تفاهمًا يتضمّن خمسة عوامل من شأنه أن يكون أساسيًا في عملية إطلاق التعاون والصداقة بين إيران ودول المجلس، وهي كما يلي:

أولاً، نظرًا إلى لعبة إلقاء اللائمة والتوترات القائمة بين الإيرانيين والعرب من جهة، والصراعات العربية الداخلية من جهة أخرى، من المهم احترام تحفّظات كل طرف وتفهّمها.

ثانيًا، من أجل تعزيز علاقات التعاون والشراكة ضمن المنطقة، يجب أن يسود مفهوم "هيمنة صفرية الناتج"، لا يقتصر على القوى الإقليمية مثل إيران والمملكة العربية السعودية فحسب، بل يشمل أيضًا قوى خارجية مثل الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا.

ثالثًا، قد يساعد هدف "الأمن للجميع" المنطقة على إيلاء الأولوية لتحقيق استتباب الأمن المستدام وطويل الأمد. وفي هذا السياق، أشار موسفيان إلى أنّ "تحقيق الأمن على حساب أمن الدول المجاورة الأخرى يعني عمليًا استمرار عدم الاستقرار والشعور المتبادل بالعداء لمدّة غير محدّدة".

رابعًا، العمل على تحقيق التعاون الاقتصادي والسياسي والثقافي والأمني والعسكري بين دول مجلس التعاون وإيران. والطريقة المثلى لتحقيق ذلك تكون من خلال مساومة كبرى بين الأطراف المعنيّة.

خامسًا، إطلاق حوار متعدّد الأطراف بين الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة من جهة، وبين ما يسمّيه هو مجموعة الثمانية؛ ويعني بذلك دول مجلس التعاون الستّ، إضافة إلى إيران والعراق من جهة أخرى.

ويبدو إدراج مجلس الأمن في الحوار ضروريًا؛ كونه يضطلع بدور هيئة دولية مسؤولة عن الحفاظ على السلام والأمن في العالم؛ إذ "لو حصل أي اتفاق، يجب أن يكون قائمًا على حوار متعدّد الأطراف بين مجموعة الثمانية والأعضاء الخمسة الدائمين ويبرمه مجلس الأمن ليصبح قرارًا صادرًا عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وإلزاميًا لكل دولة، بخاصة تلك الدول الموجودة في المنطقة".

ومن أجل تحقيق هذه الخطوات، اقترح موسفيان خطة تعاون وشراكة، تتضمّن إنشاء منظمة للأمن والتعاون. وتضمّ هذه المنظمة دول مجلس التعاون الستّ وإيران والعراق، وفقًا لأعلى معايير احترام السيادة والحدود الدولية، وسلامة الأراضي، ومبدأ عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية والخارجية فيما بينها، ونبذ جميع التهديدات واللجوء إلى القوة؛ وذلك لصالح علاقات مبنيّة على المساواة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

يرتبط إنشاء نظام أمني مشترك بالمبدأ الأساس الذي ينصّ على تأسيس قوة عمل عسكرية مشتركة، تعمل في إطار خطة شاملة؛ لأجل تعزيز العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والعسكرية. وأخيرًا، يعدّ الترتيب بشأن الأسلحة التقليدية، وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، مسألة بالغة الأهمية.

واختتم موسفيان مشيرًا إلى ضرورة قيام مجلس الأمن بالخطوة الأولى، من خلال إطلاق خطة التعاون هذه، قائلًا: "على مجلس الأمن تبنّي قرار جديد يفوّض الأمين العام للأمم المتحدة بإنشاء منتدى إقليمي للحوار من أجل مناقشة مروحة واسعة من القضايا المرتبطة بالأمن والتعاون في هذه المنطقة". وأضاف أنه بسبب انعدام الثقة بين إيران والدول الخليجية المجاورة، لا بدّ أن يشكّل مجلس الأمن حيّزًا للتعاون وللمحادثات الودّية بين الطرفين؛ بصفته الهيئة التي تضمن الالتزام بهذه الاتفاقات. وقد شدّد موسفيان على أهمية اعتماد لغة تعاونية وسلمية بين إيران ودول مجلس التعاون، بغية دعم عملية السير قُدُمًا في هذا المجال، وكذلك ضرورة وضع حد للخطاب العدائي، لأجل تعزيز روح التعاون والأمن في المنطقة.