عقدت دورية استشراف الصادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في شكل كتاب سنوي، والمتخصصة في مجال استشراف صور الغد ودراسة مشاهد المستقبل في المنطقة العربية، يوم الخميس 26 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، ندوةً عبر تطبيق "زووم"، وبُثت عبر منصات التواصل الاجتماعي التابعة للمركز، بعنوان "مستقبلات التحولات الديموغرافية ورهاناتها عربيًا". وشارك فيها نخبة من الديموغرافيين العرب، وُزعت أبحاثهم على ثلاث جلسات تناولت التحولات الديموغرافية في المنطقة العربية برمتها، إضافة إلى دراسة حالات عينية تخص سورية ولبنان والجزائر وفلسطين وقطر وعُمان. وسيكون موضوع هذه الندوة موضوعًا للعدد الخامس من دورية استشراف أيضًا.

تناولت الجلسة الأولى للندوة برئاسة مراد دياني التحولات الديموغرافية في المنطقة العربية، قُدمت فيها ثلاث أوراق بحثية؛ افتتحت الجلسة بورقة يوسف كرباج بعنوان "ثلاث مراحل للانتقال الديموغرافي للعالم العربي"، استعرض خلالها ثلاث مراحل مرت بها الديموغرافيا العربية، وهي مرحلة الانتقال الديموغرافي، ثم مرحلة الانتقال الديموغرافي العكسي، وأخيرًا مرحلة العودة إلى الانتقال الديموغرافي؛ معتبرًا أن مرحلة ركود الانتقال الديموغرافي/ الانتقال الديموغرافي المضاد لا تبشر بالخير في البلدان العربية، ومشددًا على ضرورة الأخذ في الاعتبار التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا. أما الورقة الثانية لمحمد الخشاني وعنوانها "التحولات الديموغرافية في البلاد العربية واتجاهات الهجرة إلى أوروبا"، بحث فيها الترابط بين الضغوط السكانية في المنطقة العربية والتدفقات الهجرية إلى أوروبا، متناولًا بالدرس والتحليل آفاقها في ظل تناقضات السياسة الأوروبية في مجال الهجرة. ثم الورقة الأخيرة في الجلسة فكانت للحسين شكراني وإبراهيم المرشيد بعنوان "آثار الضغوط الديموغرافية في استدامة الموارد الطبيعية في المنطقة العربية: تحليل من منظور الإنصاف ما بين الأجيال"، توصلا فيها إلى أن الدول العربية مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى تجاوز نقائص النماذج التنموية المعتمدة عبر التأكيد على حقوق الأجيال المقبلة ووضع آليات عملية وعاجلة لضمانها، ويتطلب ذلك وفقًا لهما اعتماد مقاربة شمولية واستشرافية تستحضر الأبعاد الاقتصادية والبيئية والقانونية، وتأخذ في الاعتبار التجارب الدولية الناجحة وخصوصيات المجتمع العربي.

في حين خُصصت الجلسة الثانية للندوة برئاسة أحمد حسين لعرض ثلاث حالات دراسية تخص سورية ولبنان والجزائر؛ استهلت الجلسة مدى شريقي بورقة عنوانها "القطيعة الديموغرافية وآفاق حركية السكان في سورية"، أشارت فيها إلى أنه بحلول عام 2011، انقلبت سيرورة التحول الديموغرافي في سورية؛ إذ مثّلت بداية الأزمة السورية قطيعة بالمعنى الدقيق للكلمة على المستوى الديموغرافي، لا تنفصل عن مجمل الاختلال الذي أصاب بنية المجتمع السوري بفعل سنوات الصراع التي قاربت العشر، وترافقت بقطيعة أخرى على مستوى المعرفة بالواقع الديموغرافي كما وكيفًا. ثم تناولت الورقة الثانية لحلا نوفل موضوع "استراتيجيات السكان والتنمية في لبنان: الفرص الضائعة والفرص المرتقبة"، استعرضت فيها تطور الأوضاع الديموغرافية في لبنان والتوجهات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية خلال العقود الأربعة المنصرمة، معالِجةً مضمون أبرز السياسات والاستراتيجيات والبرامج التي وضعت لمعالجة موضوع "السكان والتنمية الاقتصادية والبيئة". أما الورقة الأخيرة في هذه الجلسة فعالجت الحالة الجزائرية، حيث قدمت كريمة بوعزيز ورقة بعنوان "شيخوخة السكان في الجزائر:
الأوضاع الراهنة والاتجاهات المستقبلية"، تتبعت خلالها مختلف مراحل التحول الديموغرافي في الجزائر ورصد أهم معالم التشيّخ السكاني المقبل للمجتمع الجزائري، إضافة إلى دراسة ملامح وخصائص السكان المسنين في الجزائر قصد تقييم حاجاتهم المستقبلية، وأهم التحديات والمشكلات التي تواجههم وطرق التكفل بتلبيتها، ولا سيما مواءمة السياسات الاجتماعية والصحية والاقتصادية لهم.

واستكمالًا للجلسة الثانية، تناولت الجلسة الثالثة والأخيرة برئاسة محمد حمشي ثلاث حالات دراسية عربية أخرى هي فلسطين وقطر وعُمان. استهلت الجلسة بورقة لمحمد الدريدي بعنوان "السكان الفلسطينيون في الأراضي الفلسطينية: التوقعات المستقبلية والاحتياجات التنموية"، تناولت بالدرس والتحليل التوقعات الديموغرافية المستقبلية والاحتياجات التنموية المتصلة بها، وبحثت التحديات والفرص الممكنة بالنسبة إلى صناع وراسمي الخطط والسياسات التنموية في فلسطين للاستفادة من العائد الديموغرافي وبذل الاستثمارات ووضع الخطط المناسبة للاستفادة من هذا العائد بصورة مثلى. أما الورقة الثانية فكانت لعبد الهادي صالح الشاوي المري وعنوانها "واقع اختلال التركيبة السكانية في دولة قطر ومستقبلاته: التداعيات والحلول"، سعى من خلالها إلى الوقوف على أسباب الزيادة السكانية في دولة قطر، وعرض مؤشرات الخلل الحاصل في التركيبة السكانية نتيجة هذه الزيادة، وبيان الآثار المختلفة لاختلال التركيبة السكانية، ووضع الحلول الممكنة للحد منه وتداعياته المختلفة، بما يخدم أهداف التنمية الاستراتيجية الوطنية. وأخيرًا، تناول مبارك خميس الحمداني الحالة العُمانية بورقة بعنوان "بين الهبة الديموغرافية والمشيخ: قراءة في التحولات الديموغرافية والسياسية في المجتمع العماني"، عرض فيها التحولات الديموغرافية في عُمان، وخلل التركيبة السكانية، وتأثير العمالة الوافدة، وصولًا إلى تداعيات جائحة كورونا على حجم العمالة في البلاد.

وعقب انتهاء مداخلات كل جلسة من الجلسات الثلاث كان يُفتح باب النقاش وطرح الأسئلة من طرف باحثي المركز وأساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وطلابه، إضافة إلى أسئلة متابعي الندوة عبر منصات التواصل الاجتماعي التابعة للمركز.