ضمن سلسلة محاضرات "التفكير في أزمة كورونا وأبعادها" التي يعقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وتُبثّ عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقدّم فيها عدد من الخبراء والأكاديميين محاضرات علمية حول جائحة كورونا وتداعياتها على مختلف المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، قدّم الدكتور جواد العناني، يوم الخميس 7 أيار/ مايو 2020، المحاضرة الخامسة بعنوان "الأبعاد الاقتصادية لأزمة كورونا عربيًا وآفاق التعاون".
استهلّ العناني محاضرته بالإشارة إلى أنّ كل أسواق البورصات العالمية، حتى يوم 24 نيسان/ أبريل 2020، تراجعت في الصين وأوروبا والولايات المتحدة الأميركية واليابان وكوريا وغيرها. وبيّن أنّ بعضها بدأ يشهد ارتفاعات بسبب هبوط أسعار الفوائد؛ ولكن هبوط الفائدة على الودائع دفع الناس في معظم اقتصادات العالم إلى الاكتناز، وقد زادت في نظره المدخرات الأميركية للأفراد بمقدار وصل إلى 2.3 تريليون دولار حرصًا من الناس على توافر السيولة، خاصة أنّ الفرص البديلة في الاكتناز في النقد قليلة جدًا.
وحلّل المحاضر ظاهرة البطالة في سياق جائحة كورونا، فلاحظ تدهورًا في معدلاتها في كل دول العالم الغنية والفقيرة، مستشهدًا في هذا السياق بدراسات منظمة العمل الدولية التي بيّنت أنّ نسب البطالة حتى الآن قد زادت بمعدلات تراوح بين 1 و1.5 في المئة. وارتفع عدد المطالبين بتعويضات البطالة في الولايات المتحدة إلى 3.5 ملايين عامل في الفترة 7 آذار/ مارس- 21 نيسان/ أبريل2020. وقد أصابت البطالة أكثر فئات المجتمع فقرًا وهشاشة ممن يعيشون على أجورهم، خاصة في مجالات الترفيه والمطاعم والمحلات التجارية والنقل والمحلات التجارية الكبرى.
وفي سياق حديثة عن الوطن العربي، أشار الباحث إلى أنه ليس بمعزل عما يجري في العالم؛ وتدل الإحصاءات في رأيه على أنّ الاقتصاد العربي، وفقًا لبيانات برنامج الأمم المتحدّة الإنمائي، خسر حتى منتصف نيسان/ أبريل 2020 قرابة 40 مليار دولار. أما إحصاءات صندوق النقد الدولي، فتقدر أنّ الاقتصادات العربية سوف تخسر حتى نهاية عام 2020 ما بين 2 و4.5 في المئة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي. وبناء على ذلك، يرى الباحث أنّ معدل دخل الفرد العربي في عام 2020 سوف يقل بنسبة 4 إلى 6.5 في المئة عما كان عليه عام 2019. كما أشار إلى بعض الدول العربية التي تعاني فشل حكومتها في التصدي للأزمة، وإن نجحت في جانبها الطبي والعلاجي، فإن أداءها على المستوى الاقتصادي غير جيّد. وقد ساهمت فوضى الوباء وشلّ الحركة وتعطيل الحياة في إظهار عجز بعض الحكومات عن أن توفّر لمواطنيها وساكنيها أدنى مستويات الحياة الكريمة وضرورات الحياة الأساسية؛ وقد رأى الباحث أنّ ذلك مما يلفت النظر إلى حجم المشكلات السياسية والإدارية في هذه الدول.
وقد خصّص الباحث جزءًا من محاضرته لبحث الوضع في منطقة الخليج العربي؛ فبيّن أنّ دول الخليج سوف تتراجع عوائدها من النفط والغاز. ورأى، في هذا السياق، أن السعودية ستعاني في موازنتها ارتفاعًا كبيرًا في العجز؛ لأنها بُنيت على أساس أنّ سعر البرميل سيكون طوال عام 2020 بين 50 و55 دولارًا. وفي حالة وصول سعر البيع المحلي إلى 15-20 دولارًا، يستشرف الباحث أن يتراجع دخلها إلى النصف على أقل تقدير؛ ما يعني أنّ تغطية الموازنة العامة البالغة 270 مليار دولارًا ستشهد عجزًا لن يقل عن 100 مليار دولار. كما بيّن الباحث أنّ مصادر الناتج المحلي الإجمالي في دول الخليج والدول غير النفطية قد تراجعت كذلك، ولا سيما في مجالات الطيران والسياحة والمطاعم وأماكن الترفيه والمباريات الرياضية وغيرها، ومن الصعب تحديد رقم الخسائر، ولكن الأدلة على خسائر شركات الطيران صارت تهدد في رأيه الكثير من الشركات العالمية بالإفلاس إذا استمر توقفها.
وفي الختام، أجاب المحاضر عن الأسئلة التي طرحها المتابعون عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث لقيت المحاضرة تفاعلًا واسعًا وأسئلة متنوعة ومداخلات ثرية.