​نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فرع تونس ندوة علمية دولية حول "الفقر والفقراء في المغرب العربي" وذلك في الفترة 26-28 تشرين الثاني / نوفمبر 2015 في تونس. شارك في الندوة 38 باحثا من عدة بلدان عربية مثل المغرب والجزائر وليبيا وموريتانيا وفلسطين والأردن ومصر ولبنان وسورية، وممثلون عن هياكل وهيئات قطرية وإقليمية وعالمية معنية بموضوع الفقر وسبل محاربته.
وانقسمت أشغال الندوة إلى 10 جلسات في المحاور التالية:
- المنهجية، المقاربات والقياس.
- الفقر والمجال (الحضري والريفي).
- تمثلات الفقر وأشكاله الجديدة.
- الفقر، الطفل والمرأة.
- مكافحة الفقر: تجارب المنظمات الوطنية والدولية.
- الفقر والسياسات التنموية.
- تقييم سياسات مكافحة الفقر وآثارها: تجارب مختلفة.
افتتح أعمال الندوة الدكتور مهدي مبروك مدير فرع المركز في تونس بكلمة رحّب فيها بالضيوف المشاركين كما ذكّر بأنّ التحوّلات التي عرفتها بعض البلدان العربية في السنوات الخمس الأخيرة كشفت مشاهد صادمة من الفقر والخصاصة، لا سيما في ظل مساحات الحرية المتنامية وحق النفاذ إلى المعلومة وتطور وسائل التواصل وبروز أشكال جديدة من صحافة المواطنة والجمعيات المدنية. وأضاف أن الفقر ليس قدَرًا بل هو نتيجة خياراتنا الاقتصادية والتنموية والاجتماعية وحتى الثقافية، لذلك تجتهد السياسات العمومية والمدنية - وحتى الأممية - في مكافحته. ولعل ذلك ما يستدعي إعادة التفكير والتقييم بدءًا من المؤشرات والقياس والمناهج، ووصولًا إلى الصور والتمثلات والسياسات المعتمدة في مكافحة الفقر ومردوديتها. ثم ألقى الدكتور أديب نعمة المحاضرة الافتتاحية تحت عنوان "نحو مقاربة جديدة في دراسة الفقر: نقد السائد، وبدائل ممكنة"، تعرّض فيها إلى أن مفهوم الفقر له بُعدٌ كوني، وللفقر أسباب عالمية مثل السياسات الاقتصادية العالمية، سياسات الدعم وارتفاع أسعار النفط وآليات التجارة العالمية وهي من أهم الأسباب المولدة لظاهرة التفاوت على الصعيد العالمي، كما تؤثر على السياسات الوطنية. وهناك اختلافات ومشاكل خاصة بكل بلد، لذا تحتاج البلدان إلى سياسات تهتم بطبيعة هذه المشاكل وظروف التنمية ومستواها والموارد المتاحة وقدرات البلد البشرية والتنظيمية. كما أكد على ضرورة التخلص من خرافات ظلّت عقودًا تحول دون فهمٍ أفضل للفقر يفضي إلى مقاربة ومعالجة أكثر نجاعة، وقد أثارت هذه المسألة بالذات ردود أفعال مختلفة من قبل الحاضرين.
وتضمن برنامج الندوة في يومها الأول 16 مداخلة قدّم فيها الباحثون عرضا عن مظاهر الفقر وأسبابه ومدى انتشاره وتاريخه خصوصا في البلدان المغاربية وعلاقته بالتنمية، كما جرى التأكيد على صعوبة الاتفاق على تصور واحد لمفهوم الفقر لا في بلدان المغرب العربي فحسب بل حتى في مناطق أخرى من العالم، وهو ما تؤكده هيئات إقليمية ودولية عدّة، كما تختلف مؤشرات قياس الفقر ونسبه من بلد إلى آخر. وتعرّضت المداخلات المبرمجة إلى تاريخ الفقر في المغرب الأقصى والحلول التي اتبعت في مقاومة الظاهرة، وتوزّع الفقر بين المجال الريفي والمديني في موريتانيا والجزائر والمغرب، والتأثيرات السلبية للفقر على البناء الاجتماعي واقتصاديات البلدان؛ إضافة إلى بعض المبادرات المحلية للقضاء على الفقر، ومدى نجاحها في ذلك.
أما اليوم الثاني، فقد تضمنت جلساته جملة من المداخلات تركّزت حول الأشكال الجديدة للفقر والمهمشين في المغرب والجزائر، والتحوّلات السلوكية لدى الفقراء في تونس. كما اهتمت مداخلات أخرى بمشكلات الفقر وتأثيراته على بعض الفئات العمرية كالمسنين والأطفال والنساء في بلدان المغرب العربي.
كما تم عرض تجارب بعض المنظمات الإقليمية والدولية المهتمة بمكافحة الفقر في منطقة المغرب العربي وما تنفذه من برامج تنموية تهدف إلى تحسين دخل العائلات الفقيرة وتحقيق حد أدني من التنمية الاجتماعية. وكان ذلك في شكل ورشة عمل شاركت فيهالا ثلاث مؤسسات تونسية ذات علاقة بمكافحة الفقر وهي: المعهد الوطني للإحصاء والمرصد الوطني للشباب و"البيئة والتنمية" (ENDA).
كما سلّطت بعض المداخلات الضوء على بعض الحلول التي انتهجتها البلدان المغاربية لمحاربة ظاهرة الفقر، وقيّمت مدى نجاعة هذه الحلول وحاجتها إلى مزيد من الدعم والتفعيل وخاصة تقييمها لتعديلها في حالة وجود إخلالات أو غياب الفاعلية والجدوى المرجوتين.
خصص اليومان الثالث والأخير للندوة لتقييم سياسات مكافحة الفقر وآثارها في البلدان العربية مع التركيز على البلدان المغاربية وفق منهج المقارنة أحيانا بين ما جرى تنفيذه من برامج لمحاربة الفقر في هذه البلدان وما تحقق من نتائج، إضافة إلى مدى نجاعة هذه البرامج.
ولدى اختتامه أعمال الندوة، نوّه الدكتور مهدي مبروك مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فرع تونس بمضامين المداخلات المقدمة والنقاشات الثرية التي أعقبت كل الجلسات وعلى جهد الباحثين والخبراء المشاركين الذين عبروا من خلال حضورهم إلى تونس في ظرف دقيق تنامت فيه مخاطر العمليات الإرهابية عن وقوفهم إلى جانب تونس وشعبها في حربه ضد الإرهاب.
كما تجدر الإشارة إلى أن المركز العربي فرع سيسعى إلى نشر المداخلات ليستفيد منها القراء وصناع القرار والباحثون المهتمون ومنفذو السياسات العامة المتعلقة بالفقر والقضايا الاجتماعية.
وقد تابع أشغال الندوة جمهور من الباحثين والأساتذة الجامعيين والطلبة وناشطين من المجتمع المدني. كما حظيت بتغطية إعلامية واسعة في مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة الوطنية في تونس أو الأجنبية.


للاطّلاع على الورقة الخلفية للمنتدى ومحاوره وموضوعاته الأساسية، انقر هنا.