جان-بيير فيليو استضافت وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، يوم الثلاثاء 30 كانون الثاني/ يناير 2024، جان-بيير فيليو، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في معهد العلوم السياسية بباريس (ساينس بو)، الذي قدّم محاضرةً بعنوان "من سورية إلى غزة مرورًا بأوكرانيا"، أدارها رئيس الوحدة عمر عاشور.

استهلّ فيليو محاضرته بربط السياقات الثلاثة، سورية وغزّة وأوكرانيا، التي يشهد كلٌّ منها حربًا مختلفة، مشيرًا إلى أنّ على بنيامين نتنياهو أن يشكر بشار الأسد على ثلاثة أشياء. أولًا، لأنه، باستثناء حادثتين في عام 2011، حافظ على وقف إطلاق النار الذي ساد منذ عام 1974 بين سورية وإسرائيل، والذي مكّن إسرائيل من ضمِّ الأراضي السورية في مرتفعات الجولان. ثانيًا، لأنه نهب التراث الذي يبلغ عمره ألف عام في حلب وبقية سورية؛ ما مثّل سابقةً للنهب المستمر للتراث الذي يبلغ عمره ألف عام في غزة. وأخيرًا، لأنه قصف ضواحي دمشق بالأسلحة الكيمياوية مع الإفلات من العقاب في عام 2013؛ ما مثّل سابقةً للإفلات من العقاب على مثل هذه الجرائم الجماعية. ومن المثير للاهتمام أنّ جو بايدن، الضامن لإفلات إسرائيل من العقاب في الهجوم المستمر ضد غزة، كان يشغل منصب نائب الرئيس باراك أوباما، والضامن لإفلات الأسد من العقاب في عام 2013.

مع ذلك، يرى فيليو أنّ أوكرانيا تقدّم مثالًا مغايرًا يثبت إمكانية هزيمة حملات إنكار الجرائم الجماعية، مسلطًا الضوء على الدور الحاسم لوسائل الإعلام الدولية والصحافيين في مناطق النزاع، ومشيرًا إلى الجهود الشجاعة للصحافيين المحليين في سورية وغزة وأوكرانيا، الذين يواصلون نقل الحقيقة رغم مواجهتهم للمخاطر الشديدة ودفعهم الثمن الأقصى، كما نشهد في الحرب الحالية على غزّة، ما يذكّر بأنّ وراء كل إحصاء وتقرير إخباري أناسًا يعانون محنًا لا يمكن تصوّرها.

وأبرز فيليو، في مقارنته بين سورية وأوكرانيا وغزة، استخدام الأسد وفلاديمير بوتين ونتنياهو تكتيكات مماثلة للتضليل والتلاعب بوسائل الإعلام، مشيرًا إلى أنّ فهم المجتمع الدولي لهذه التكتيكات ضروري؛ ليتصرف على نحوٍ أشدّ فاعلية. في هذا السياق، تطرّق إلى ازدواجية المعايير وردود الفعل الدولية المتناقضة على الفظائع المتماثلة في مناطقَ مختلفة، مبيّنًا أنّ هذه التناقضات والتحيزات في الدبلوماسية الدولية وتغطية وسائل الإعلام لا تعيق تحقيق العدالة لشعبٍ معيّن فحسب، بل تعرقل جهود السلام الدولية، خاصةً أنّ كيفية استجابة المجتمع الدولي (أو عدمها) تجاه أزمةٍ ما تؤسس لسوابق تحكم سلوكه تجاه الصراعات المستقبلية.

وقد أعقب المحاضرة نقاشٌ ثريّ شارك فيه باحثون وأساتذة في المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا، إضافةً إلى الجمهور الحاضر في القاعة والمتابع عن بُعد، عبر منصات التواصل الاجتماعي. وأثيرت أسئلة عن مستقبل الحرب على غزّة، وأثر تحوّلات الرأي العام الدولي في الدعم الغربي لإسرائيل، وأثر ازدواجية وسائل الإعلام الغربية في الأزمات المختلفة في سورية وأوكرانيا وغزة.