صورة من قاعة محاضرة رشيد الخاليد:  الستعمار الاستيطاني في فلسطين وإيرلندااستضاف المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، يوم السبت، 24 أيلول/ سبتمبر 2022، في مقره في الدوحة، المؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي، أستاذ الدراسات العربية الحديثة في جامعة كولومبيا، الذي قدّم محاضرة عامة بعنوان "الاستعمار الاستيطاني في إيرلندا وفلسطين"، وأدارتها الباحثة في المركز آيات حمدان.

تأتي محاضرة الخالدي استمرارًا لجهوده التي كرّس جزءًا مهمًا منها لدراسة تاريخ القضية الفلسطينية؛ إذ صدر له في هذا المجال عدد من المؤلفات، أهمها: "السياسة البريطانية تجاه سوريا وفلسطين، 1906-1914" (1980)؛ و"تحت الحصار: صناعة القرار داخل منظمة التحرير الفلسطينية إبان حرب 1982" (1986)؛ و"الهوية الفلسطينية: بناء وعي قومي حديث" (1997)؛ و"أصول القومية العربية" (1991)؛ و"انبعاث الإمبراطورية: بصمات غربية ومسار أميركا الخطِر في الشرق الأوسط" (2004).

عرض الخالدي في محاضرته عددًا من التقاطعات بين التجربتين الإيرلندية والفلسطينية، مشيرًا الى أن إيرلندا هي أول تجربة استعمار استيطاني لبريطانيا، وفلسطين آخرها، بل هي المختبر الأول للاستعمار الاستيطاني البريطاني، حيث نفذت بريطانيا العديد من التكتيكات الاستعمارية في فلسطين بعد أن اختبرتها في إيرلندا أول مرة ابتداءً من القرن الثاني عشر الميلادي. وأشار إلى أنه لا يوجد نموذج مثالي للاستعمار الاستيطاني، فكل حالة فريدة من نوعها. وفي السياق نفسه، ذكر الخالدي عددًا من الشخصيات السياسية والعسكرية البريطانية التي تعتبر تجربتها الإيرلندية مركزية لنقلها إلى فلسطين مثل: آرثر جيمس بلفور، والسير تشارلز تيغارت، وتطرّق إلى أساليب مكافحة التمرد Counter-insurgency التي استخدمتها أجهزة الأمن والجيش البريطاني في إيرلندا ونقلتها إلى المستعمرات الأخرى كالهند، ومن ثم فلسطين من خلال تدريب العصابات الصهيونية، وإعادتها مرة أخرى إلى إيرلندا.

توصل الخالدي في مقارنته بين الاستعمار في إيرلندا وفلسطين إلى مجموعة من الاستنتاجات البحثية، أبرزها أن ما ميز الاستعمار الاستيطاني في فلسطين هو أن بريطانيا لم تجلب رعاياها الإنكليز لاستيطان أرض فلسطين، ولم تكن تسعى لضم فلسطين لتكون جزءًا من أراضي الملكية البريطانية، بل مهّدت لمجموعة أخرى من البشر ليستوطنوها وهم اليهود، في حين أن الحالة الإيرلندية كان السكان المستوطنون يتألفون من الإنكليز يأتون من المركز الاستعماري Metropolis، لكن في فلسطين دعمت بريطانيا الحركة الاستيطانية الصهيونية، المكونة من يهود أوروبا الموزعين في أوروبا. لكن المشروع الاستعماري الصهيوني اعتمد على بريطانيا والولايات المتحدة بوصفهما مركزًا Metropolitan Power يستمد منه قوته وبقاءه.

كما أن استعمار بريطانيا لإيرلندا وفلسطين على حد سواء، وقفت خلفه مجموعة من الأهداف الاستراتيجية وضّحها الخالدي في المحاضرة، وأجرى مقارنة بين الأبعاد الاستراتيجية في كلتا الحالتين.

وقد أعقب المحاضرة نقاشٌ ثريّ شارك فيه باحثون وأساتذة في المركز العربي ومعهد الدوحة للدراسات العليا وطلبته، فضلًا عن الحضور العام.