ضمن الفعاليات التي نظمتها وحدة دراسات الدولة والنظم السياسية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بالمشاركة مع برنامج العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، يومي 15-16 تشرين الأول/ أكتوبر 2022.، ألقى ستيفن هايدمان، أستاذ كرسي جانيت رايت كتشام لدراسات الشرق الأوسط (1953) ومدير برنامج دراسات الشرق الأوسط في كلية سميث بولاية مَاسَاتَشْوْسِتْسْ الأميركية، محاضرة، قال فيها: "تشكّل حقيقة أن معدلات الفقر المدقع في الشرق الأوسط أقل كثيرًا من أي منطقة نامية أخرى، على امتداد فترة طويلة، إحدى أكبر الألغاز غير المحلولة التي تواجه باحثي الشرق الأوسط". وقد استعرض الدكتور هايدمان العوامل المختلفة التي ربما كان لها إسهام في هذا اللغز، وذلك من خلال محاضرة عامة نظّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومعهد الدوحة للدراسات العليا، في 15 تشرين الأول/ أكتوبر.
أشار المحاضر في البداية إلى أن معدلات الفقر المدقع، الذي يُعرَّف بأنه العيش على أقل من 1.25 دولار يوميًّا، انخفضت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الفترة 1990-2011، إلى 10 في المئة فقط من المستويات المسجلة في المناطق النامية الأخرى، أو أقل من 3 في المئة من المستويات الموجودة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وساجل هايدمان بوجود احتماليةٍ مفادها أنّ العمالة غير الرسمية بمنزلة تعويض عن مستويات الفقر المدقع الهائلة، غير أن القطاعات غير الرسمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الأصغر بين المناطق النامية. ونظر المحاضر أيضًا في عوامل مساهمة محتملة أخرى، مثل مستويات الإنفاق العام في الفترة 1965-1990 تقريبًا، وبرامج الدعم المموّلة حكوميًّا، والاقتصاد غير الرسمي، ومستويات التحويلات المالية العالية، فضلًا عن أشكال أخرى من البنى الاجتماعية القائمة على التضامن غير المدروسة في المنطقة.
وأشار هايدمان إلى أنّ احتمال أن يمثّل ارتفاع معدلات إعادة التوزيع والإعانات والتحويلات المالية، من بين عوامل أخرى، يُعدّ جزءًا من تفسير مستويات الفقر المدقع المنخفضة انخفاضًا استثنائيًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنّ أيًّا منها لا يقدّم تفسيرًا كافيًا للباحثين. وقال إنّ الأمر يحتاج إلى إجراء بحوث أكثر فأكثر، تكون متعلقةً بالبنى الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والبيانات التفصيلية، والدراسة المعمّقة للآليات الاجتماعية القائمة على التضامن المجتمعي؛ من أجل سد الفراغ في شرح سبب انخفاض مستويات الفقر المدقع في المنطقة تاريخيًّا، وسبب ارتفاعها منذ عام 2011.