بدون عنوان

تواصلت في الدوحة يوم الأحد، 3 كانون الأوّل/ ديسمبر 2023، أعمال الدورة العاشرة لـمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، التي ينظّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، خلال الفترة 2-4 كانون الأول/ ديسمبر 2023. ضمّ المنتدى في يومه الأوّل محاضرةً عامّة وجلسةً حوارية مع سعادة وزير الثقافة القطري الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني. ويتزامن مع المنتدى ندوة دورية أسطور "الكتابة التاريخية في بلدان الخليج العربية"، التي ستُقدّم فيها 10 أوراق بحثية.

التنافس الدولي والعلاقات الخليجية – الصينية والمتاحف في الخليج

في محور علاقات دول الخليج العربية بالصين، ترأّست نوف الجسار جلسة بعنوان "التنافس الدولي وانعكاساته على تطور العلاقات الخليجية - الصينية"، بدأها كاظم هاشم نعمة بمناقشة تأثير العامل الأميركي في السياسة الصينية حيال دول الخليج العربية، متناولًا الموضوع في سياق العلاقات ثلاثية الأطراف، التي شهدت محطات تغيير استراتيجي خصوصًا بعد الحرب الباردة، من خلال دراسة أهداف كل طرف ووسائله واستراتيجيته، وتحديد طبيعة المقيدات وفاعليتها وجدواها وتكلفتها وعواقبها بجوانبها السياسية والاقتصادية والأمنية. أما كازوتو ماتسودا، فناقش المواقع الاستراتيجية المتميزة لليابان والصين في نظر صانعي السياسات في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، متناولًا إياها في سياق الديناميات السياسية ثلاثية الأطراف في الخليج، وخلص إلى أن بيجين ربما تكون شريكًا مميّزًا في المجال الاقتصادي، غير أن طوكيو ربما تكون شريكًا أشد جاذبية وحيادية على المستوى السياسي بالنسبة إلى دول المجلس. وناقش أفتاب علم العلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون وانعكاساتها على باكستان في أبعاد ثلاثة: اقتصادية، وجيوستراتيجية، ودبلوماسية.

وفي مسار "السياسات الثقافية لدول الخليج"، ترأست عائشة الدرمكي جلسة "المتاحف في بلدان الخليج وبناء الهوية"، وفيها ركزت سندس الراشد على تطور المتاحف في دول الخليج العربية خلال العقدين الأخيرين، بحيث أصبحت رمزًا ثقافيًا يعكس هوية الدولة. في حين سعت العنود عبد الله آل خليفة لاستكشاف الدور المتنامي لمتحف قطر الوطني، وتجلّيه بوصفه مساهمًا محوريًا في تحفيز التحولات في السياسة والاقتصاد والمجتمع. أمّا هاي وون جيونغ فسلّطت الضوء في ورقتها، على الابتكار وصياغة الاتجاهات المستقبلية، بوصفها استراتيجيات لبناء الهوية الوطنية عند تقاطع سياسات العلوم والتكنولوجيا والثقافة، متّخذةً من المتاحف في دولة الإمارات حالةً للدراسة.

الأمن والطاقة بين الصين والخليج والمؤسسات الثقافية الخليجية

عُقدت الجلسة الخامسة في مسارين متوازيين أيضًا. ففي المسار الذي ترأّسه حاتم الشنفري، حول الأمن والطاقة في العلاقات الصينية – الخليجية، تناول ديغانغ صن وسي ليو، في ورقة مشتركة، المسارات التي حدّدت استراتيجية التحوّط التي تنتهجها الصين للاستجابة للبيئة الأمنية في الخليج، وخلصا إلى أنّ هذه الاستراتيجية نجحت حتى الآن في فكّ الارتباط بين الحرب العالمية الباردة (أي المنافسة بين الولايات المتحدة والصين والمنافسة بين الولايات المتحدة وروسيا) وحرب الخليج الباردة (المواجهة السعودية - الإيرانية). أما ظافر العجمي فتناول الجوانب الأمنية في العلاقات الصينية – الخليجية، محاولًا تتبع دوافع هذه العلاقة، وخلص إلى أن كفة المحفزات لا تتفوق على التحديات التي تواجهها العلاقات الأمنية بيسر. ثم ناقش مصطفى البازركان أهمية دول الخليج في طموحات الصين العالمية، وخلص إلى أنه يمكن تشبيه علاقات دول الخليج، منفردة أو مجتمعة، بالصين بـ "عقود الغاز"، التي غالبًا ما تكون استراتيجية طويلة المدى؛ ما يضفي استقرارًا على سياسات كل الأطراف، ويسهم في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والاستراتيجية.

وفي المسار الآخر بعنوان "الاستراتيجيات الثقافية والمؤسسات الثقافية الخليجية"، الذي ترأّسته مريم الكواري، قدّم سعيد الطارشي تحليلًا نقديًا للخطاب الاجتماعي لدراسة ومقارنة عناصر الاستراتيجيتين الثقافيتين الخاصّتين بدول مجلس التعاون (2020-2030) والاستراتيجية الثقافية العُمانية (2021-2040). أمّا خالد الخالدي، فبحث في تاريخ نشأة المؤسسات الثقافية في الكويت، وصعودها ثم سقوطها، مستخدمًا منهجية التحليل التتبعي. ودرس عبد الرحمن المري في ورقته آليات الإنتاج الثقافي في قطر، وتشخيص الوضع الثقافي فيها، بانيًا تحليله على استقراء تاريخي لدور المؤسسات الثقافية في صناعة مجال التعبير الثقافي من جهة أولى، وموقع الفرد فيها ونصيبه منها من جهة ثانية، وتعبير مؤسسة الثقافة عن المكنونات الثقافية في المجال الاجتماعي من جهة ثالثة.

الحزام والطريق وبناء الهوية في الخليج

في الجلسة السادسة، التي ترأّسها ماجد التركي، حول مبادرة الحزام والطريق، جادل غانغزينغ شي في أن التوترات الصينية - الأميركية المتنامية، إضافة إلى النزاعات وتضارب المصالح داخل المجلس، قد تشكّل تحدّيات أمام عمليّة تطوير مبادرة الحزام والطريق وتنفيذها في المستقبل، وقد تعوّق أيضًا علاقات الصين بالجهات الفاعلة الإقليمية؛ أي دول الخليج بوصفها شكلًا جديدًا من أشكال "المنطقة الوسيطة". أما عماد قدورة، فأوضح أن الخليج يقع في صلب اهتمام الصين ومتطلبات مبادرة الحزام والطريق، وتعرّض إلى الكيفية التي اندمجت بها كل دولة في مشاريعها بالتدريج. وناقش وسائل الغرب ومشاريعه البديلة للرد على المبادرة وعرقلتها، ومدى انطباق هذه الوسائل على دول الخليج العربية. وتناول يوسف بن حمد البلوشي، أهمية الصين لاعبًا محوريًا في الاقتصاد العالمي والتحولات الأخيرة في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية منها، مسلطًا الضوء على ضرورة الارتقاء بمستوى التقارب في العلاقات الخليجية - الصينية لأهميتها، وختم بتوصيات بشأن ماهية التعامل مع التحدي المتعلق بأنسب السبل لتعظيم الاستفادة من الاستثمارات الصينية في دول الخليج.

عُقد المسار الأخير للجلسة السادسة، الذي ترأّسته ابتهال الخطيب، بعنوان "المؤسسات الثقافية والتعليمية في دول الخليج وبناء الهوية الوطنية"، وشاركت فيه ثلاثة أوراق. هدف محمد اليحيائي في ورقته إلى قراءة المقاربة التي انتهجتها الدولة في سلطنة عُمان في إعادة صياغة الهوية الوطنية وفهمها، وذلك منذ عام 1970. وحاول سيف بن عدي المسكري وناصر بن سيف السعدي في ورقتهما مراجعة مسألة الهوية الثقافية في المناهج الدراسية المعتمدة في سلطنة عُمان في العام الدراسي (2022-2023)، وتحديدًا مناهج العلوم الإنسانية، وذلك من زاوية ترتبط بالانتماء إلى الهويات المختلفة: الوطنية، والخليجية، والعربية، والإسلامية. أمّا مثنى المصري وعمر عابدين، فبحثا في ورقتهما مجتمع الغوص وثقافته من أجل التعمق في كيفية تعامل دولة قطر مع تراثها الثقافي القديم المترابط، وتأثير هذه السياسات في محتوى المعارض والمنتديات والمؤتمرات التي ترتبط بثقافة الغوص واللؤلؤ.

رؤى نقدية للثقافة الخليجية

اختُتِمَت أعمال المنتدى بجلسةٍ ختامية في مسارٍ واحد بعنوان "الثقافة الخليجية في الإطار النقدي"، ترأسها حيدر سعيد، وقدّم فيها سعيد الهاشمي ورقته، التي تدرس ثيمة الاحتجاج الثقافي في نصوص أدبية وفنية مختارة، مقارنةً بالسياسات الثقافية في مرحلة ما بعد عام 2011، مركزًا على ثلاثة نصوص كُتبت من داخل سلطنة عُمان.

تستمرّ أعمال منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية حتى 4 كانون الأول/ ديسمبر، مع ندوة دورية أسطور، على نحو ما هو مبيَّن في جدول أعماله، في ثلاث جلسات متتالية.