بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الخامس والثلاثون (شتاء 2021) من دورية عمران للعلوم الاجتماعية. وقد اشتمل العدد على دراسات مختلفة في مواضيعها وإشكالياتها البحثية، إضافةً إلى مراجعات كتب مهمة صدرت مؤخرًا في ميدان العلوم الاجتماعية.

استُهِلّ العدد بدراسة لكل من المحاضر في جامعة بيرزيت أشرف عثمان بدر، وأستاذ القانون العامّ في جامعة بيرزيت عاصم خليل، بعنوان "الاستعمار الاستيطاني في السياق الفلسطيني: براديغم أم مفهوم؟". وقد هدفت هذه الدراسة إلى إجراء قراءة نقدية لمفهوم الاستعمار الاستيطاني، والبحث في تطور استخدامه في السياق الفلسطيني، من خلال التركيز على أطروحتَي باتريك وولف ولورينزو فيراشيني، مع تناول الاختلاف بينهما في توصيف الحالة في الأراضي المستعمرة عام 1967. وتخلص الدراسة إلى أنّ الاستعمار الاستيطاني في السياق الفلسطيني يُعتبر مفهومًا لا براديغمًا يوظف تحليليًا إلى جانب مفاهيم أخرى؛ مثل الاستعمار الاستغلالي، والاستعمار الداخلي.

اشتمل العدد، أيضًا، على دراسة في مسألة القوميات في المغرب للأستاذ في معهد الدارسات الأفريقية في جامعة محمد الخامس رحال بوبريك، وهي بعنوان "في أصول القومية بالبلاد المغاربية: إرنست غلنر وبراديغم الثقافة العليا". وتُبيّن هذه الدراسة حدود البراديغم الذي وظّفه غلنر في تناوله "المجتمع المسلم" بما يحمله هذا المفهوم من نظرة جوهرانية إلى الإسلام، وكذا إسقاط نموذج جاهز، على أنّ مقاربة غلنر الكليانية جعلت تحليله للقومية في دول المغارب تكتنفه تناقضات قد لا تصمد أمام محك التجربة التاريخية لهذه البلدان، وبخاصة حالة المغرب التي انطلقت منها الدراسة.

وسلطت دراسة بشيري حمزة، الباحث في مركز البحث العلمي والتقني في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية في الجزائر، بعنوان "نظرة مغايرة إلى السكن الفوضوي في مدينة وهران: القبو والسطح والفضاء المحول"، الضوء على أحد أشكال السكن الفوضوي في محيط وسط مدينة وهران في الجزائر، ويتمثل هذا الشكل في سطوح العمارات السكنية وأقبائها، وهي ظاهرة انتشرت في أغلب المدن الجزائرية إثر أزمة السكن، على نحوٍ شوّه المدينة وأثّر في بنيتها التحتية والجمالية. وتبحث الدراسة الجانب الاجتماعي للعلاقة بين شكل السكن واستراتيجيات الفاعلين، في ظل فضاء اجتماعي مبنيّ على روابط اجتماعية متعددة؛ ففي لحظة معينة، يتحوّل السكن وسط المدينة والتمسك به إلى علاقة انتماء وتَماهٍ بينه وبين قاطنه.

كما اشتمل العدد على دراسة للباحثة في سلك الدكتوراه في مختبر دراسات الفلسفة وعلوم الإنسان والمجتمع بجامعة ابن طفيل في المغرب فاطمة الزهراء بوزلو، بعنوان "المقاولات العائلية السوسية بالمغرب: نمط القيادة ورهان الاستمرارية". أمّا السؤال الأساس الذي تطلّب استدعاء نظرية القيادة ومفاهيمها وأسئلتها في هذه الدراسة، فهو الخصائص السوسيولوجية للقيادة في هذه المقاولات والتحديات التي تواجهها في الانتقال من القيادة العائلية إلى القيادة المؤسساتية؛ أي من رئيس العائلة المؤسس إلى القائد مدير المؤسسة، وانعكاسات ذلك على ثقافة القيادة في المجال الاقتصادي المغربي وممارساتها وآفاقها.

وحرصت دراسة أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية مهدي مبروك بعنوان "الخير على قارعة الطريق: موائد إفطار رمضان في تونس العاصمة (تحولات التضامن الغذائي ودلالاته السوسيولوجية)"، على تحليل مائدة إفطار طوال شهر رمضان في حي شعبي في العاصمة التونسية (الكبارية)، ظلت متواصلة سنواتٍ عديدة معوّلة على جهود طوعية للجيران ومختلف شبكات القرابة؛ إذ تجهّز الموارد والرساميل المختلفة بعيدًا عن بيروقراطية الدولة. ومع ذلك، قد يكون هذا "الخير" واقعًا تحت إغراءات التوظيف والاستثمار السياسي أو الأيديولوجي.

اختتم قسم الدراسات بدراسة لأستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية عادل العياري بعنوان "النساء الضحايا والعدالة الانتقالية في تونس: شرخ الانتظارات والاعتراف المنقوص". وقد بحثت هذه الدراسة في ما أنجزته العدالة الانتقالية للنساء الضحايا في تونس في مرحلة ما بعد الثورة، مقارنةً بما كُنّ يتطلّعن إليه، واهتمّت بكيفية تقييمهنّ لمسار هذه العدالة. اختارت الدراسة العمل على حالات ملموسة، ووظّفت المقاربة الكيفية من خلال الحديث إلى عيّنة من النساء يمثّلن حالات مختلفة من الضحايا، أجمعت أغلبيتهن على إخفاق العدالة الانتقالية في تحقيق مطالبهنّ وتحقيق العدالة لهنّ.

من ناحية أخرى، بحث أستاذ علم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة مكناس أحمد الخطابي، في قسم المناقشات، في "نظرية المجال عند جورج زيمل: المجال بوصفه شرطًا قبليًا للبناء وإعادة البناء الاجتماعي". وقد هدف الباحث إلى الوقوف على أهم المظاهر التي يأخذها مفهوم المجال عند زيمل والمواضيع المرتبطة بالمجال نفسه، وهي مواضيع ما زالت تحظى حتى الآن بالمساءلة السوسيولوجية، وقد اقتراح الباحث بعض القضايا الجديدة ومسارات تُلائم التحولات التي تعرفها الأبحاث في العلوم الاجتماعية. لهذا، يعتبر تحقيق معرفة بالمجال مدخلًا أساسيًا لفهم العالم الاجتماعي؛ من خلال تجاربنا الإنسانية، وتفاعلاتنا، ووجودنا الاجتماعي، بوصفنا فاعلين اجتماعيين، وفي التغير الاجتماعي.

أما قسم مراجعات الكتب، فاشتملَ على ثلاث مراجعات، هي: "النظرية الجنوبية: علم الاجتماع والديناميات العالمية للمعرفة" لريوين كونيل، وهي من إعداد فارس اشتي، و"نظام الأشياء: التفكير في ما بعد الحداثة" لميشيل مافيزولي، وقد أعدّها رشيد بن بيه، و"الشرق الأوسط: إطلالة أنثروبولوجية لأوغو فابييتي"، وهي من إعداد كارلوتا ماركي. كما تضمّن العدد تقريرًا أعدّه عمر المغربي حول ندوة دورية استشراف للدراسات المستقبلية بعنوان "مستقبلات التحولات الديموغرافية ورهاناتها عربيًا".

لوحة غلاف العدد واللوحات ضمن صفحات العدد من أعمال الفنان التشكيلي الأردني جهاد حسن العامري.


** تجدون في موقع دورية "عمران"  جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.