بدون عنوان

باحثون متخصصون يناقشون نتائج استطلاع الرأي العام العربي حول سياسات ترامب
جوان بولاشيك تلقي المحاضرة العامة الثانية في المؤتمر
جلسة التوصيات في ختام المؤتمر
طارق متري محاضرا في افتتاح أعمال المؤتمر
باحثون أميركيون وخليجيون يناقشون العلاقات الأميركية الخليجية وسياسات الولايات المتحدة في المنطقة
التحديات التي تواجه العالم العربي في الجلسة الثانية للمؤتمر

عقد المركز العربي واشنطن دي سي، فرع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مؤتمره السنوي الثاني "ترامب والعالم العربي: تقويم العام الأول وتوصيات سياسية" في 26 تشرين الاول / أكتوبر 2017 في العاصمة الأميركية. بداية، رحّب المدير التنفيذي للمركز العربي - واشنطن دي سي، الأستاذ خليل جهشان بالمشاركين في المؤتمر الذي تضمّن محاضرتيْن رئيسيّتيْن، واستعراضًا لنتائج استطلاع الرأي العام العربي بشأن إدارة ترامب، إضافة إلى ثلاث جلسات تناولت الأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم العربي والعلاقات الأميركية العربية خلال السنة الأولى من تولي ترامب الحكم.

السياسات الأميركية في المنطقة العربية: رؤية من منظور عربي

استهل المؤتمر أعماله صباحًا، بمحاضرة للدكتور طارق متري الذي سبق وتبوّأ مناصب وزارية عدّة في لبنان، فيما يشغل اليوم منصب مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت. وقد تطرّقت كلمته وعنوانها "السياسات الأميركية في المنطقة العربية: رؤية من منظور عربي"، إلى شؤون البلدان العربية ومشاكلها على مدى السنوات السبع الماضية، والاستجابة الأميركية لها. وانتقد متري إدارتيْ أوباما وترامب على حد سواء. إذ تمثّلت أولوية الإدارة الأولى بمكافحة الإرهاب، فيما يكمن هاجس الإدارة الحالية بالسياسات المتعلّقة بالهوية، ما أدى إلى انحسار النفوذ الأميركي في العالم العربي وتسبّب بتهميش قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية، وهي قضايا أساسية وضرورية. واختتم تقويمه الشامل للأوضاع في المنطقة من خلال التأكيد على أنّ روسيا حقّقت تقدّمًا جادًّا مع بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط وحقّقت نصرًا فعليًا في الحرب في سوريا.

ما يريده العرب: الرأي العام العربي والسياسات الأميركية

في الجلسة الأولى "ما يريده العرب: الرأي العام العربي والسياسات الأميركية "، عرضت الدكتورة تمارا خروب، مساعدة المدير التنفيذي للمركز العربي - واشنطن دي سي ، نتائج استطلاع للرأي أجراه المركز العربي مؤخرًا في ثماني دول عربية (لبنان وفلسطين والأردن والكويت والمملكة العربية السعودية ومصر وتونس والمغرب) بشأن اتجاهات الرأي العام العربي بالنسبة إلى إدارة ترامب. وأفادت خروب إن أغلبية من شملهم الاستطلاع عبّروا عن وجهات نظر إيجابية تجاه الولايات المتحدة والشعب الأميركي، في حين أن أقلية أعربت عن رضاها عن السياسات الخارجية الأميركية في العالم العربي. وبعد العرض، حلّلت الباحثة داليا مجاهد، من معهد السياسة والتفاهم الاجتماعي والدكتور شبلي تلحمي من جامعة ميريلاند الأميركية أسباب تلك النتائج وناقشاها وقارناها باستطلاعات أخرى كانا قد شاركا بإجرائها.

التحديات السياسية والاقتصادية في العالم العربي اليوم

وفي الجلسة الثانية "التحديات السياسية والاقتصادية في العالم العربي اليوم" التي ترأستها الدكتورة دينا خوري من جامعة جورج واشنطن، بحث المستشار الاقتصادي الدكتور هاني فندقلي في كيفية ضرورة معالجة الأوضاع الاقتصادية العربية، وشرح كيف ستتفاقم بسبب أزمة دول مجلس التعاون الخليجي. ووصفت الباحثة السياسية فيليس بنيس، من معهد دراسة السياسات، السياسة الخارجية لإدارة ترامب بأنها انعزالية وتحمل نزعة عسكرية. في حين جزم الدكتور نجيب غضبيان من جامعة أركنساس الأميركية، بأن الإنجاز الوحيد الفعال الذي حقّقته إدارتا أوباما وترامب في سوريا، تمثّل في احتواء الحرب الأهلية السورية داخل حدودها. أما بيري كاماك من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فقد رأى أنّ الولايات المتحدة لا تستطيع أن تهيمن وتسيطر كما كانت تفعل في السابق، ما انعكس على قدرتها على التأثير في العالم العربي مؤخرًا.

سياسات الولايات المتحدة في العالم العربي: وجهة النظر الأميركية

أما المحاضرة الرئيسة الثانية فألقتها السفيرة جوان بولاشيك، النائب الأول المساعد لوزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية والسفيرة الأميركية السابقة في الجزائر. واستعرضت فيها منظور الإدارة الأميركية وسياساتها في ما يتعلّق بالشؤون الراهنة في العالم العربي. فأكّدت بأنّ أولوية الإدارة الأميركية لا تزال تكمن في هزيمة الدولة الإسلامية، ونجاح حملة مكافحة الإرهاب، وتوخّي الحذر تجاه إيران وأنشطتها. وشددّت السفيرة بولاشيك على رغبة الإدارة الأميركية في المساعدة ما إن تتاح لها الفرصة لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والتنموية في العالم العربي، بالتزامن مع بذلها جهود حثيثة في سوريا والعراق وليبيا ومصر واليمن. ولفتت مجددًا إلى موقف الإدارة الأميركية من الرئيس السوري بشار الأسد إذ رأت أن لا مستقبلَ له في سوريا. وأخيرًا، عبّرت عن خيبة الإدارة الأميركية من استمرار أزمة دول مجلس التعاون الخليجي، مسلّطةً الضوء على جهود وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لتسوية الخلاف.

العلاقات الأميركية الخليجية وسياسة الولايات المتحدة في الخليج العربي

تناولت الجلسة الثالثة موضوع "العلاقات الأميركية الخليجية وسياسة الولايات المتحدة في الخليج العربي"، وكانت برئاسة الدكتور خالد الجابر، مدير مركز الشرق للدراسات والأبحاث في الدوحة، قطر. استهلّ الجلسة الدكتور عبد الله باعبود من جامعة قطر بالإضاءة على التعقيدات التي تشهدها منطقة الخليج والتي تفاقمت بسبب انخفاض أسعار النفط. وفي السياق نفسه، شكّك باعبود بمستقبل دول مجلس التعاون الخليجي الذي تهدّده انقسامات تحول دون اضطلاعه بدور عامل تغيير إيجابي في المنطقة. ثم تحدّثت باربرا سلافين من المجلس الأطلسي، عن الأذى الذي سبق ولحق بالاتفاق النووي مع إيران بسبب إدارة ترامب التي وفق سلافين، قد تتسبّب بدرجة كبيرة من غموض قد يطرأ على العلاقات بين دول الخليج في ما بينها. بعدها، أثار ديفيد دي روش، من جامعة الدفاع الوطني، أهمية وجود هيكلية دفاع متكاملة لدول مجلس التعاون الخليجي. وأخيرًا، انتقدت الدكتورة شيلا كارابيكو من جامعة ريتشموند الأميركية الأحداث في اليمن، واتهمت التحالف الذي تقوده السعودية بأنه وراء الوضع الإنساني الكارثي هناك.

توصيات سياسات الولايات المتحدة في العالم العربي

أما الجلسة الرابعة وعنوانها "توصيات سياسات الولايات المتحدة في العالم العربي" فترأستها الدكتورة لوري كينغ من جامعة جورجتاون. وبحثت هذه الجلسة الأوضاع الراهنة في العالم العربي والتوصيات الضرورية لتحسينها. وضمن هذا السياق، ناقش الدكتور وليام لورانس من جامعة جورج واشنطن الفئوية السائدة في البيت الأبيض منذ أن أصبح دونالد ترامب رئيسا. وأشار إلى أنه اكتشف في بحثه، وجود نحو تسع مجموعات أقرب إلى الفصائل، في المكتب البيضاوي، وأوصى بأن تبدأ السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط بردم الفجوات بين تلك المجموعات المختلفة. وسلّط الدكتور إبراهيم فريحات من معهد الدوحة للدراسات العليا الضوء على ما سمّاه بوهم هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية وحذر من التعامل معه على المستوى العسكري فحسب. وأوصى بحل سياسي شامل للأزمة السورية وضرورة اعتماد مقاربة حذرة تجاه إيران تتضمّن الحفاظ على الاتفاق النووي والمساعدة في حل أزمة دول مجلس التعاون الخليجي وبناء حكومة تنعم بمصداقية في العراق ودعا إلى ممارسة ضغوط جدّية على إسرائيل.

من جهتها، لفتت إلين ليبسون، مديرة مركز دراسات السياسات الأمنية في جامعة جورج ماسون، إلى تشتّت إدارة ترامب ما يتسبّب بعدم الاستقرار. وأوصت بأنه على الولايات المتحدة ألا تكتفي بقتال تنظيم الدولة الإسلامية، محذّرة من استعراض مخطّطات الهيمنة، وحثت على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن الولايات المتحدة قد فقدت بعضًا من قوّتها وسلطتها في المنطقة، وشجّعت على تحقيق التكامل الاقتصادي في العالم العربي.

أما الدكتور مروان قبلان من المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات في الدوحة، قطر، فقد قال إن إدارة الرئيس ترامب تتبع سياسات تؤدي إلى عكس النتائج التي ترجوها، فهي بتأييدها حصار قطر تخدم مصالح إيران من حيث لا تقصد، وإن عجزها عن حل الأزمة الخليجية يرسل رسالة خاطئة إلى أصدقائها وخصومها على السواء، فهي إذا كانت غير قادرة على التأثير في حلفائها لحل الأزمة فكيف تريد من خصومها أن يهتموا لكلامها ومواقفها. أما فيما يتعلق بالحرب على تنظيم الدولة، فقد أكد قبلان أنّ تنظيم الدولة يمكن أن يكون قد هُزم عسكريا في سورية والعراق، لكن الأسباب التي أدت إلى صعوده ما زالت قائمة، وأهمها التهميش والإقصاء والسياسات الطائفية، ومن دون معالجة هذه الأسباب سيعود تنظيم الدولة للظهور مجددا وبنسخة أشد وحشية. لذلك يجب على الولايات المتحدة أن تسهم في إعادة بناء الدولة والمجتمع في سورية والعراق وفي إطلاق مسار ديمقراطي يشارك فيه الجميع بغض النظر عن خلفياتهم الإثنية والطائفية والمذهبية. وحذّر من دعم الولايات المتحدة للطموحات الانفصالية الكردية لأن ذلك سيؤدي إلى تفجّر نزاعات جديدة في المنطقة على خلفية قومية هذه المرة بدلا من الطائفية.

في الختام، قدّم رامي خوري، كبير الباحثين في الجامعة الأميركية في بيروت وجامعة هارفارد، تقويمًا واقعيًّا للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في العالم العربي، معلنًا أنّ هناك 400 مليون عربي يعيشون في 22 بلدًا عربيًا من دون أن يشعروا بأنهم مواطنون. وأضاف أنّ تشظّي العالم العربي بدأ فعليًا منذ قرن مضى، إلى نأن أصبح جليًا أنه ليس هناك "عالم عربي" بل "منطقة عربية". وأوصى خوري بمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لعدد كبير من الموطنين العرب، كما أشار إلى أهمية بناء الدول وتعزيز السيادة فيها. ونهاية، رأى خوري أنه قد تكون هناك حاجة لإعادة تشكيل العالم العربي وبناء حوكمته، بسبب الحاجة إلى تغييرات جذرية بغية معالجة المشاكل البنيوية التي تعاني منها المنطقة.

واختتمتْ أعمال المؤتمر بموجز شامل قدّمه الدكتور عماد حرب، مدير قسم البحوث والتحليل في المركز العربي - واشنطن دي سي.