بدون عنوان

صدر العدد السابع والعشرون من الدورية المحكّمة "تبيُّن للدراسات الفلسفية والنظريات النقدية"، التي يصدرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. واشتمل العدد على ملف خاص حول "علم الجينوم وسؤال الأخلاق: منظور إسلامي". وتضمن هذا الملف دراستين أخلاقيتين وثلاث دراسات فقهية، وتعقيبين على إحدى هذه الدراسات. بالنسبة إلى الدراستين الأخلاقيتين فقد كانت الأولى لمحمد غالي بعنوان "علماء الشريعة ومنجزات الطب الحديث: التحديات الأخلاقية في عصر الجينوم نموذجًا"، والتي سعى فيها إلى دراسة الأفكار التي حاولت أن تعالج سؤال دور الشريعة في ظل منجزات العلوم الطبية والحيوية الحديثة، وخاصة في عصر الجينوم؛ ذلك أن هدفه الرئيس من هذه الدراسة التحليلية ليس إصدار أحكام فقهية مرتبطة بقضايا معيّنة، بل هو استجلاء تصورات الفقهاء المعاصرين ومواقفهم حول أسئلة تتعلق بدور الشريعة في زمن الحداثة؛ ممثلًا بمنجزات الطب الحديث التي حولت كثيرًا من "المستحيلات" القديمة إلى "عاديات" في حياة البشر اليوم. فكيف حاول الفقهاء المعاصرون المحافظة على دور للشريعة الإسلامية في هذا المجال الجديد؟ وما طبيعة هذا الدور؟ وما حدوده؟ حاول الباحث استقصاء الجوانب المختلفة لهذا الدور المفترض للشريعة وفق تصور الفقهاء المعاصرين، والتطورات التاريخية التي طرأت على هذا التصور مع بزوغ عصر الجينوم. وطرح الباحث بعض الأفكار النقدية والمقترحات ذات الصلة بموضوع البحث. أما الدراسة الثانية، فهي لمعتز الخطيب، وهي بعنوان "الحدود الأخلاقية للتدخل الجيني: النقاش الفلسفي والفقهي حول أخلاقيات التقنية الوراثية"، وقد عالج فيها الموقفين الفلسفي والفقهي من التقنية البيولوجية، في محاولةٍ لفهم تصورات كل فريق للإمكانات التي تتيحها، والكيفية التي يمكن من خلالها فهمها وتقدير تأثيراتها؛ لأن أي نقاش، أو موقف، سيتم اتخاذه هو نتيجة أمرين: شكل وحدود الوعي بالتقنية وإمكاناتها، والتصورات الفلسفية والدينية المتعلقة بالإنسان وحياته.

أما الدراسات الفقهية الثلاث، فكانت الأولى لعبد الله بن يوسف الجديع بعنوان "بحوث علم الجينوم في ضوء نصوص الكتاب والسنة: قراءة فقهية مقاصدية"، وقد تناول فيها مجالات علم الجينوم؛ من أجل استخلاص ما يتعلق بها من أحكام شرعية في سياق أدلتها، ومن أجل تمكين العلاقة بين دليل الشرع والعلم التجريبي. أما الدراسة الثانية، فهي لمحمد نعيم ياسين، وهي بعنوان "دور الاختبار الجيني في حفظ الأنساب". وأما الدراسة الفقهية الثالثة، فهي لفوزان سامي الكريع الذي تناول فيها "علم الجينوم من منظور إسلامي: التساؤلات العسيرة"، وقد استعرض جوانب مهمة في علم الجينوم البشري تتعلق بالصحة والمرض، محاولًا تسليط الضوء على التساؤلات الأخلاقية المصاحبة لها، والتي من المأمول أن تفضي إلى إطلاق نقاشات واسعة وطويلة المدى، بدايةً من الندوة التي يستضيفها مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق.

وقد جاء التعقيبان على دراسة فوزان سامي الكريع. فأكد أحمد الريسوني أن تعقيبه على الدراسة ليس إجاباتٍ أو فتاوى فقهيةً مطابقةً لما أثارته الدراسة من أسئلة أو استشكالات واستفتاءات؛ من جهة أن المقام ههنا هو مقامُ بحثٍ ونظر وتداول للرأي، وليس مقامَ إصدارٍ للفتاوى، مؤكدًا أنه يحاول أن يسهم في التفكير والتوضيح والنقاش ببعض الإضاءات الأصولية والفقهية؛ وذلك من خلال جانبين متكاملين: جانب أصولي منهجي، وجانب فقهي تطبيقي. أما التعقيب الثاني لمحمد نعيم ياسين، فوضَّح أن موضوع التعقيب هو البحث في أجوبة عن تساؤلات أظهرتها كشوف جديدة حول أهم محتويات الخلية الإنسانية (الجينوم)، وقد استخرجها فوزان الكريع من خلال أبحاثه وخبرته في هذا المجال ومعرفته بثقافة المجتمعات الإسلامية. وجملة المطلوب فيها بيان أحكام الشرع لطائفة من الممارسات التي اشتملت عليها بعض تلك الكشوف، أو الآثار، والنتائج المترتبة عليها.


** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.