بدون عنوان

من الجلسة الصباحية لليوم الأخير للمؤتمر
المتحدثون خلال الجلسة العامة في اليوم الأخير للمؤتمر
جانب من الجلسة العامة
محمد حماس المصري
دانة علوان
أيمن الدسوقي
عماد بن لعبيدي
استمرت أعمال المؤتمر في ورش عمل غطت المجالات البحثية لمشاريع الطلبة
إحدى الورش من اليوم الأخير
قدم الأساتذة والباحثون المعقبون ملاحطات نظرية ومنهجية للطلبة المشاركين
ورشة نقاش للمشاريع البحثية لبعض الطلبة

اختتمت أعمال مؤتمر "طلبة الدكتوراه العرب" الذي عقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في مقره بالدوحة في الفترة 24-26 آذار/ مارس، وضم أكثر من ثمانين طالبًا عربيًا في الدكتوراه في جامعات غربية. وقد بدأت أعمال اليوم الأخير بجلسة ناقشت الإشكاليات والصعوبات التي تواجه الأكاديميا العربية، شارك فيها مجموعة من أساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا، وقد حملت الجلسة عنوان "العمل في الأكاديميا العربية: التحديات والفرص" ترأستها دانا الكرد، الباحثة في المركز العربي. وقد عرّفت الكرد بالمتحدثين الرئيسين، وهم أساتذة عرب درسوا في الجامعات الغربية وعادوا إلى المنطقة العربية لنقل تجربتهم وخبرتهم العلمية إلى الأكاديميا العربية.

تجارب أساتذة معهد الدوحة بين الأكاديميا العربية والغربية

بدأ المداخلات أيمن الدسوقي، أستاذ الأدب العربي الحديث والأدب المقارن في معهد الدوحة للدراسات العليا، بالتركيز على دور المنظومة المعرفية في إعادة فهم دور الطالب كباحث داخل هذه المنظومة وإعادة تاريخ وتشكّل الحقل المعرفي. ففي المنطقة العربية لا يزال هناك نوع من تراث تاريخي لمفهوم الحقل المعرفي التخصصي على مستوى الجامعة، ولدور الطالب بوصفه متلقيًا، والتعامل مع الحقول المعرفية في فترة ما كأنها مستقرة، وتنتج نوعًا من المعرفة، ومن ثمّ يكون الدور المنوط بالجامعة هو تدريب الطالب على آليات وأدوات تنتج المعرفة. لكن هذا يغفل إشكالية حقيقية مرتبطة في مساءلة المعرفة، وفي تتبع تطورها في حقل محدد. ولم يقصد الدسوقي بالتطورات هنا أحدث النظريات والدراسات والنقاشات الفكرية، وإنما رصد التطور داخل العلوم ذاتها وفهم دور المفاهيم واستخداماتها بغرض نقد الحدود المعرفية للحقل المعرفي. وقد أكد رغبته في تناول إشكالية اللغة العربية كلغة مفاهيمية وليس الاقتصار على ترجمة المصطلحات، بل إعادة طرح اللغة المفاهيمية كمدخل للحقل المعرفي على المستوى العربي والعالمي، وهو أمر مهم لأنه يمكن طرح مساءلة العلاقة بين الناقد أو الباحث والظاهرة المطلوب دراستها ومساءلة آليات الحقل المعرفي في الأكاديميا العربية. واختتم حديثه بأن المثير في تجربته هو أن معهد الدوحة يضم طلبة من مختلف الأقطار العربية، الأمر الذي يساعد في التعرف إلى الواقع العربي من خلال التعامل والنقاش والاقتراب من الطلبة، والاستماع للتنوع المعرفي والشخصي، مما يغني البحث بشكل أكبر لفهم ظاهرة الإرث التاريخي المعرفي. والمهم هنا، هو الإنصات لهذا التراث المعرفي المتنوع، والبحث في آليات توليد وإنتاج معرفة ومفاهيم عابرة للحدود، يمكن الانتقال من خلالها إلى معرفة الحقل والتدريب داخل المجال التخصصي.

وكان المتحدث الثاني عماد بن العبيدي، الأستاذ المساعد في برنامج الإعلام والدراسات الثقافية بمعهد الدوحة، الذي استعرض الجانب الإنساني الشخصي في تجربته بالعمل في معهد الدوحة حيث يوجد طلبة من مختلف دول المنطقة العربية، وحيث آليات الاختيار تقوم على جذب ذوي المؤهلات العلمية العالية، وهو ما يلقي على كاهله عبء التحضير والمتابعة خاصة أن قدرات المخزون المعرفي التي يتمتع بها أغلبهم، يجعل مستوى النقاش داخل المحاضرات وخارجها على مستوى عالٍ جدًا. وأضاف بأن لدينا نخبة مميزة من الأساتذة المتخصصين في مجالات متعددة، الأمر الذي يجعل العمل معهم بشكل تفاعلي مهمًا على المستوى الشخصي. أما عن الصعوبات، فأشار إلى أن التحدي الأبرز يكمن في التأقلم مع طريقة حياة جديدة، خصوصًا أن بداية التدريس في المعهد شهدت صعوبات نظرًا إلى عدم وجود حرم جامعي. إلا أنه من ناحية المؤتمرات والعمل البحثي والقدرة على التوفيق بين هذه الفرص المميزة التي تتاح في الدوحة، فإنها تطغى على الصعوبات التي واجهته.

وتحدث محمد حماس المصري، الأستاذ المشارك في برنامج الإعلام والدراسات الثقافية والصحافة في المعهد، عن تجربته في التدريس في الولايات المتحدة الأميركية والمنطقة العربية، خاصة أنه درس في الجامعة الأميركية في مصر وجامعة قطر ومعهد الدوحة للدراسات العليا. وقد أشار في رصده للفروق والاختلافات في تجربته التدريسية بين الأكاديميا الأميركية والعربية إلى أربع نقاط وهي: اللغة الإنكليزية كلغة معرفة، والعمل الإداري في مقابل العمل البحثي، وأجر الأكاديمي في المنطقة العربية، والحرية الأكاديمية. فيما يتعلق باللغة، وجد أن معظم المصادر المتوافرة حول الصحافة والإعلام هي باللغة الإنكليزية، الأمر الذي شكل تحديًا كبيرًا خصوصًا أنه يعاني ضعف اللغة العربية. أما عن الحياة الأكاديمية في المنطقة العربية، فأشار إلى أنه من خلال تجاربه وجد أن طبيعة العمل في الحياة الأكاديمية في الولايات المتحدة الأميركية تعتمد على العمل البحثي أكثر من العمل الإداري مقارنة بالمنطقة، فالعمل الإداري يأخذ وقتًا أكبر من الأستاذ. وأوضح أن ذلك يمكن أن يكون مرتبطًا بمسألة أننا لا زلنا في المنطقة في مرحلة البناء، وهذا يتطلب تكاتف جهود أكبر بين جميع الأكاديميين. أما عن النقطة الثالثة المرتبطة بالأجور والمنح البحثية فهي متوافرة بشكل أكبر من الولايات المتحدة. واختتم حديثه حول الحرية الأكاديمية بالتأكيد أن العمل في الولايات المتحدة من الممكن ألا تجد صعوبة أو تضييق، على الرغم من وجود خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، إلا أن ذلك لا ينفي أن الحرية في أميركا أعلى من سقف الحرية في المنطقة العربية. وأشار إلى أن قطر لديها سقف حرية أكاديمية أعلى من غيرها من الدول العربية.

واختتمت الجلسة بمداخلة للدكتورة دانة علوان، الأستاذ المساعد في برنامج علم الاجتماع والأنثروبولوجيا بمعهد الدوحة، بالحديث حول الجوانب المعنوية واللغوية والنفسية. وأشارت إلى أن الاختلافات بين الأكاديميا الغربية والعربية، لا تعني رومانسية العيش في الأكاديميا الغربية، خاصة أنها تحدثت عن تجربتها وموقعها بوصفها امرأة فلسطينية تعيش في العالم العربي مقارنة بموقعها وتجربتها في أمريكا وكندا. وأضافت أن رومانسية النظرة إلى الجامعات الغربية تؤثر في عقلية الباحث العربي وتؤثر في استمرار وضع هذه المقارنات بشكل مستمر كعائق أمامنا كباحثين عرب، خصوصًا أن هذه المقارنات إشكالية، لأنها تشكل هرميّة تكون فيها الأكاديميا الغربية أساسًا مرجعيًا في عملية إنتاج المعرفة والعمل داخل الجامعات العربية. وأشارت إلى أن أولئك الذين يكتبون نقدًا في الإمبريالية الأميركية والدور الأميركي في العالم، يجدون أنفسهم تحت هجوم مستمر في الولايات المتحدة، وهذه حالة بنيوية في الجامعات الأميركية قبل وأثناء وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة. وفي المقابل، أشارت إلى أن العودة إلى الأكاديميا العربية هي عملية محفوفة بالمخاطر، بحيث تحتاج قفزات لغوية مهمة.

مناقشات اليوم الأخير في العلوم السياسية والإعلام واللسانيات وعلم النفس

تواصلت أعمال اليوم الثالث والأخير من مؤتمر طلبة الدكتوراه العرب، حيث عقدت سبع جلسات توزعت على اختصاصات العلوم السياسية والإعلام والدراسات الثقافية واللسانيات وعلم النفس. وقد تواصلت الجلسات على فترتين صباحية ومسائية قدم فيها ثلاثة عشر طالب دكتوراه من جامعات غربية مختلفة بحوثهم التي عملوا عليها.

وتميزت جلسة اختصاص القانون الأولى بمعالجة مصطلح "اللجوء المؤقت" الذي طغى على الخطاب القانوني الدولي وبيان مختلف الإشكاليات المفهومية والقانونية التي يطرحها مستقبليًا. كما طرحت الجلسة للنقاش المسؤولية الدولية لحماية "الحق في السلام"، وحاولت المداخلات توفير توصيات قانونية وإجرائية مساعدة على ذلك.

وطرحت الجلسة الأولى في مجال اللسانيات النقاش حول البنية النحوية للغة البابلية القديمة وكيفية التحري عن هذه البنى من خلال استعمال البنى النحوية للعربية. وانتقلت الجلسة في جزئها الثاني إلى نقاش إشكاليات تعلّمية ارتبطت باستعمال اللغة الإنكليزية بما هي لغة تعليم في المؤسسات التعليمية العربية وما يطرحه ذلك من إشكالات معرفية وتعلّمية.

أما الجلسة الأولى في اختصاص علم النفس فقد افتتحت بالنقاش حول العلاقات بين سياسات الحدود وظاهرة الانتقال إلى مناطق النزاع في العالم العربي من أجل محاولة بناء جهاز سيكولوجي نظري لفهم هذه الظواهر. كما طرحت الجلسة الأسباب النفسية التي تدفع المراهقات إلى الانضمام إلى الحركات الجهادية ومدى فاعلية البنى التحليلية السابقة لهذه الظاهرة.