بدون عنوان

عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ندوةً علمية تحت عنوان "الأزمة في سورية وآفاق الثورة"، وذلك بمناسبة إصدار المركز كتابين جديدين عن سوريّة، أولهما للدكتور عزمي بشارة وعنوانه "سورية: درب الآلام نحو الحرية، محاولة في التاريخ الراهن"، والثاني لمجموعة من المؤلفين بعنوان "خلفيات الثورة: دراسات سوريّة". وقد شارك في الندوة التي عقدت مساء أمس (الأحد 29 أيلول / سبتمبر 2013) على هامش المؤتمر السنوي الثاني "الإسلاميون ونظام الحكم الديمقراطي"، باحثون مختصون في الشأن السوري، وأدارها الدكتور محمد المصري.

المحاضرون في ندوة: "الأزمة في سورية وآفاق الثورة"

وأوضح محمد المصري في بداية الندوة أنَّ الكتابين الذين صدرا حديثًا هما تتويج لمساهمات العديد من الباحثين الجادّين، إضافة إلى جهود فريق توثيق في المركز العربي تابع توثيق الأحداث اليومية للثورة السورية منذ بدايتها، مضيفًا أنّ المركز العربي نجح في بناء قاعدة بيانات ضخمة عن الثورة السورية وهي متاحة لمن يرغب من الباحثين.

وقدّم المؤرخ السوري محمد جمال باروت عرضًا عن الكتابين، موضحًا أنّ قيمتهما تنبع من الربط في التحليل بين البيئة المحيطة والحراك السياسي والاجتماعيّ، على عكس الكثير من الدراسات المنشورة التي تأخذ شكلًا انطباعيًا لا يتضمن رصدًا حقيقيًا للأحداث على الأرض.

وقد أشار باروت إلى أنَّ الباحثين المساهمين في كتاب "خلفيات الثورة: دراسات سورية" تناولوا مواضيع متنوعة مثل الطائفية والواقع الافتراضي والوضع الاجتماعي في الأرياف السورية، وقد نجحوا في معالجة المواضيع التي تصدّوا لها بفضل اعتمادهم على منهجٍ عابرٍ للاختصاصات يلائم تعقيدات المجتمع السوريّ.

ومن جانبه، تطرق الباحث السوريّ حمزة المصطفى في مداخلته إلى الحركة الجهادية في سورية، موضحًا بأنّ أيّ دراسة للسلفية الجهادية في سورية لا بدَّ أن تبدأ من الطليعة المقاتلة، لأنها أول نموذج مكتمل ومسلح لتجربة الجهاديين.

وأشار المصطفى إلى أثر حرب العراق (2003)، التي أنتجت جيلًا جديدًا من الجهاديين السوريين الذين عزز انتشارهم في سوريّة استغلال النظام السوريّ لهم والسماح لهم بالتسرّب عبر الحدود السوريّة-العراقيّة في إطار مناهضته للاحتلال الأمريكي، ولكنّه لم يتوقع أن ينقلب هؤلاء عليه لاحقًا.

وأضاف المصطفى أنَّ الفكر الجهادي لم يكن ليجد له مكانًا في الثورة السوريّة لولا تسّلحها، حيث ساهم اضطرار النّاس إلى رفع السلاح لمواجهة النظام السوري في إعادة تنشيط هذا الفكر وتوسيع قواعده المحلّية، وصولًا إلى استمالة المجتمعات المحليّة وبناء أرضية شعبيّة حقيقية له في الأرياف السوريّة.

وقال الدكتور مروان قبلان في مداخلة عن السياق الإقليمي والدوليّ المؤثرة في الثورة السوريّة، إن الدور الإقليمي في الحالة السوريّة قد طغى على الدور الدولي الذي لا يرى في الثورة السوريّة سوى أزمةً يمكن احتواؤها ما لم تؤثر على الدول الإقليمية المجاورة.

الدكتور عزمي بشارة يوقع كتابه "سورية: درب الآلام نحو الحرية"

وقد رصد قبلان مواقف الدول المختلفة، فبيّن أنّ روسيا اكتشفت من خلال الأزمة السوريّة أنّ بإمكانها الوقوف في وجه الولايات المتحدة بنديّة، مستغلّة في ذلك فلسفة إدارة أوباما القائمة على الانسحاب من مناطق النزاع التي توّرطت فيها إدارة الرئيس السابق جورج بوش إبان حربها على الإرهاب.

كما حلل قبلان الموقف الإيراني، موضّحًا أنّ القيادة الإيرانية وجدت أنّ اندلاع الثورة السورية قطع الطريق على المشروع الإيراني الذي كان يستعد للاحتفال بالنصر بعد خروج آخر جندي أميركي من العراقي في نهاية عام 2011.

واختتمت الندوة أعمالها بمداخلةٍ نقديّة قدمها الباحث السياسي حازم النهّار، استعرض فيها تطوّر مسار المعارضة السوريّة منذ إعلان دمشق عام 2002 إلى ما بعد الثورة السورية.

ولفت النّهار الانتباه إلى أنّ الخلافات التي كانت بين قوى المعارضة السورية في إعلان دمشق والتي تمحورت حول الموقف من النظام بين الإسقاط والإصلاح، ومن العلاقة مع الخارج، كانت هي نفسها الخلافات التي اندلعت إبان جولات الحوار لتوحيد المعارضة السورية بعد اندلاع الثورة السورية.

وقال النهار إنَّ كلّ المحاولات الجادّة لتوحيد قوى المعارضة تحت سقفٍ واحد باءت بالفشل بسبب الاستقطاب بينها وانعدام الفكر والخبرة السياسيين، وهو الأمر الذي أدى إلى تفريغ أيّ جسم تمثيلي من مضمونه، إذ جرى تشكيل "المجلس الوطني"، وبعده "الائتلاف الوطني" بطريقة متسرعة ومن دون أي تصوّرات لآليات عمل واضحة، ولا رؤية حقيقية للعلاقات مع الخارج.

وتلا الندوة بيع بالتوقيع لكتاب الدكتور عزمي بشارة "سورية: درب الآلام نحو الحرية" الذي يؤرخ لوقائع سنتين كاملتين من عمر الثورة السورية، أي منذ 15 آذار / مارس 2011 حتى آذار / مارس 2013. كما ويعود الكاتب في عدة فصول إلى الوراء ليؤرّخ لجذور الصراعات السياسية والطائفية والخلفيات الاقتصادية الطبقية أيضا.