بدون عنوان

 

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات العدد الحادي عشر (شتاء 2015) من مجلة "تبيّن" الفصليّة التي تُعنى بالدراسات الفكرية والثقافية، ويرأس تحريرها الدكتور عزمي بشارة. وقد تضمّن هذا العدد جملةً من الدراسات والبحوث والمقالات المحكّمة.

يحوي العدد مقالة علمية لأستاذ الفلسفة المغربي محمد سبيلا بعنوان "مسألة الحداثة في فكر هايدغر: بين تمجيد العالم ورثائه". وفيها يرى سبيلا أنّ تشخيص مارتن هايدغر الفلسفي للحداثة يميز ضمنيًا بين مظاهر الحداثة أو تجلّياتها، وجوهرها الفكري. ويستعرض مجموعة من مظاهرها المميزة التي تطال مستويات اجتماعية مختلفة، ويرى أنّ خلف السمات المختلفة للحداثة عند هايدغر يوجد أساس مشترك وجامع؛ "فخلف كلّ هذه المظاهر (العلم، والتقنية، والفن، والدين، والثقافة) تنتصب الذات الإنسانية كأساس ومبدأ ومرجع". ثم من خلال هذا القاسم ينشغل سبيلا بتحليل سمات الحداثة وعناصرها بحسب هايدغر مع انشغالٍ بالتقنية وتركيز عليها، وصولًا إلى التساؤل "إن كان بإمكان العصور الحديثة وقد تدرّجت الميتافيزيقا إلى ذروة نضجها واكتمالها كوعي وكتمثل وكإرادة قدرة للذاتية الإنسانية على أن تفصّل الواقع على مقاسها، وأن تكتسب هذه القدرة دون أن تسقط هي ذاتها تحت رحمة التقنية والعالم التقني، أي أن تحقّق بواسطة التقنية، السيطرة على العالم وعلى الطبيعة دون أن تقع هي ذاتها تحت سيطرة التقنية؟".

ويضمّ العدد أيضًا دراسة "الأسس الفلسفية لمفهوم العدالة الانتقالية: مقاربة أولية" للباحث مولاي أحمد مولاي عبد الكريم، وفيها استمرار في الطرح الدائم لسؤال العدالة من خلال التساؤل عن ماهيتها وعن مدى ارتباطها بالأخلاق والسياسة والقانون، وذلك بكيفية نظرية تبحث في أسسها الأنطولوجية وتجلّياتها الاجتماعية، إلا أنّ طرح سؤالها الآن من خلال مفهوم العدالة الانتقالية يأتي في إطار مغاير للسياق السابق الذكر، نظرًا لارتباطه بسياقات النظر العملي والإجرائي الذي يتمّ ضمن ما بات يُعرف بفكر الأخلاقيات التطبيقية، وهذا ما تستكشفه الدراسة.

ويقدّم مصطفى بوقدور دراسته "سلطة الخطاب في الفضاء المعلوماتي: قراءة في منطق السلطة الافتراضية" التي ترمي إلى طلب استشكال سلطة الخطاب في الفضاء المعلوماتي من زاويتين، هما: الآليات والمآلات. وتقف الورقة على منطق سلطة الخطاب في الفضاء المعلوماتي ونمط اشتغاله، وانعكاساته على الكيانات المعلوماتية، تحليلًا لمستوياتها، وتفكيكًا لتلازمها العلائقي بين الخطاب والفضاء المعلوماتي. وتتركز أهمية الدراسة في كونها محاولة لفهم الآليات التي يشتغل بها الفضاء المعلوماتي، ونبشًا في المآلات المترتبة على نمط اشتغال هذا الفضاء وتداعياته على الذات الإنسانية، وطبيعة العلاقات المجتمعية الافتراضية.

وتتناول دراسة "انتظام مستويات اللغة في اللسانيات البنيوية" للباحث محمد الفتحي انتظام المستويات اللغوية من منظور بنيوي، من خلال البحث في مجموعة من الأسئلة من قبيل: ما هي مكوّنات البنية اللغوية وعناصرها؟ وما هي مستوياتها؟ وكيف تنتظم وتشتغل؟ وما طبيعة العلاقات الرابطة بينها؟ وكيف تتكامل المقاربات البنيوية في تحديد معالم معمارية البناء اللساني نظريًا ومنهجيًا وإجرائيًا؟

ويحوي العدد أيضًا ورقة الباحث خالد البحري "الخلق والقيم لدى برغسون أو ما حاجة الله إلينا". وفيها محاولة لتنزيل مساهمة برغسون في صلب الانشغال الفلسفي بقضايا "القيمة" و"الأخلاق" و"الدين" و"التصوّف"، وهو انشغال يجعل من الإيتيقا الكونية موضوع قول فلسفي، كما يرى بحري. "ولعلّ تضخّم هذا الانشغال اليوم، وانفتاح القيم على مسارب شتّى، دفعَا إلى محاولة ترصّد اللحظة البرغسونية بما هي نقطة تحوّل محورية في كيفية النظر الفلسفي في خلق القيم مقارنةً مثلًا بالمشروع الميتافيزيقي الكانطي أو بالدراسة العلمية الدوركايمية أو بالمساءلة النسابية النيتشوية. ولذلك تتساءل الورقة: كيف عاش برغسون العلاقة بين الخلق والقيم؟ وما هي سمات اشتغال مفهوم الخلق في حقل الأخلاق والدين لديه؟

أمّا في باب "من المكتبة"، فاحتوى العدد ترجمةً وتقديمًا لزكي بيضون عن "باب في ’تسويغ الفاهمية المحضة‘ في الطبعة الأولى من ’نقد العقل المحض‘" لإيمانويل كانط. وحوى باب "المناقشات والمراجعات" ورقةً للباحث رشيد العلوي بعنوان "الشرط الإنساني ومشكلة الشر: مفهوم الشر السياسي عند هنّه أَرِنديت"؛ وورقة للباحث محمود الذوادي "ابن خلدون وانزعاجه من تصدّع العصبية الثقافية في هوية الوطن العربي"؛ و"المعلومة الدالة: جسر بين البيولوجيا والدماغ والسلوك" لأنطوني ريدينغ وترجمة صالح الحباشة؛ ومراجعة وافية لكتاب "الدين والعلمانية في سياق تاريخي" لعزمي بشارة أنجزها الباحث مصطفى أيت خرواش. وفي باب "تقارير"، قدّم الباحث إبراهيم القادري بوتشيش تقريرًا موسعًا عن أعمال المؤتمر الدولي الثالث لـ"عالم الإسلام: المجتمع والتاريخ والثقافة".

للحصول على أعداد المجلة (نسخ ورقية أو إلكترونية) أو مقالات مفردة منها، أو الاشتراك السنوي فيها، زرّ المكتبة الإلكترونية للمركز.