بدون عنوان

في إطار فعاليّات المؤتمر السّنوي الأوّل للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، اختتم المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات اليوم الإثنين أعمال مؤتمر "من النموّ المعاق إلى التّنمية المستدامة".

وفي محاضرةٍ بعنوان "ملاحظات استكشافيّة حول النموّ المستدام والتّنمية في الدّول العربيّة"، أكّد الدّكتور علي عبد القادر علي أنّه خلال الفترة 1985-2009 لم تتمكّن الدّول العربيّة من تحقيق نموٍّ مستدام، ما عدا مصر. مشيرًا إلى أنّه يمكن للدّول النّامية، بما فيها الدّول العربية، تحقيق تنميةٍ يُعتَدُّ بها من خلال مراجعة السّياسات المطبّقة منذ عام 1985، وإعادة النّظر في السّياسات التي فُرضت عليها.

وطالب علي بتناول قضيّة السياسات الاقتصادية والاجتماعية من وجهة نظر السّياسات التّنموية، للتغلُّب على الصّعوبات المفهومية التي يُثيرها الفصل بين الاقتصاديّ والاجتماعيّ، مشيرًا إلى أنّ المفاهيم التي تبلورت خلال العقدين الماضيين بشأن إدارة التّنمية في الدول النامية، تتطلّب تبنّي مقاربة تستنبط السّياسات الملائمة بعد الاتّفاق على الأهداف التنمويّة، مع ضرورة أن تُعنى بالجوانب الحقيقيّة للاقتصاد، لا بالجوانب الاسميّة للمتغيّرات الاقتصادية الكلّية.

في المحور الثّامن والأخير في موضوع التّنمية الاقتصاديّة، سلّط الباحث عبد العزيز جوهر في ورقته المعنونة "تحدّيات البطالة في مصر: البعد الجغرافي والتّكامل الأفقي لسياسات التّنمية" الضّوء على أزمة البطالة عربيًّا، مشيرًا إلى "خللٍ هيكليّ في التوزيع الجغرافيّ والقطاعي لسياسات التّنمية الاقتصادية في مصر". وأشار جوهر إلى التّباين الكبير في مخرجات عمليّة التنمية جغرافيًّا وقطاعيًّا لتركُّز الاستثمارات في إقليم القاهرة الكبرى والإسكندريّة. وخلص إلى أنّ المجهودات المبذولة في مصر لا تنسجم مع مفاهيم التّنمية المستدامة، لافتقارها إلى التّكامل الأفقي بين السّياسات.

ورأت الدّكتورة عائشة التايب في بحثها "سياسات التّنمية في البلدان العربيّة وتأثيرها على فرص العمل دراسة حالة تونس" أنّ ثمّة هشاشة في النّماذج التنمويّة المعتمدة في تونس منذ الاستقلال، آلت إلى عدم تحسّن الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة ومراكمة الفشل؛ وأنّ السّبب في ما يجري بعد الثورة هو البطالة المنتشرة بين الشّباب من جرّاء السّياسات المشوّهة في العهد "البائد".

وقدّم الباحث عبدوتي ولد عال أحمد بحثًا بعنوان "سياسات التّنمية في موريتانيا وتأثيرها على فرص العمل"، استنتج فيه أنّ غياب الحلّ الجذريّ لإشكاليّة التّشغيل في موريتانيا، سببه ارتفاع معدّلات نموّ السكّان النّشطين اقتصاديًّا والعجز عن خلق فرص العمل، ولفت إلى أنّ من إشكاليّات الاقتصاد الكلّي في موريتانيا هي أنّ الصّادرات تمتصّها نفقات الواردات النّاتجة من ضعف إنتاجيّة الاقتصاد وعجزه عن مواكبة الطّلب المحلّي، مع الإهمال المستمرّ والمتعمَّد للقطاع الرّيفي ومع عجز الآليّات المتاحة عن زيادة مساهمته في النموّ وضعف الإرادة السّياسية حيال تنظيم القطاع غير المصنّف.

وركّز الباحث صلاح الزرو في ورقته "التّنمية الأسـيرة... سياسات التّنمية في فلسطين وتأثيرها على فرص العمل" على سياسات التّنمية في فلسطين، وعلاقتها بإيجاد فرص العمل وخصوصًا للشّباب، عارضًا الخصائص الاقتصاديّة والاجتماعيّة للمجتمع الفلسطينيّ، وسياسات التّنمية المعتمدة والإستراتيجيّات الوطنيّة للتّنمية والتّشغيل، ومدى ملاءمتها لأهداف تشغيل العمالة، معدّدًا العوامل المؤثّرة في أداء السّياسات التّنموية والتّشغيلية، مشيرًا إلى تأثّر هذه السّياسات بالمؤثّرات الخارجيّة الاقتصاديّة والسياسيّة. ورأى الباحث أنّ سياسات التّنمية منذ قيام السّلطة الفلسطينية كانت مُسَكِّناتٍ لتفادي الانفجار الاجتماعيّ والجنوح نحوَ التطرّف، ولم تؤدِّ إلى إحداث تنمية حقيقيّة شاملة ومستدامة، أو نموّ اقتصاديّ راسخ الأركان، مضيفًا أنّ الفلسطينيّين لا يسيطرون على معظم إيراداتهم التي تتحكّم فيها عادةً إسرائيل والجهات المانحة، بينما تحتكر إسرائيل السّيطرة على الأرض والبحر والفضاء في فلسطين، وتهيمن على تجارتها الخارجيّة.

الدّراسة الثالثة والأخيرة كانت للباحث عزّت قيناوي بعنوان "سياسات التّنمية في البلدان العربية وتأثيرها على فرص العمل - الحالة المصريّة"، الذي رأى أنّ مسيرة سياسات وجهود التّنمية العربية على مدار عقودٍ من الزّمن أخفقت في تحقيق الأهداف المنشودة لشعوبها من خلال وضوح الفجوة التّنموية بينها وبين مثيلاتها من الدّول الأخرى الحديثة النّشأة، وخصوصًا في آسيا. ولاحظ الباحث استنادًا إلى التّقارير الاقتصادية الدولية والعربيّة، أنّ الدول العربية سجّلت خلال الفترة 2000-2005 معدّلات نموّ اقتصاديّ مرتفعة في مقابل ازدياد معدّلات خلق فرص العمل الجديدة ونسبة مشاركة المرأة في قوّة العمل، وهبوط معدّلات البطالة؛ معيدًا ذلك إلى ارتفاع عوائد النّفط في دول الخليج العربيّة. ولاحظ أنّه مع ارتفاع معدّلات النموّ في مجال خلق فرص العمل الجديدة، بقيت نسبة مساهمة من هم في سنّ العمل في قوّة العمل منخفضة، مضيفًا أنّ أغلبيّة فرص العمل الجديدة نشأت داخل قطاعاتٍ منخفضة الإنتاجيّة والقيمة المضافة.