بدون عنوان

فاز كتاب البعثات التعليمية في اليابان والمغرب من أربعينيات القرن التاسع عشر حتى أربعينيات القرن العشرين: تباين المقدمات واختلاف النتائج لمؤلفه يحيى بولحية والصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عام 2016، بجائزة المغرب للكتاب في دورتها لعام 2017 في فئة العلوم الإنسانية. ومُنحت الجائزة لكتاب يحيى بولحية مناصفةً مع كتاب الذاكرة والتاريخ لصاحبه عبد العزيز الطاهري؛ وذلك من بين 26 كتابًا مرشحًا في فئة العلوم الإنسانية من الجائزة التي تمنحها وزارة الثقافة المغربية لأفضل الإصدارات في ست فئات علمية وإبداعية.

وكان بولحية ناقش رسالة الدكتوراه في التاريخ وتقدم بها للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات من أجل إصدارها في كتاب، إذ يفتح المركز المجال لنشر رسائل الدكتوراه والماجستير المتميزة. وبعد إخضاع المخطوطة للتحكيم على أيدي أساتذة مختصين، أصدر المركز العربي كتاب الباحث بولحية في 847 صفحة من القطع المتوسط.

وانطلق الباحث من تساؤل جوهري مفاده: إنْ خضَع بلَدان للآليات التنموية نفسها، فلماذا ينمو مجتمع أحدهما ويتقدم في مسيرته الإصلاحية، بينما يراوح الآخر مكانه؟ لماذا استفاد اليابان من البعثات التعليمية إلى العالم الرأسمالي ولم يستفد ‏المغرب؟ وهل نتج هذا التفاوت من البنية المجتمعية المختلفة في البلدين؟ أم من البنية الذهنية ودور ‏المدرسة والنموذج التعليمي فيهما؟

يستنتج بولحية من بحثه المعمّق أنّه يصعب تقويم مآل البعثات التعليمية المغربية واليابانية إلى دول الغرب الرأسمالي، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، بمعزلٍ عن الأوضاع العامة التي أحاطت بالبلدين، وأفرزت نتائج متباينة على مستوى مآل التحديث في المغرب واليابان. ويقول إنّ المغرب فقَدَ خلال الفترة المذكورة، سلطةً ومجتمعًا، أمةً ونخبةً، مقدمات التغيير وقابلية الإصلاح، ومن غير اللائق نسبة الفشل إلى فئة مجتمعية أو إلى نخبة محددة أو تيار سياسي فكري معيّن. ولم يكن ذلك متعلقًا بفكرٍ سلفي غير قادر على مواكبة تحولات التحديث الأوروبي؛ فقد اعتمد اليابان سلفيته الخاصة، وارتكز على قيمه الأخلاقية والأسطورية في عملية الإصلاح والتنمية، ونجح في التوفيق بين التقليدية والتحديث، ما جعل منه مادةً للمقارنة والتمثّل والاقتداء من عدد من الكتابات والندوات والكراسي العلمية ومراكز الدراسات المبثوثة في مختلف مناطق البحث الأكاديمي في أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا. ونجحت البعثات التعليمية اليابانية في تحقيق أهدافها بسبب التراث الذهني والتماسك الاجتماعي الذي تأسس على منطق التراكم التاريخي والخبرة الفيودالية القديمة، القائمة على أساس سلفي تقليدي، ينهل من الرموز الثقافية والاتجاهات العقدية والفكرية، ويوظفها بذكاء متميز في مسيرة التحديث.

يحيى بولحية

يحيى بولحية باحث مغربي، حاصل على شهادة دكتوراه في التاريخ المقارن من جامعة محمد الأول في وجدة. يعمل إطارًا إداريًا وتربويًا في أكاديمية وجدة للتربية والتكوين. وهو مختص في التاريخ المعاصر والتاريخ المقارن. له عشرات المقالات العلمية التاريخية والأنثروبولوجية والتربوية والسياسية المحكّمة؛ منها مقالات منشورة في مجلات يصدرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إضافةً إلى مراجعات نقدية لبعض الكتب.

يذكر أن جائزة المغرب للكتاب جائزة سنوية تمنحها وزارة الثقافة المغربية للإصدارات المتميزة في ست فئات علمية وإبداعية هي: الشعر، السرديات والمحكيات، العلوم الإنسانية، العلوم الاجتماعية، الدراسات الأدبية والفنية واللغوية، والترجمة. وقد ترأس لجنة الجائزة لدورة 2017 الأستاذ سعيد يقطين، وترأس اللجنة الفرعية لفئة العلوم الإنسانية إدريس خروز. وينظم حفل خاص بتسليم الجائزة يوم الخميس 18 أيار/ مايو 2017.