تواصلت، يوم الإثنين 24 شباط/ فبراير 2023، أعمال مؤتمر "استراتيجيات الدفاع للدول الصغيرة والقوى الأصغر: التكيفات التكتيكية والابتكارات العملياتية"، الذي تنظّمه وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
ضمّت أعمال اليوم الثاني للمؤتمر ثلاث جلسات، خُصصت لبحث حالات أوكرانيا، وإستونيا، وقطر، والكويت، وجورجيا، وأذربيجان، وأرمينيا، بمشاركة عشرة باحثين.
أوكرانيا ومعضلات القوات الأصغر
عُقدت الجلسة الرابعة للمؤتمر بعنوان "جبهة شرقية؟ أوكرانيا ومعضلات القوات الأصغر"، ترأستها كريستينا باشين، أستاذة مساعدة في الصحافة في جامعة نورثويسترن في قطر، وشارك فيها أربعة باحثين. قدّم فياتشيسلاف سيمينينكو، أستاذ في الأكاديمية العسكرية الأوكرانية، ورقة بعنوان "أوكرانيا: الحرب في المجالين البري والجوي"، تناول فيها استراتيجيات أوكرانيا في التقليل من التفوّق الروسي في العمليات البرية والجوية، بوصفها الدولة الأصغر حجمًا والطرف المدافع في الحرب، مع التركيز على التكيّفات التكتيكية والابتكارات العملياتية التي نفّذتها وحدات النخبة في القوات المسلحة الأوكرانية، وتأثير الاستخدام الواسع النطاق للمسيّرات.
أمّا هانا شيلست، مديرة دراسات الأمن وبرامج التواصل العالمي في مجلس السياسة الخارجية Ukrainian Prism، فقد ركّزت في ورقتها "قوة عدم التناظر: استراتيجية أوكرانيا البحرية نموذجًا لدفاع الدولة الصغيرة"، على استراتيجيات الدفاع البحري المبتكرة للدول الصغيرة، من خلال دراسة حالة الهجوم المضاد الناجح الذي شنّته أوكرانيا ضد القوات البحرية الروسية في البحر الأسود، على الرغم من عدم امتلاكها أسطولًا تقليديًا، بل باستخدام المسيّرات البحرية والمركبات السطحية والتكتيكات المبتكرة للحرب غير المتناظرة.
وفي السياق نفسه، بحث أوليكساندر بوغومولوف، أستاذ اللسانيات العربية في أوكرانيا، في ورقته "كيف تدافع أوكرانيا؟ من مرونة المجتمع إلى الدفاع المتكامل"، استراتيجية الدفاع الشامل التي اتبعتها أوكرانيا عقب الحرب الروسية، وكيفية تمكّن القوات الأوكرانية، بحلول نهاية عام 2022، من تحرير 50 في المئة من أراضيها التي احتلتها روسيا بسبب نوعية قواتها والدعم العسكري من الدول الشريكة.
وأخيرًا، انتقل هنريك براكس، زميل باحث في برنامج الأمن والمرونة في المركز الدولي للدفاع والأمن ICDS، في ورقته "دفاع الدولة الصغيرة: منظور إستوني"، إلى حالة إستونيا، موضحًا أنه وفقًا لموقعها الجيوسياسي، فإنها لا تستطيع بناء أمنها العسكري على أساس الردع التقليدي فحسب، بل يتعيّن عليها بوصفها دولة صغيرة أن تكون مستعدة لوقف العدوان على نحو حاسم باستخدام كافة موارد الدولة وحلفائها، بما في ذلك إشراك جميع مؤسسات الدولة والمواطنين.
نهج قطر في الدفاع والأمن
عُقدت الجلسة الخامسة التي ترأسها راشد حمد النعيمي، قائد مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للقوات المسلحة القطرية، بعنوان "الدفاع الذكي: نهج قطر في الدفاع والأمن"، وشارك فيها ثلاثة باحثين. افتتح خالد الخليفي، دبلوماسي وأكاديمي متخصص في العلاقات الدولية، الجلسة بورقة عنوانها "القوة الذكية للدول الصغيرة: دراسة معمقة حول بناء التحالفات واستراتيجيات الردع لدولة قطر"، حاجّ فيها بأن الفهم العقلاني للقوة الذكية للدول الصغيرة وإمكانية تطبيقها مسألة ضرورية لتعزيز الأمن والسلم الدوليَّين، وتطرّق إلى دور قطر، بوصفها دولة صغيرة، في بناء القدرات والتحالفات لإعادة السلام والاستقرار وتعزيز العلاقات مع المجتمع الدولي.
وقدّمت دانة علي العنزي، باحثة أولى في العلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية في الكويت، ورقة عنوانها "استراتيجية القوة الناعمة للدول الصغيرة: دراسة مقارنة بين الكويت وقطر"، ناقشت فيها كيفية توظيف الدول الصغيرة استراتيجيات القوة الناعمة، لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية، في إطار التحديات الجيوسياسية التي تواجهها، مقارنةً بين أدوات القوة الناعمة التي تعتمدها الكويت وقطر، بما في ذلك الدبلوماسية، والإعلام، والتعليم، والرياضة، والمساعدات الإنسانية.
وخُتمت الجلسة بورقة قدّمها عبد الرحمن سعيد الكواري، باحث دكتوراه في الدراسات الأمنية النقدية في معهد الدوحة للدراسات العليا، عنوانها "الدرك خيارًا استراتيجيًا: تعزيز القدرات الدفاعية القطرية في مواجهة تحديات الموارد البشرية"، حاول فيها الإجابة عن سؤال رئيس: كيف يمكن أن تحوّل دولة قطر قوات الدرك إلى قوة عسكرية محترفة، تعوّض نقص الموارد البشرية في سياستها الدفاعية؟ فاستعرض الخيارات التي انتهجتها قطر لتعويض النقص في القوة البشرية، وركّز على تقديم استراتيجية مقترحة لاستخدام قوات الدرك بوصفها قوة احتياطية للقوات المسلحة القطرية، وذلك من خلال تحليل تجارب دولية مماثلة.
الدروس الاستراتيجية من حروب القوقاز
بحثت الجلسة السادسة للمؤتمر، التي ترأسها شعبان كرداش، أستاذ باحث في مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، التطورات التكتيكية والدروس الاستراتيجية في سياقات مقارنة من منطقة القوقاز، بمشاركة ثلاثة باحثين. قدّم روبرت هاملتون، رئيس قسم الأبحاث في برنامج أوراسيا التابع لمعهد أبحاث السياسة الخارجية، ورقة عنوانها "الحرب الروسية - الجورجية 2008"، تتبّع فيها كيفية تمهيد سلسلة من التحركات الروسية قبل الحرب، إلى جانب أخطاء جورجيا وشركائها، الطريق لانتصار روسيا. فعلى الرغم من أن الوحدات الجورجية كانت أكثر تدريبًا وتجهيزًا من عدوّها، وكانت تنتصر في العديد من الاشتباكات التكتيكية، فإنها لم تكن ندًّا لحجم القوة الروسية التي واجهتها وسرعتها.
وفي ورقة عنوانها "ثلاثي أذربيجان وتركيا وباكستان وحرب كاراباخ"، حلل فاسيف حسينوف، رئيس قسم الدراسات الغربية في مركز تحليل العلاقات الدولية AIR Center في باكو، دور التعاون الثلاثي بين أذربيجان وتركيا وباكستان في جهود أذربيجان لدحر احتلال منطقة كاراباخ، وأثره في استراتيجية الدفاع والتسليح الأذربيجانية قبل حرب كاراباخ الثانية (2020) وأثناءها.
أمّا ليونيد نرسيسيان، زميل باحث في معهد أبحاث الدفاع في أرمينيا، فقد أشار في ورقته "استراتيجية أرمينيا الدفاعية وحرب ناغورنو كاراباخ الثانية"، إلى أنّ القوات المسلحة الأرمنية خضعت لتحولات جذرية بعد الهزيمة العسكرية في حرب ناغورنو كاراباخ الثانية، في محاولة لإنشاء آلية ردع فعّالة ضد أذربيجان. ونظرًا إلى عدم إظهار روسيا ولا منظمة معاهدة الأمن الجماعي - الحلفاء الرئيسون لأرمينيا - أي دعم مُجدٍ، دُفعت البلاد إلى تنويع مجالها الأمني، فبعد عام 2022، أصبح الشركاء الدفاعيون الرئيسون لأرمينيا هم الهند وفرنسا، وكلتاهما تساهم في بناء القدرات وإمدادات الأسلحة.
تتواصل جلسات المؤتمر حتى يوم الثلاثاء 25 شباط/ فبراير 2025 في مقر المركز العربي؛ على نحو ما هو موضح في جدول أعماله، وتُبثّ جلساته مباشرةً عبر منصّات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمركز، مع توافر الترجمة الفورية بالعربية والإنكليزية.