بدون عنوان

غلاف العدد 22 من أسطور

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد الثاني والعشرون من دورية أسطور نصف السنوية المحكّمة للدراسات التاريخية. وتُقدم الدورية في هذا العدد نخبةً من الدراسات التاريخية، إضافةً إلى باب "ترجمات"، ومراجعات كتب تاريخية، وتستعرض وثائق ونصوصًا أيضًا. وقد ناقش هذا العدد موضوعات في التاريخ الفكري والاجتماعي والهيستوريوغرافيا وتحولات الكتابة التاريخية.

يفتتح باب "دراسات" بمقالة "في المناهج التاريخية المعاصرة: من التاريخ المقارن إلى التاريخ المتصل" لسمية الوحيشي. وتسعى هذه الدراسة للتعريف بأهم المقاربات والمناهج التاريخية المعاصرة التي ما زالت في أوج ديناميكيتها وتطورها، ومنها: تاريخ التداول الثقافي والتاريخي المتصل والتاريخ المتشابك والتاريخ المتقطع والتاريخ عبر القومي، في ظل المتغيرات السياقية التي عايشها العالم خلال العقود الأخيرة، والتي هزّت "عرش" التاريخ المقارن؛ ومن ثمّ ما أفرزته في المجال العلمي من شبكة منهجيات تستجيب لمتطلبات السياق الجديد.

ويحاول الباحث في التاريخ الثقافي الأسعد يانسي، في دراسة "الرحلة العلمية من خلال كتب التراجم: نماذج من القرنين 11-12ه/17-18م"، الوقوف على مدى مشروعية اعتماد كتب التراجم عند تناول مسائل اجتماعية وثقافية مثل موضوع الرحلة، وما اتصل بها من تراث أدبي معروف بـ "أدب الرحلة"؛ وذلك من خلال توظيف أدوات إحصائية كمية وأخرى نوعية، من أجل رصد مختلف المعطيات الواردة في كتب التراجم. وتُركّز الدراسة خاصّة على الرحلة العلمية، فضلًا عن رصد المصنّفات التي راكمت مدوّنة الرحلة خلال العصر العثماني، استنادًا إلى عيّنات من مصنّفات التراجم المشرقية (المصرية والشامية تحديدًا) التي كُتبت خلال القرنين 11-12ه/ 17-18م.

تَرِدُ الدراسة الثالثة بعنوان "في تاريخ بدايات الحماية الفرنسية على البلاد التونسية (1881–1884)" لمنير السنوسي، أستاذ القانون العام في جامعة صحار، وتسلّط الضوء على ما شهدته السنوات الأولى من الاحتلال الفرنسي في تونس من حركات مواجهة ومقاومة وأدوار سياسية ودبلوماسية مهمة أدّتها بعض الشخصيات التاريخية التي بقيت مغيّبة في تاريخ تونس، مثل الجنرال محمد العربي زرّوق والقائد علي بن خليفة النفاتي، وذلك من خلال التدقيق في تفاصيل الأحداث وأطرافها الرئيسة.

ويتناول مهند أبو سارة، طالب الدكتوراه في قسم دراسة الأديان في جامعة تورنتو، في مقالته "تطور الأدوار الاجتماعية والتوجهات الفكرية لدى الأعيان المقدسيين خلال القرن التاسع عشر وبواكير القرن العشرين"، جزءًا من التاريخ الاجتماعي والفكري للحياة الثقافية والاجتماعية في فلسطين خلال القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، مع التركيز على تطور الأدوار الاجتماعية والتوجهات الفكرية لنخب عائلتَي الحسيني والخالدي في القدس. وتستعرض دراسته هذا التطور من خلال الانتقال من المناصب التقليدية التي شغلتها نخب العلماء في المجتمع المقدسي، مثل منصب المفتي وشيخ الحرم ونقيب الأشراف ونائب القاضي، إلى مناصب وأدوار جديدة تشمل المحافظ ونائب البرلمان وغيرهما. وتسلّط الضوءَ على هذا المسار الفريد للإصلاح الفكري والاجتماعي الفلسطيني، مشيرةً إلى أن ظهور فئات جديدة مثل "المثقفين" و"السياسيين" أتى على حساب الأدوار التقليدية للقاضي والفقيه.

أما عمرو الملاح، الكاتب والباحث السوري، فيتناول، في دراسته "حرب البرقيات: ثورة تركيا الفتاة والحركة المضادة للأعيان في حلب (1908–1913)"، حرب البرقيات التي اندلعت في حلب عام 1911 بين الوالي حسين كاظم بك ومؤيديه من جهة، وعدد من الأعيان المعارضين لسياساته من جهة أخرى، وذلك بعد اتهامه باضطهاد شرائح المجتمع المعوزة والتهرب من دفع ضريبة الأعشار. وتجادل هذه الدراسة بأن محاولة الوالي تحطيم سلطة الأعيان تندرج ضمن إطار "الحركة المضادة للأعيان" التي أُطلقت إبان الحقبة الدستورية، وأنها استهدفت أعيان النظام القديم، وخاصةً المنضوين تحت التنظيمات الحزبية المعارضة، الذين ثبت أنّ نفوذهم يمثّل عقبةً تحُول دون إعادة الاتحاديين تشكيل الحكومة المحلية. وترى الدراسة أن هذه الحركة لم تنتهِ باستدعاء الوالي، بل تواصلت بالتزامن مع استكمال الاتحاديين سيطرتهم على الدولة.

 أما الدراسة السادسة، وهي بعنوان "جذور الثورة المصرية 1919 من منظور الأرشيف الألماني"، لتقادم الخطيب، فهي تهتم بمجموعات الناشطين المصريين خارج الحدود الإقليمية للدولة المصرية الحديثة الذين عارضوا الاحتلال البريطاني في فترة سابقة لثورة 1919، والذين كان لهم دور فعّال في اندلاع الثورة، وتسلّط الضوء على محاولة المعارضة المصرية، في تلك الفترة، إيجاد مكانة لنفسها في المجتمع الدولي، وتكثيف نشاطاتها، إلا أنها لم تجد حاضنة حقيقية سوى سويسرا وألمانيا. وتعيد هذه الدراسة التفكير في هذه المجموعات الوطنية ونشاطاتها السياسة.

يختتم الباب بدراسة "من الكوشان إلى الكارافان: نحو إطار تاريخي لدراسة حوكمة الأرض واستعمار فلسطين"، لمنير فخر الدين، الأستاذ المشاركة في دائرة الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت، متناولًا تاريخ حوكمة الأرض في فلسطين منذ أواخر العهد العثماني حتى الاحتلال الإسرائيلي (1948)، مع التركيز على التغيرات البنيوية في إدارة الحيازة والسيطرة على الأرض. وتهتمّ هذه الدراسة بكيفية استخدام القانون العثماني لتقنين حيازة الأرض وما تلاه من تحوّلات خلال الانتداب البريطاني (1920-1948)؛ فقد أُعيد تشكيل مفاهيم الملكية وارتباطها بالسيطرة الاستعمارية. وتستعرض أدوات الاحتلال الإسرائيلي لنزع ملكية الفلسطينيين عبر القوانين والمصادرة والتخطيط الحيزي، من خلال تسليط الضوء على أبعاد للصراع على الأرض من الجوانب التاريخية والاجتماعية والسياسية.

أما في باب "ترجمات"، فهو يضمّ دراسة ترجمها أحمد بوحسن من اللغة الإنكليزية عنوانها "تعليم تاريخ العالم عبر العالم" لروس إدموند دان، الأستاذ الفخري للتاريخ في جامعة ولاية سان دييغ، في حين يضمّ باب "مراجعات كتب" مراجعةَ سعيد الحاجي لكتاب بوح الذاكرة وإشهاد الوثيقة، لامبارك بودرقة (عباس)، ومراجعةَ أحمد العماري لكتاب المغرب في مواجهة الاستعمار: دراسات في مسألة الحدود والإصلاح لعبد الحق الطاهري، ومراجعةَ يوسف مدراري لكتاب تاريخ حركة الطباعة والنشر في المغرب خلال فترة الحماية (1912–1955) لفوزي عبد الرازق.

ويتضمّن باب "وثائق ونصوص" دراسة عنوانها "جاحل وماحل: المجندون من خارج البلاد للجيش الإسرائيلي في حرب 1948" لمحمود محارب. وتبحث هذه الدراسة في كيفية تجنيد الحركة الصهيونية وإسرائيل أشخاصًا من خارج البلاد انتموا إلى فئتين؛ أُطلق على أُولاهما "تجنيد من خارج البلاد" (جاحل)، ومعظمها مقتلعٌ من اليهود الناجين من المحرقة النازية في أوروبا الشرقية، وأُطلق على ثانيتهما "متطوعون من خارج البلاد"، وهي تشتمل على أشخاص من الولايات المتحدة الأميركية، وجنوب أفريقيا، وبريطانيا، وكندا، ودول أخرى. وتركز الدراسة على الدور البالغ الأهمية الذي أدّاه مجنّدو جاحل ومتطوّعو ماحل في حرب عام 1948.


** تجدون في موقع دورية "أسطور" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.