بدون عنوان

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومعهد الدوحة للدراسات العليا العدد السادس والستون من الدورية العلمية المحكّمة "سياسات عربية"، التي تعنى بالعلوم السياسية والعلاقات الدولية، وتصدر كلّ شهرين. ضمّ العدد ملفًّا خاصًّا بعنوان "تحولات النظام السياسي المصري منذ 2013"، تضمّن ست دراسات نظرية وتطبيقية ركزت على الشرعية السياسية داخليًا وخارجيًا، والعلاقات المدنية – العسكرية، والاقتصاد السياسي، إضافةً إلى تقديم للمحررَين روبرت سبرنغبورغ وعبد الفتاح ماضي. واشتمل على توثيق لأهم محطات الصراع العربي – الإسرائيلي، وأبرز محطات التحول الديمقراطي في الوطن العربي ووثائقه، ومراجعة كتاب عن الاستراتيجية الصينية تجاه الدول العربية.

يناقش بروس روثرفورد، في دراسته بعنوان "النظام السياسي والسعي للشرعية"، مفهوم الشرعية وأنماطها في مصر منذ عام 2013، وشرعية الأداء في مجال السياسات التعليمية، وإسهام هذه الشرعية في ديمومة النظام. ويكشف أنّ النظام لا يستطيع صنع شرعيته، لكنه قادر على إدارتها في جوانبَ كثيرة، من خلال إقناع غالبية السكان بأنه أكثر فاعلية في تحسين حياتهم من أيّ بديل آخر. ويرى أن هذه الدرجة من الشرعية قد تكون كافية لدفع كثيرين من السكان إلى الالتزام بالقوانين واللوائح، والإحجام عن المشاركة في أي جهود قد ترمي إلى استبدال النظام.

أمّا محمد عفان، في دراسته بعنوان "وطنية بلا مواطنة: بدائل النظام المصري ما بعد تموز/ يوليو 2013 لبناء شرعية غير انتخابية"، فيرى أنّ الصيغة التقليدية للشرعية لم تكن خيارًا كافيًا؛ لذلك توجّه النظام إلى توظيف استراتيجيات بديلة لدعم شرعيته السياسية على المستويَين الداخلي والخارجي، من خلال الهيمنة على مؤسسات الدولة داخليًا، والدخول في تحالفات إقليمية ودولية وتنفيذ مشاريع قومية اقتصادية وتنموية. ويوضح أنّ النظام حاول اكتساب شرعية قانونية عبر دسترة الممارسات والإجراءات الاستبدادية وتقنينها، فضلًا عن انتظام العمليات الانتخابية، إلا أنّ غياب الشروط الموضوعية لانتخاباتٍ نزيهة أثّر سلبيًا في صدقيتها.

ويعرض عماد الدين شاهين وعبد الرحمن محمد، في دراستهما بعنوان "الجمهورية الجديدة: رؤية قديمة ووعود لم تتحقق"، جهود النظام في بناء جمهورية جديدة وإدارتها، وملامحها وأبعادها الأساسية، ونقاط قوّتها وفرص نجاحها، وأسباب دعم كثير من الأطراف الدولية لها. ويخلص الباحثان إلى أنّ مشروع بناء جمهورية جديدة يواجه تحديات جمة، من قبيل الافتقار إلى مؤسسات سياسية فاعلة، يمكنها المشاركة في صنع القرار السياسي والاقتصادي، وغياب الإجماع الوطني، وضعف قدرة النظام على المحافظة على ديمومة حشد الموارد الداخلية والخارجية لدعم هذه الرؤية، فضلًا عن الشكوك الكبيرة في القدرة على تنفيذ الكثير من المشاريع الطموحة.

ويبحث عبد الفتاح ماضي، في دراسته بعنوان "العلاقات المدنية - العسكرية في مصر واستراتيجيات النظام للبقاء"، في ثلاثة أهداف رئيسة اهتم النظام بتحقيقها منذ عام 2013، وهي تمكين سيطرته على الجيش ومنع انقلابه، ومنع أيّ تعبئة سياسية تؤدي إلى ثورة، والمحافظة على استمرار دعمه الخارجي. ويرى أنّ هذه التدابير ساهمت مع مرور الوقت في تعزيز نمط الحكم الفردي، وتهديد وحدة الجيش بسبب إنشاء كيانات مسلحة موازية، وتقويض السيادة الوطنية بسبب بيع أصول الدولة. ويوضح أنّ النظام استفاد من الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، من خلال تنازلات ضخمة قدّمها لداعميه الإقليميين والدوليين.

ويوضح حسام الحملاوي، في دراسته بعنوان "دور الشرطة في الثورة المصرية المضادّة"، علاقة المجلس العسكري ومحمد مرسي بجهاز الشرطة، ثم يبحث في عودة وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية إلى ممارساتها القمعية القديمة. ويكشف أن الجهاز الأمني، الذي كان يعاني تشظيًا في الصلاحيات وتداخلها، وتركّز اهتمامه على التنافس بدلًا من التنسيق، دفعه تهديد ثورة 2011 إلى توحيد صفوفه لمواجهة الاضطرابات الشعبية، وبعد 2013 شارك الجيش والأجهزة الاستخباراتية في قمع المعارضة مع إفلاتٍ من العقاب. ويختتم بالقول إنه لا ينبغي التعامل مع استمرار وحدة الجهاز وانسجامه بوصفه أمرًا مسلّمًا به، فالأزمة الاقتصادية قد تدفع إلى حدوث مقاومة.

أخيرًا، يركّز روبرت سبرنغبورغ، في دراسته بعنوان "رؤية السيسي عن مصر الجديدة: أسبابها وعواقبها وآفاقها الاقتصادية"، على تأثير العوامل الاقتصادية في صعود النظام السياسي الجديد الذي يقوده عبد الفتاح السيسي في مصر، وتداعيات هذه العوامل على نظامه السياسي، على النحو المتوقَّع في حالات مماثلة من التنمية الاقتصادية التي تقودها النظم التسلطية. ويحلل إذا مــا كانت هذه التداعيــات تســمح لمصــر بمنافســة اقتصادية أفضــل، أم أنها تقوّض قدرتها على ذلك. ويعرض في الخاتمة عددًا من السيناريوهات للمستقبل البديل للاقتصاد السياسي في مصر.

أما باب "التوثيق" ففيه توثيق لأهمّ "محطات التحوّل الديمقراطي في الوطن العربي"، و"وثائق التحول الديمقراطي في الوطن العربي"، و"الوقائع الفلسطينية"، في المدة 1 تشرين الثاني/ نوفمبر-31 كانون الأول/ ديسمبر 2023. وفي باب "مراجعات الكتب"، أعدّت ياسمين لحنين مراجعة لكتاب "الاستراتيجية الصينية تجاه الدول العربية: الأهداف والآثار المستقبلية، دراسة استشرافية" لأنس خالد نصار، وهو كتاب صادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عام 2020.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.