بدون عنوان

شهد حقل الدراسات الأمنية تحوّلًا جذريًا منذ نشأته بعد الحرب العالمية الثانية؛ إذ إنه انتقل من التركيز على الأمن القومي ضمن منظور استراتيجي تقليدي يركّز على الدولة والقطاع العسكري، إلى تبنّي مقاربات نقدية وشاملة بعد نهاية الحرب الباردة، فبرزت تصوّرات جديدة تعيد تعريف الأمن انطلاقًا من تجارب الفئات الضعيفة والمهمّشة، وتُعلي من شأن قضايا أكثر تنوعًا مثل الجندر والتغيّر المناخي والأوبئة والأمن السيبراني، ما وسّع نطاق الحقل نظريًا وعمليًا. ورغم الإسهام المهم الذي قدّمته الدراسات الأمنية النقدية في تعميق فهم الظواهر الأمنية ونقدها، فإنّ الحقل في مهده المعرفي ظل يواجه تحديات متزايدة على المستويات النظرية والمنهجية والعملية، لا سيما مع التوسيع المستمر لمفهوم الأمن في مواجهة تهديدات متجددة، وهو ما طرح تساؤلات حول قدرته على الحفاظ على تماسكه الفكري واستجابته الفعّالة لهذه التحوّلات. في هذا السياق، لا تزال الدراسات الأمنية النقدية في البلدان العربية حقلًا ناشئًا في طور التشكّل والتأصيل، ويواجه تحديات تتعلّق بهيمنة المقاربات التقليدية المرتبطة بالأمن القومي، إلى جانب ندرة الأبحاث التي تتناول السياقات الأمنية المحلية من منظور نقدي يتجاوز مرجعية الدولة ويأخذ في الاعتبار تجارب أمنية بديلة وأكثر تنوّعًا.

وانطلاقًا من هذه الحاجة الأكاديمية، تخصص دورية "سياسات عربية" عددًا خاصًا عن حقل الدراسات الأمنية النقدية، للتعريف به، ولبحث السياق التاريخي - المؤسّسي لنشوئه وتطوّره، واستكشاف حالته الراهنة وآفاقه المستقبلية. يحرر العدد الأستاذان في برنامج الدراسات الأمنية النقدية بمعهد الدوحة للدراسات العليا، سيد أحمد قوجيلي ومهند سلوم.

يسعى هذا العدد إلى معالجة ندرة الأدبيات باللغة العربية في هذا الحقل وسد الفجوة المعرفية فيه، من خلال تقديم دراسات معمّقة تُعرّف القارئ العربي به، وتتناول مفاهيمه ومقارباته النظرية، واتّجاهاته البحثية، إضافة إلى أبرز القضايا العملية التي يركّز عليها. ويناقش أيضًا التحدّيات النظرية والأخلاقية التي يواجهها الحقل، مع التركيز على كيفية توظيف الدراسات الأمنية النقدية في فهم التحدّيات الأمنية المعاصرة في العالم العربي وتحليلها. ويحاول إثارة إشكالات الحقل نقديًا، معرفيًا ومؤسّسيًا، وفتح باب النقاش حول الأسئلة المحورية التي تساهم في تطويره، ومن أبرزها: ما الجدوى من دراسة الأمن نقديًا؟ ويتيح لنا هذا السؤال فرصة استكشاف تاريخ حقل الدراسات الأمنية النقدية وتحليل أسسه النظرية، واستشكال أهمّيته العملية، ومدى انطباق مخرجاته المعرفية خارج السياقات التي وُلد وتطوّر فيها، بما فيها السياق العربي.

توجّه هذه الدعوة بصورة خاصة إلى الباحثات المختصات والباحثين المختصين في الشؤون الأمنية، من مختلف تخصّصات العلوم الاجتماعية والإنسانية. وبالنظر إلى الطابع المتعدّد التخصّصات لهذا الحقل، فإنّ الدعوة موجّهة إلى جميع الباحثين المشتغلين في مختلف مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، وخاصة الذين لديهم مرجعية بحثية في تخصّصات ذات صلة بالاتجاهات البحثية المعاصرة في الدراسات الأمنية النقدية، مثل علم اجتماع الهجرة، والعلوم الجنائية، وعلوم البيئة والطاقة، ودراسات المراقبة، ودراسات الاستخبارات، والأمن السيبراني، وعلوم التأمينات وإدارة المخاطر، والمختصّين في علوم البيانات والذكاء الاصطناعي، ممّن ترتبط أبحاثهم بالأبعاد الأمنية لهذه المجالات. ويُشترط أن تكون المساهمات التي ترد من هذه التخصصات مبنية على فهمٍ معمّق لأدبيات الدراسات الأمنية النقدية، وأن توضع في سياقَيها التاريخي والنظري. ويتعيّن على الباحثين أن يشتبكوا نقديًا وتحليليًا مع قضايا الحقل النظرية والعملية، ويركزوا على السياقَين العربي والإقليمي ما أمكن ذلك.

نواظم المشاركة

ترحّب دورية "سياسات عربية" بالمساهمة في تقديم أوراق بحثية في المجالات المذكورة، ويشمل ذلك أوراقًا تتناول أبعادًا نظرية أو تطبيقية أو دراسات حالات (لتفصيل أكبر، يرجى الاطلاع على الورقة المرجعية). وتستقبل مقترحاتٍ بحثيةً، في نحو 250 كلمة، في موعد أقصاه يوم السبت 9 آب/ أغسطس 2025، وتلتزم بالردّ على أصحاب المقترحات، قبولًا أو رفضًا، في موعد أقصاه يوم الخميس 25 أيلول/ سبتمبر 2025.

لأصحاب المقترحات المقبولة متسعٌ من الوقت لإرسال النسخة النهائية من الدراسة، في موعد أقصاه يوم السبت 11 نيسان/ أبريل 2026، مع الالتزام بمواصفات البحث الشكلية والموضوعية التي يعتمدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وتخضع جميع الأوراق المرسَلة للتحكيم، وليست الموافقةُ على المقترح البحثي موافقةً تلقائية على قبول نشره؛ إذ إنه لا يُنشر إلّا ما يُقرّه التحكيم العلمي من أوراق بحثية كاملة بعد إنجازها.

تُرسَل المقترحات البحثية عبرنظام الباحثين.

في حال وجود استفسارات إضافية، يمكنكم التواصل مع بريد الدورية:

siyasat.arabia@dohainstitute.edu.qa