بدون عنوان

الجلسة الافتتاحية للندوة
الجلسة الافتتاحية للندوة
عبد الوهاب الأفندي
عبد الوهاب الأفندي
إليزابيث كساب
إليزابيث كساب
رجا بهلول
رجا بهلول
الجلسة الأولى
الجلسة الأولى
فرانك ميرمييه
فرانك ميرمييه
زينب ديريك
زينب ديريك
الجلسة الثانية
الجلسة الثانية
باسل صلوخ
باسل صلوخ
فاطمة صادقي
فاطمة صادقي
جيهان صفير
جيهان صفير
الجلسة الثالثة
الجلسة الثالثة
عمر أوزوي
عمر أوزوي
متري الراهب
متري الراهب

انطلقت اليوم، الإثنين 21 نيسان/ أبريل 2025، أعمال الندوة السنوية الخامسة لدورية "تبيُّن"، التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تحت عنوان "النقد والسجالات الفكرية في إيران وتركيا والعالم العربي المعاصر: الثقافة والفلسفة وعلم الكلام والنوع الاجتماعي"، بمشاركة نخبة من الباحثين البارزين من العالم العربي وإيران وتركيا. وعلى مدى يومين، ستناقش الندوة في سبع جلسات التحولات النقدية والسجالات الفكرية التي طبعت الفكر في هذه المناطق، من أجل تقديم قراءة نقدية معمّقة لكتابة تاريخها الفكري، وإعادة التفكير في مساراته وتقاطعاته.

افتُتحت الندوة بكلمة ألقاها عبد الوهاب الأفندي، رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا، رحّب فيها بالباحثات والباحثين المشاركين، مشددًا على أهمية هذا النوع من اللقاءات الفكرية في بناء جسور التواصل بين التقاليد النقدية المختلفة في المنطقة، وعلى ضرورة تعزيز البحث المقارن بين التجارب الفكرية لإيران وتركيا والعالم العربي، خاصة مع التحديات الراهنة التي تواجه الفكر النقدي في هذه السياقات.

وقدّمت إليزابيث كساب، منسقة الندوة والأستاذة المشاركة في الفلسفة بمعهد الدوحة للدراسات العليا، كلمة تأطيرية، استعرضت فيها أهمية هذه المبادرة البحثية في صياغة أجندة فكرية مشتركة بين هذه الفضاءات الفكرية الثلاثة، لا سيّما أنها تشترك في إرث ثقافي وتحديثي متقارب. وأشارت إلى أن هذه الندوة تسعى لتجاوز الوسائط الفكرية الخارجية التي لطالما شكلت قناة التفاعل بين هذه المناطق، داعيةً إلى إعادة النظر في السجالات الفكرية من داخل السياقات المحلية، بما يتيح استيعابًا أدق لطبيعة التحولات الفكرية التي شهدتها. وأشارت إلى أن الندوة ستتناول أثر التغيرات السياسية والاجتماعية في تشكيل الخطاب النقدي والفلسفي، وتفاعل الفكر مع قضايا الحداثة والهوية والجندر، مبرزةً الدور المهم لهذه الحوارات في إثراء البحث الأكاديمي، وتوليد رؤى جديدة تسهم في فهم أعمق لهذه القضايا.

أما رجا بهلول، رئيس تحرير دورية "تبيُّن"، فقد ركز في كلمته على راهنيّة الموضوع وأهميته في السياق العربي والإقليمي، مشيرًا إلى أن الندوة توفر فرصة لمقاربة الإشكالات الفكرية المتداخلة بين إيران وتركيا والعالم العربي من منظور نقدي يتجاوز القوالب التقليدية. وشدد على ضرورة البحث في مسارات تطور الفكر النقدي والفلسفي في هذه المناطق، والوقوف عند السجالات الفكرية الكبرى التي ساهمت في تشكيل ملامح الفلسفة والنقد وعلم الكلام والنظرية النقدية المعاصرة، مع الاهتمام بالتقاطعات الفكرية التي طبعت هذه السجالات، خاصة منذ النصف الثاني من القرن العشرين.

التاريخ والذاكرة والفضاء الثقافي: تحولات الفكر في إيران وتركيا والعالم العربي

ترأست إليزابيث سوزان كساب الجلسة الأولى من الندوة، التي خُصصت لموضوع "التاريخ والذاكرة والفضاء الثقافي: تحولات الفكر في إيران وتركيا والعالم العربي". وقدّمت خلالها زينب ديريك، أستاذة الفلسفة في جامعة كوتش بإسطنبول، ورقة بحثية بعنوان: "الأشباحية (الهونطولوجيا) للماضي في تركيا: النقاشات الفكرية حول ثورة الحروف" .تناولت فيها بالنقد والتحليل تحوّل الأبجدية التركية عام 1928، منطلقةً من قراءات الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا لمفهوم السلطة الرمزية ودورها في تشكيل الهوية الثقافية، لا سيما في سياق سيادة مصطفى كمال أتاتورك. وربطت الباحثة بين تأملات دريدا ومجمل النقاشات الفكرية الممتدة في تركيا حول إصلاح اللغة، مستعرضةً مواقف الإسلاميين الثقافيين، والمؤرخين، واللغويين، والفلاسفة، إزاء هذا التحوّل العميق. وسلّطت الضوء على كيفية توظيف السلطة الحاكمة لمشاعر الاستياء المتزايدة من الإرث الكمالي، وسيلةً لتقويض البنى المؤسسية للحداثة. وختمت مداخلتها بتساؤل نقدي حول مدى انسجام تصوّرات دريدا عن القومية والثورات السياسية مع تعقيدات الجدل التركي الراهن حول الهوية الثقافية، متأملةً في صلته بمفهومه عن "الديمقراطية الآتية".

أمّا فرانك ميرمييه، الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي في معهد البحوث المتعددة التخصصات حول القضايا الاجتماعية، فعرض في ورقته "المفاهيم المتنافسة حول ’الفضاء الثقافي‘ في العالم العربي ضمن مجالَي الأنثروبولوجيا والعلوم الاجتماعية"، تأثيرَ السياقات السياسية والتصورات الأيديولوجية القومية في الأبحاث المتعلقة بالهوية العربية. واستعرض تطور النماذج التفسيرية، من نموذج "الفسيفساء" في الخمسينيات إلى مقاربات أحدث مثل "البطريركية الجديدة"، مع توسيع نطاق البحث ليشمل مجتمعات حضرية، ودول الخليج، وأماكن اللجوء. وناقش الباحث تداعيات الثورات والحروب منذ عام 2011، مستندًا إلى مفهوم "العصبية" الخلدوني، طارحًا تساؤلات حول مفهوم "الفضاء العربي" وامتداده ليشمل مجتمعات المنفى.

السلطة والهوية في إيران وتركيا: تحولات الاستعمار والسيادة والصراعات المجتمعية

عُقدت الجلسة الثانية، التي ترأّسها باسل صلوخ، أستاذ العلوم السياسية في معهد الدوحة للدراسات العليا، بعنوان "السلطة والهوية في إيران وتركيا: تحولات الاستعمار والسيادة والصراعات المجتمعية"، وتضمنت ثلاث مداخلات، افتتحتها جيهان صفير، المؤرخة المتخصصة في تاريخ العالم العربي، بورقة عنوانها "ما الوثيقة الأرشيفية في الشرق الأوسط؟"، ناقشت فيها مفهوم الوثيقة الأرشيفية في الشرق الأوسط، وكيفية تشكّل الأرشيفات واكتسابها الفاعلية. واستعرضت الباحثة أشكالًا أرشيفية متنوعة، مثل الأرشيفات الشفوية والفوتوغرافية، والسجلات العثمانية، والأرشيفات الرسمية المفقودة، والأرشيفات الوهمية في الفنون. وبحثت في أساليب إنشاء الأرشيفات وحفظها وتفعيلها، مبيّنة دور المؤسسات والخبراء والتكنولوجيا في هذه العملية، سعيًا منها لإعادة التفكير في ممارسات الأرشفة إلى جانب محتواها.

ثم قدّمَت يائيل نافارو، أستاذة الأنثروبولوجيا الاجتماعية والسياسية والنفسية في جامعة كامبريدج، عن بُعد عبر تطبيق زووم ورقة بعنوان "العنصرية بين المجموعات العرقية وداخلها في تركيا: تتبع الحقل بين دراسات الإبادة الجماعية والأقليات والهجرة"، تناولت فيها العربو-فوبيا في تركيا، التي تُركز على العنصرية ضد العرب، وهو موضوع لم يحظَ باهتمام كافٍ مقارنة بدراسات العنصرية تجاه الأقليات الأخرى. وربطت في مداخلتها بين دراسات العنصرية والإبادة الجماعية والأقليات والهجرة، مستندة إلى بحث أنثروبولوجي ميداني استمر عقدًا في أنطاكيا، بالقرب من الحدود السورية، لتحليل هذه الظاهرة ونقدها.

وحللت فاطمة صادقي، الباحثة في الفكر السياسي ودراسات الجندر والسياسة، في ورقتها "إعادة النظر في مفهوم التغلّب: الإسلاموية والهيمنة والشرعية السياسية"، تعامل الإسلاموية مع مفهوم التغلّب، بين تجاهله وإحيائه. وأبرزت اللحظة المفصلية في أوائل القرن العشرين، حيث رفض علي عبد الرازق شرعنته، بينما أعاد مفكرون مثل الخميني والمودودي تصويره على أنه امتداد للسيادة الإلهية؛ ما حوّله إلى مبدأ ديني يبرر السلطة المطلقة. وجادلت في مداخلتها بأن الإسلاموية لا تكتفي بقبول التغلّب، بل تعيد فرضه عبر تقديس السلطة؛ ما يعطل مقاومة الهيمنة ويؤثر في النقاشات حول الشرعية السياسية في المجتمعات المسلمة.

اللاهوت والفكر الديني في السياقات العربية والتركية والإيرانية: تحولات ورؤى نقدية

بحثت الجلسة الثالثة للندوة، التي ترأّسها رجا بهلول، رئيس تحرير دورية تبيّن، موضوع اللاهوت والفكر الديني في السياقات العربية والتركية والإيرانية. وقدّم متري الراهب، مؤسس ورئيس جامعة دار الكلمة في بيت لحم، ورقة عنوانها "تطور لاهوت التحرير الفلسطيني وتوسّعه"، تناول فيها تطور اللاهوت السياقي الفلسطيني خلال القرن العشرين، مع التركيز على العقود الأربعة الأخيرة، في سياق التحولات الفكرية والسياسية في فلسطين. وناقش إسهامات أبرز اللاهوتيين، واقترح رؤية لاهوتية جديدة تستند إلى تفسير النصوص الدينية من منظور جيوسياسي، خاصة في ظل الإبادة الجماعية في غزة وتوظيف إسرائيل للعهد القديم في تبرير التطهير العرقي؛ ما يستدعي تطوير "لاهوت ما بعد غزة".

وفي ورقة بعنوان "مسار النقاشات حول القرآن في تركيا: الخلفيات والأطروحات والمناهج"، حلل عمر أوزوي، أستاذ التفسير القرآني في جامعة غوته في فرانكفورت في ألمانيا، تطور تطبيق الأحكام القرآنية عبر التاريخ، مشيرًا إلى عدم الالتزام الحرفي بها بعد وفاة النبي محمد. واستعرض تباين الاجتهادات، وظهور نظام قانوني مزدوج في العصر العباسي، وتكييف العثمانيين للشريعة مع الظروف المستجدة، وصولًا إلى التخلي عنها كليًّا في ظل الكمالية. فقد شكّل هذا التحول صدمة فكرية أثّرت في النقاشات الدينية في تركيا الحديثة، حيث تمحور الجدل حول الشريعة والاجتهاد، وتأثر بالنقاشات السياسية حول تتريك لغة العبادات وترجمة القرآن الكريم.

تتواصل جلسات الندوة حتى يوم غدٍ الثلاثاء 22 نيسان/ أبريل 2025 في مقر المركز العربي على نحو ما هو موضح في جدول أعمالها، وتُبثّ جلساتها مباشرةً عبر منصّات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمركز، مع توافر الترجمة الفورية باللغتين العربية والإنكليزية.