اختُتمت، يوم الخميس 16 كانون الثاني/ يناير 2025، أعمال الدورة السادسة لبرنامج المدرسة الشتوية الدولية، التي ينظّمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، والتي انطلقت يوم 11 كانون الثاني/ يناير، بعنوان "الإعلام في زمن الحرب". شارك في هذه الدورة عشرون باحثًا وباحثة، حضوريًا في مقرّ المركز في الدوحة، أو عن بُعد، وعرضوا مشاريعهم البحثية التي تناولت جوانب مختلفة من دراسة الإعلام في زمن الحرب، وعقّب عليها الأكاديميون والخبراء من أساتذة معهد الدوحة للدراسات العليا وباحثي المركز العربي، وعدد من الباحثين والأكاديميين من المتخصّصين في موضوع الإعلام في زمن الحرب والأزمات، فضلًا عن سلسلة المحاضرات العامة التي قدّمها عدد من الخبراء البارزين في الموضوع، وبُثّت عبر منصات التواصل الاجتماعي للمركز، على نحوٍ أتاح للمشاركين فرصة اكتساب المعرفة وتبادلها، وتطوير أعمالهم البحثية.افتُتحت أعمال اليوم الخامس من برنامج المدرسة الشتوية، 15 كانون الثاني/ يناير، بمحاضرةٍ لوليد السقّاف، أستاذ مشارك في الصحافة في معهد الدوحة، بعنوان "استكشاف مستقبل الصحافة في عصر الذكاء الاصطناعي"، تناولت التغيير الذي فرضه الذكاء الاصطناعي على الصحافة، عبر عرقلته ممارسات وسائل الإعلام التقليدية، وتقديمه في الوقت نفسه فرصًا جديدةً في مجال الابتكار وعملية التكيّف. وتطرّقت، عبر شرح مجموعة من التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في غرفة الأخبار، بأخذ وكالة "رويترز" وقدرة ChatGPT مثالين، إلى التحدّيات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي، بما فيها زيادة التزييف العميق Deepfakes والتضليل والاستبدال المحتمل للوظائف. ودعا السقّاف في ختام محاضرته إلى اتباع نهجٍ متوازن، يبقى فيه الحكم البشري أساسيًا، مكمَّلًا بأدوات الذكاء الاصطناعي، بهدف ضمان الدقة والموثوقية والتقرير الأخلاقي في زمنٍ يتأثر على نحو متزايد بالتكنولوجيا.واختُتم اليوم بورشة مغلقة للمشاركين في المدرسة، قدّمها وليد السقّاف، بعنوان "حالات استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة".
افتُتحت أعمال اليوم الأخير من المدرسة بمحاضرة قدّمتها عن بُعد دينا مطر، أستاذة الاتصالات السياسية والإعلام العربي في مركز الإعلام العالمي والاتصالات في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن، بعنوان "تغطية الإبادة الجماعية: التحديات أمام نظريات الحرب ووسائل الإعلام"، ركّزت فيها على التناقضات والقيود في دور وسائل الإعلام التقليدية بوصفها أدوات لنشر الحقائق والوقائع، وعلاقتها بالنخب في وسائل الإعلام الإخبارية، بوصفها إشكالية تفاقمت بسبب التغطية المفرطة لحرب إسرائيل على غزة التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وسلّطت الضوء على ممارستين متشابكتين في تغطية الأخبار، هما "التأطير الأول" للأحداث ومصادر أخبار النخب التي تنتج هذه الأطر، وذلك عبر التركيز على تغطية قناتي "بي بي سي" و"الجزيرة" للحرب على غزة. وأكدت ختامًا أن الديناميات بين التأطير الأول والنخب في وسائل الإعلام الإخبارية، التي تعبّر عن هذا التأطير، تحدّد أولويات التغطية الإعلامية.وفي الجلسة التي أعقبت المحاضرة، قدّم سباستيان بلّا ورقة بعنوان "الموت والعنف السياسي وعمليّات السلام في التغطية الإخبارية لموقع شينخوا باللغة الفرنسية للحرب الإسرائيلية على غزة"، ركّزت على عمليات التأطير الإخباري في الموقع الصيني، مبيّنًا أنّ موقع "شينخوا" عبر دعم سرديات حماس، واستخدام عبارات مثل "هجمات مفاجئة" بدلًا من "هجمات إرهابية"، يعمل على تأطير إخباري يساهم في بناء إطار مرجعي يركّز على العنف السياسي المتعلق ببلدان الجنوب. وقدّم مصطفى بستاني ورقة بعنوان "سياسات ’الإرهاب‘: السرديات الإعلامية المتنازع عليها في الحرب على غزة"، تناول خلالها الطبيعة المتنازع عليها لخطاب "الإرهاب" في السياسة الدولية، وتأثيرها في السرديات الإعلامية خلال الحرب الإسرائيلية المستمرّة على قطاع غزة (2003-)، مقدّمًا رؤى جديدة عن كيفية تشكيل ديناميات الاعتراض السياسية على الأنظمة العالمية للسرديات المتضاربة بشأن النزاع من خلال منظور الإرهاب.وفي الجلسة الأخيرة، قدّمت تاماري تارالاشفيلي ورقة بعنوان "التضليل في العصر الرقمي: القومية والنزاعات والشعور بالقلق في جنوب القوقاز"، ناقشت فيها الروابط القائمة بين القومية والنزاعات والشعور بالقلق، وعلاقة كل ذلك بالتضليل الرقمي في جنوب القوقاز وتطوراته الجيوسياسية الراهنة، مقدّمة رؤى مهمّة عن التحديات والحلول المرتبطة بالتضليل الرقمي. وقدّم أمير هامبو ورقته "تأطير النزاع: تحليل مقارن للتغطية الإعلامية في البوسنة والهرسك لقرار الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا"، سلّط فيها الضوء على كيفية تأثير التمثّل الإعلامي في التذكر والذاكرة الجماعية، مبيّنًا أن النُهج التحريرية المختلفة في الوسائط الإعلامية تعكس الانقسامات الاجتماعية والسياسية على نطاقٍ واسع في البوسنة والهرسك.واختتم هاني عوّاد، الباحث في المركز العربي ومنسّق المدرسة، أعمال الدورة السادسة للمدرسة الشتوية، وأعرب عن شكره للمحاضرين والمشاركين فيها، وللّجنتين التوجيهية والتنظيمية، وأشار إلى نجاح الدورة وتحقيقها أهدافها من خلال توفير مساحة أكاديمية للمشاركين للانخراط في نقاشات معمّقة، وعرض أبحاث تحمل منظورات ومناهج وتخصّصات مختلفة في دراسة الإعلام والحرب. وأكّد أن المركز سيحافظ على علاقته بالمجتمع الأكاديمي الذي تشكّل خلال الدورة، من أجل تطوير مخرجاتها وتحويلها إلى ملف خاص ضمن إحدى دوريات المركز أو مؤلَّف جماعي يمكن نشره باللغتين العربية والإنكليزية.وتجدر الإشارة إلى النجاح الذي حققته الدورات الخمس السابقة من المدرسة الشتوية، والذي كان حافزًا لأن تحرص إدارة المركز على الاستمرار في هذا التقليد الأكاديمي، بهدف اجتذاب الباحثين المهتمّين بالقضايا والمحاور البحثية التي تطرحها المدرسة في دوراتها المتعاقبة، لإتاحة فرصة لتوطيد العلاقات بباحثي المنطقة العربية، واكتساب المعرفة وتبادلها.