مقدّمة
يُعدّ الاستيطان في الضفّة الغربيّة سياسةً كولونيالية مركزيّةً ثابتة ومتعدّدة الوظائف، تسعى إسرائيل من خلالها إلى تحقيق ما لم تحقّقه من نكبة عام 1948 من الاستيلاء على أكبر قدرٍ من الأرض مع أقلِّ عددٍ من السكّان العرب.
لقد بلغ عدد المستوطنات في الضفّة الغربيّة المحتلّة 144 مستوطنةً رسميّة[1]، منها ستّ عشرة في مدينة القدس، إضافة إلى أكثر من مئةِ بؤرةٍ استيطانيّةٍ غير رسميّة منتشرة في مختلف أنحاء الضفّة الغربيّة وفي قلب الأحياء العربيّة في القدس، ليبلغ عدد المستوطنين في منتصف عام 2012 أكثر من 550 ألف نسمة، منهم 200 ألف نسمة في القدس الشرقيّة التي ضمّتها إسرائيل في عام 1967[2].
ومنذ تسلّم بينيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيليّة في آذار / مارس 2009، وهي الحكومة التي ضمّت أحزابًا من أقصى اليمين الإسرائيليّ المتطرّف جعلتها "حكومة مستوطنين" بكلِّ ما تعنيه التسمية من معنى، ازدادت وتيرة الاستيطان على نحوٍ غير مسبوق إلى حدّ أصبح بالإمكان وصف الأمر بأنّه استفراد بالشعب الفلسطينيّ وأراضيه. واستغلت الحكومة الإسرائيليّة انشغال العالم بتداعيات الربيع العربيّ، وعجز القيادات الفلسطينيّة عن اتّخاذ أيّ خطوة نضاليّة ممكنة.
تحاول هذه الورقة متابعة الموجة الاستيطانيّة الأخيرة التي تشجّعها حكومة الاحتلال الإسرائيليّ منذ العامين الماضيين في الضفّة الغربيّة المحتلّة والتي من شأنها أن تغيّر المشهد الجغرافيّ وتحشر الفلسطينيّين في "كانتونات" ومعازل سوف تدفع المنطقة إلى الانفجار.
[1] للمزيد عن البؤر الاستيطانيّة ودور الحكومة الإسرائيليّة في إقامتها وعن عددها وعن إقامة غالبيتها العظمى على أراض فلسطينيّة خاصة، يرجى مراجعة تقرير طاليا ساسون عن "البؤر الاستيطانية غير المرخصة" (القدس: 2005).
[2] المعطيات عن عدد المستوطنات وعدد المستوطنين مأخوذة من مصادر عديدة منها: مكتب الإحصاء المركزيّ الإسرائيليّ:
http://www.cbs.gov.il/shnaton62/st02_13.pdf
والجهاز المركزيّ للإحصاء الفلسطينيّ:
http://www.pcbs.gov.ps/Portals/_pcbs/PressRelease/settlmt2011A.pdf
وموقع حركة "السلام الآن": http://peacenow.org.il/node/297 ، وموقع عير عميم: http://www.ir-amim.org.il/?CategoryID=464 .