مقدمة
لجأ مؤخرًا الرئيس الإيراني حسن روحاني، وهو يعدد محاسن الاتفاق النووي، إلى مفردات مقصود منها مخاطبة الداخل، لا نجدها في خطابه الخارجي، ولا نجدها كذلك في تصريحات فريقه التفاوضي وعلى رأسه وزير خارجيته محمد جواد ظريف. لقد استخدم روحاني خلال لقاء جماهيري في مدينة سنندج ذات الأغلبية الكردية عبارات موجهة بصورة أساسية إلى منافسيه الذين بدأوا يحشدون في مجلس الشورى لمواجهة الاتفاق النووي بدعوى تجاوزه الخطوط الحمراء. أن يستخدم روحاني خطابًا كثّف فيه مفردات "التركيع والمواجهة"، حين قال: "إنّ صمود الشعب الإيراني وصبره أركع الولايات المتحدة الأميركية التي اعترفت بأنّ إيران الإسلامية لن تستسلم للضغوط ... كلنا يد واحدة أمام قوى الغطرسة والأعداء"، يعني بصورة جلية أنّ الرجل يسعى إلى تجنب مواجهة مبكرة مع مؤسسة الحرس وكذلك التيار الأصولي بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة، ولذلك حضرت عبارة "تركيع أميركا" وغاب مصطلحه الشهير "التعاون البناء".
تحدث الرئيس الإيراني حسن روحاني، كثيرًا، عن إنجاز اتفاق جيّد بالنسبة إلى إيران، لكن "الجيّد" من وجهة نظر زعيم تيار الاعتدال، والذي يمثِّل امتدادًا لمدرسة هاشمي رفسنجاني، قد لا يكون كذلك من وجهة نظر خصومه ومنافسيه. ومن المؤكد أنّ "الاتفاق الجيّد" قد يفلح في طي صفحة الملف النووي الإيراني مع المجتمع الدولي، لكنه سيفتح بلا شك ملف التنافس والصدام بين الأجنحة والتيارات السياسة في إيران.
بدا التيار الأصولي حذرًا أمام صفات تخلع على الاتفاق، ومنه وصفه بأنه "إنجاز تاريخي" لإيران، وشرع من خلال نواب كثر داخل مجلس الشورى، بتحرك عقب الاتفاق الإطاري في لوزان، في تسليط الضوء على بنود رأوا أنها تعارض الدستور، وتمثّل مساسًا باستقلال الجمهورية الإسلامية، ويتعلق ذلك أساسًا بقضية التفتيش، ولعل التلاسن الذي حدث بين وزير الخارجية محمد جواد ظريف وعدد من النواب الأصوليين، في مجلس الشورى قبل توقيع الاتفاق، قد أعطى مؤشرًا على أنّ الاتفاق سيزيد من حدة التنافس الداخلي في إيران.