ملخص
بعد إنهاء المرحلة الانتقالية التي بدأت عام 2000 واستمرت 12 عامًا، ووضع الدستور الموقّت، وانتخاب الرئيس بموجبه، واعتراف العالم بأول حكومة دستورية منذ انهيار نظام محمد زياد بري العسكري في عام 1991، ارتفعت التطلعات الشعبية لتجاوز الواقع المرير، وتم وضع "رؤية 2016"، وتعهد الرئيس إجراءَ انتخابات حرة مباشرة في نهاية ولايته الرئاسية، ولكن تعذر إجراء انتخابات مباشرة لأسباب موضوعية، غير أن التحول السياسي أخذ مجراه، وتوصل مجلس القيادة الوطني الذي هو بمثابة مجلس فدرالي للجمهورية، إلى صيغة يتم فيها تنظيم انتخابات غير مباشرة تحظى برعاية المجتمع الدولي.
ستُجرى الانتخابات في كل الدوائر في البلاد ما عدا ولاية صومال-لاند التي أعلنت انفصالها من جانب واحد عن بقية أجزاء الصومال، حيث ستشارك الولايات الفدرالية الأخرى أول مرة في هذه الانتخابات؛ ما يعزز مصداقيتها – على الرغم من أنها أقرب إلى الاختيار منها إلى الانتخاب - مقارنة بدورة 2012 التي كان القرار فيها بيد رجل واحد هو شيخ العشيرة، مما كان يسهل إمكانية عملية شراء الذمم، واتهامات تزوير الأصوات، بيد أن هذه الانتخابات لا تتركز السلطة فيها في شيخ العشيرة، مع أنه ما يزال رقمًا صعبًا في المشهد الانتخابي، وإنما يشاركه مندوبون من فئات الشعب كافة، وهذه الخطوة تجعل العملية الانتخابية أكثر شفافية من سابقتها، ولا تضمن نزاهتها عن تأثير المال السياسي، وما يعكر صفوها، مثل غياب المراقبين المستقلين، على الرغم من دعم المجتمع الدولي عمليةَ التحول السياسي والاستحقاق الانتخابي.
يعتقد المتابعون أن الاستحقاق الانتخابي قد يغير مجرى الأحداث في الصومال؛ إذ من المرجح أن يحتدم السباق بين الإسلاميين وغيرهم من جهة؛ ومن جهة أخرى بين كتلتين قبليتين طالما احتكرتا حكم الصومال، وهما عشيرتا "دارود" و"هوية" اللتين ينحدر منهما الرئيس المنتهية ولايته حسن شيخ محمود، ورئيس حكومته عمر شرماركي، وكلاهما مرشح رئاسي. يدل هذا على أن التجاذبات السياسية والعشائرية، والتحالفات الانتخابية، بلغت أشُدَّها بين الكتلتين المتنافستين. ومن الجدير بالذكر أن هذه الاستقطابات بدأت منذ ما قبل الاستقلال، وهي استقطابات لا تعيد تشكيل المشهد السياسي فحسب، بل تعكس أيضًا مقدار التنافس المحموم بين الكتل العشائرية المختلفة التي تكوِّن النسيج الاجتماعي في الصومال.