العنوان هنا
تقييم حالة 20 ديسمبر ، 2016

علاقة صالح والحوثي: تنسيق تكتيكي أم تحالف إستراتيجي؟

الكلمات المفتاحية

عاتق جار الله

 باحث متخصص في التحليل والاستشراف السياسي. حصل على ماجستير العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول آيدن، باحث مقيم في مركز صناعة الفكر للدراسات والأبحاث - إسطنبول

مقدمة

كان الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح يعتمد على تحالفات ذات صبغة تكتيكية، ولم تقم سياسته على التحالف الإستراتيجي سواءً مع المكونات اليمنية (السياسية والاجتماعية والدينية وحتى الأشخاص) أو مع دول الجوار. ولا يتوقع أن يختلف تحالفه الحالي مع جماعة الحوثي عن تحالفاته السابقة خلال ثلاثة عقود من حكمه لليمن، بيد أنّ المتغيرات الجديدة قد فرضت معادلة مختلفة بوصفه أول تحالف له وهو خارج السلطة. فالمهمة تبدو شاقة وخطرة في الوقت ذاته، ما قد يطيل فترة تحالفه مع جماعة الحوثي. ولكنّ هذا التحالف سيظل مصحوبًا بحالة من التربص والشك أقرب منه إلى الثقة والانسجام. فمن المستبعد أن يقبل صالح بأن يظل الرجل الثاني في الحكم، كما أنه من الصعب أن يقبل عبد الملك الحوثي أن يحكمه علي صالح مجددًا؛ ما يجعل علاقتهما رهينة بحجم المخاطر المشتركة، ولن تنتهي إلا بانتهاء تلك المخاطر أو بهزيمة الطرفين أمام قوات الحكومة الشرعية وقوات التحالف العربي. كما أن بقاء نجل صالح، أحمد، المقيم في دولة الإمارات بعيدًا عن الأضواء يثير تساؤلات عن دوره المستقبلي في هذا الإطار، خصوصًا بعد أن هاجم إعلاميون تابعون له جماعة الحوثي.

بعد سنوات من الحرب والمواجهة، استطاع الحوثي وصالح تجاوز آثارها وعملا على مواجهة مشروع ما يسمى بـ "جمهورية اليمن الاتحادية" التي تمثّل ركائزها خطرًا وجوديًا على مشاريع التوريث والاستفراد بالسلطة والثروة، لا سيما بعد توقيع كل المكونات اليمنية مخرجات الحوار الوطني الشامل وأهم تلك المخرجات (نظام الأقاليم). استمر الحوار أكثر من عشرة أشهر، وهي الفترة التي استثمرها الحوثي وصالح في حوارات بينية غير معلنة، لتذويب جليد العداء بينهما وتوزيع الأدوار لمواجهة هذا المشروع. وكان دور جماعة الحوثي في هذه المرحلة إعلان الحرب على حكومة محمد باسندوة ومخرجات الحوار الوطني، مع أنّ الجماعة طرف فيه، بيد أنّ اثنين من كبار ممثلي الحركة، عبد الكريم جدبان وأحمد شرف الدين، تم اغتيالهما قبيل توقيع الوثيقة النهائية للمؤتمر، وكأنّ جماعة الحوثي كانت في حالة انقسام حول مخرجات الحوار الوطني. من جهته، تركّز دور صالح في إسناد جماعة الحوثي بكتائب عسكرية تابعة له "ألوية الحرس الجمهوري وكتائب مكافحة الإرهاب المدربة أميركيًا"، كما عمل على إرباك القوات والأجهزة الوطنية الأخرى من خلال عناصره المنتمية إليها. وبالفعل، نجح الطرفان في اجتياح العاصمة اليمنية صنعاء صباح يوم 21 أيلول/ سبتمبر 2014، والانقلاب على الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي، والسيطرة على مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية التي كاد صالح أن يفقد قبضته عليها بفعل ثورة 2011، والتي أزاحته من كرسي الرئاسة وأدت إلى انتخاب الرئيس هادي بدلًا منه، الأمر الذي دفع علي عبد الله صالح للبحث عن حليف يشاطره همّ مواجهة نظام الأقاليم وقانون العدالة والانتقالية، والعودة من خلاله إلى السلطة مجددًا. ولم يجد من الأطراف اليمنية من يستجيب لطموحه سوى جماعة الحوثي التي تهدف هي الأخرى إلى السيطرة على الحكم الذي تراه استحقاقًا إلهيًا.

بهذا، التقت مصالح الطرفين ومثّل كل منهما جسر عبور للآخر، وتوافرت قواسم ومصالح مشتركة تفرض عليهما التقارب، إضافة إلى جهود الأطراف الدولية. وعلى الرغم من ذلك كله، فإن التحالف لا يزال محاطًا بجملة من المهددات.

بعد استعراض تاريخ العلاقة بين الطرفين، تبحث هذه الورقة في ماهية الأسباب التي دفعت نحو التقارب بعد صراع استمر لسنوات، كما تنظر في عوامل استمرار هذا التحالف ومهدداته، وحدود هذا التحالف في ظل الديناميات الجارية، لا سيما بعد إعلان الطرفين عن تشكيل مجلس سياسي مشترك نتج منه تشكيل حكومة مشتركة أعلنا عنها يوم الاثنين 28 تشرين الثاني/ نوفمبر2016 بموازاة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.