مثَّل انخراط جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) في الحرب الدائرة في قطاع غزَّة، عبر هجماتهم الصاروخية على ميناء إيلات والسفن التجارية المرتبطة بإسرائيل، تطورًا مهمًا في إطار تفاعل الإقليم مع عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها فصائل المقاومة الفلسطينية، في غلاف قطاع غزة، في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. فقد شنّ الحوثيون، في 19 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، هجومًا كبيرًا بمقذوفات صاروخية باليستية وطائرات مسيّرة هجومية أحادية الاتجاه، على مدينة (ميناء) إيلات، من دون أن يُعلنوا عنها، ثم اعترفوا بها في ما بعد.
تكرَّرت هجمات الحوثيين، مع اعترافهم بها، ثم وسَّعوا نطاقها، لتشمل السفن التجارية ذات الصلة بإسرائيل أو بموانئها، وكانت البداية احتجاز السفينة التجارية "غالاكسي ليدر"، في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، ووجّهوا عشرات الهجمات على السفن التجارية، فالسفن الحربية الأميركية والبريطانية. وخلال الفترة 12-22 كانون الثاني/ يناير 2024، نفّذت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، وبدعم كلٍّ من كندا وهولندا وأستراليا والبحرين، العملية العسكرية "سهم بوسيدون" Poseidon Archer، بطائرات وسفن حربية، خلال ثماني مراحل، استهدفت مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، ما ألقى بظلاله على الأبعاد المختلفة للأمن في البحر الأحمر، وجهود إعادة السلام إلى اليمن الذي يغرق في حرب ضروس منذ تسع سنوات.
تناقش هذه الورقة انخراط الحوثيين في حرب غزة، محدِّدة مظاهر هذا الانخراط وأدواته ومسارح عملياته ودوافعه، ومبرزةً ردود الفعل الأميركية والبريطانية وتداعيات ذلك على أمن البحر الأحمر وجهود السلام في اليمن.