مقدمة
يركز التعليم والتدريب العسكريَّان على تقديم المعرفة المتعلقة بالحقائق والأحداث والقيم والمعتقدات والمفاهيم والمبادئ للدارسين في أثناء وجودهم في المؤسسة الأكاديمية، وذلك لتطوير التفكير والفهم والحكم لديهم. ويعتبر التعليم العسكري عملية تعليم منهجية لتطوير تفكير العاملين في القوات المسلحة في المجال الدفاعي، بغض النظر عن درجاتهم أو مستواهم العسكري. ويهدف التعليم والتدريب العسكريَّان إلى تحسين قدرات العسكريين، ويبدأ بتعليم المجندين، ثم ينتقل إلى التعليم الخاص بالأدوار العسكرية في المراحل المتقدمة. وفي بعض البلدان، يُعد التعليم العسكري جزءًا من التعليم الإلزامي. ويجلب هذا النوع من التعليم بعض الفوائد والخبرات التي لا يمكن الحصول عليها من التعليم التقليدي في المؤسسات الأكاديمية المدنية، على الرغم من أن طاقم التوجيه يتمثّل في الأفراد العسكريين والمدنيين الذين يشكلون هيئة التدريس في مؤسسات التعليم والتدريب العسكريَّين. ويمكن أن يتعلم المشاركون مزيدًا من مهارات البقاء على قيد الحياة في أثناء التعليم العسكري، مثل التعاون والمرونة؛ ما يساعد على تحسين قدراتهم العسكرية والفكرية في أوقات السلم والحرب.
فرضت التهديدات والتحديات الجديدة للقوات المسلحة في عصر الحداثة بعد الحرب الباردة، تغييرات تقنية واجتماعية وثقافية تواجه المؤسسات العسكرية. ومن بين التغيرات الرئيسة في الشؤون العسكرية الوسائلُ التقنية والتكنولوجية وتطوير استخدامها والتفاعل بين المدنيين والعسكريين في هذا المجال، وكذلك التغيير في المهمات العسكرية؛ من العمليات القتالية التقليدية إلى المهمات الإنسانية تحت رعاية منظمات دولية، وهو ما يثبت أن وظائف القوات المسلحة قد تغيرت فعلًا؛ لذلك تركز هذه الدراسة على التغييرات الاجتماعية والثقافية التي يتطلبها السياق العملياتي الجديد، وعلى دور تعليم الأفراد العسكريين وتدريبهم للاستفادة، على نحو أفضل، من الوسائل التقنية والتكنولوجية. وتسلط الدراسة الضوء على تأثير التكنولوجيا في التكتيكات والعمليات والعقيدة والتخطيط والمعدات، وعلى تدريب التشكيلات العسكرية الذي غالبًا ما يعتمد على الإمكانات المالية والاستثمار في مجالات التعليم والتدريب العسكريَّين.
إن السعي لتطبيق السياسة الخارجية من خلال الدبلوماسية لم يعد حكرًا على الدبلوماسيين، واستخدام القوة من جانب الجيش لتحقيق المصالح العليا للدولة لم يعد أساسًا واحدًا. الحقيقة أنه لا يمكن أن توجد سياسة خارجية من دون محتوى عسكري. وضمن الإطار العام للدستور والرقابة المدنية، تساهم القوات المسلحة في دولة قطر في تطوير الدبلوماسية الدفاعية في وقت السلم، بوصفها أحد الأنشطة الرئيسة والمستمرة لدعم أهداف السياسة الخارجية والأمنية التي تهدف أيضًا إلى الحفاظ على السلم، وإقامة الثقة المتبادلة، وتطوير التعاون، وتعزيز الاستقرار والأمن في المنطقة. ويعتبر التعليم والتدريب العسكريَّان من الجوانب الحيوية في الدبلوماسية الدفاعية في وقت السلم، ومن المؤشرات الدالة على إقامة علاقات وثيقة بين الدول وعلاقات ثنائية صحية ومفيدة؛ إذ تُساعد مشاركة القوات العسكرية في الأنشطة التعليمية والتدريبية مع الدول الأخرى في إبراز الروح المهنية للقوات المسلحة على المستوى الدولي. ويخلق التفاعل العسكري المهني الروابط التي تساعد على بناء مناخ من التفاهم المشترك في البيئة الدولية لمواجهة التحديات المشتركة.