العنوان هنا
مراجعات 03 أغسطس ، 2021

مراجعة كتاب "اللاهوت السياسي" لكارل شميت

الكلمات المفتاحية

رنا باروت

مساعدة باحث في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، وباحثة دكتوراه في برنامج الدراسات الأمنية النقدية بمعهد الدوحة للدراسات العليا. حاصلة على الماجستير في الدراسات الأمنية النقدية من المعهد نفسه، والبكالوريوس في الإعلام الجماهيري من جامعة قطر. تتركز اهتماماتها البحثية في القضايا الأمنية والاستراتيجية وقضايا حل النزاع وبناء السلام والوساطة.

عنوان الكتاب:اللاهوت السياسي Politische Theologie.

الكاتب: كارل شميت Carl Schmitt.

المترجم: رانية الساحلي وياسر الصاروط.

الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

تاريخ النشر: 2018.

عدد الصفحات: 192 صفحة.

مقدمة

تميزت أفكار الفقيه القانوني والدستوري والفيلسوف السياسي كارل شميت (1888-1985) بإشكاليتها وإثارتها الجدل، وإدانة كثيرين لها؛ بوصفها أيديولوجيا تقوم على إكبار نموذج الدولة الدكتاتورية، وإبراز محورية دور القائد السلطوي فيها التي بدت كأنها احتفاء بصعود هتلر إلى سدة الحكم في ألمانيا النازية، وتبرير للحروب التي خاضها هتلر وللجرائم التي ارتكبها في حق اليهود (المحرقة)، ولا سيما أن شميت كان عضوًا سابقًا في الحزب الاشتراكي القومي الألماني/ النازي، وشارك بعد أيام قليلة من التحاقه بالحزب في إحراق كتبٍ لكتّاب يهود، ونادى بتطهير أوسع، يشمل كتب المؤلفين المتأثرين باليهودية وأفكارها، إضافة إلى مطالبته بإزالة أيّ أثر يهودي في القانون الألماني، واعتباره مسألة الهولوكوست (المحرقة) جزءًا جذابًا من شيطنة الدولة العلمانية الحديثة. إلا أنّ النازيين لم يطمئنوا إليه ووجدوا فيه ضعف عداءٍ لليهود أو للسامية، فأخرج، بعد سنوات قليلة، من الحزب. ولكن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وسقوط النازية، قُدّم شميت إلى محكمة نورنبيرغ الخاصة بمحاكمة النازيين ومرتكبي الجرائم، إلا أنها فشلت في العثور على أدلة تدينه بالقيام بأعمال نازية تستدعي المحاكمة والتجريم.

وعُيّن شميت، بعد انتسابه إلى الحزب النازي، رئيسًا لتحرير الجريدة الحقوقية النازية Deutsche JuristenZeitung، ونشر فيها مقالة بعنوان "القائد يحمي القانون" تبريرًا للاغتيالات التي قام بها هتلر ضد معارضيه، وطوّر نظريته في القيادة الاستبدادية في الظروف الاستثنائية (ص 9).

تميزت أفكار شميت بأهميتها، خاصة في حقل السياسة والعلاقات الدولية، ذلك أنه عُرف بنقده الديمقراطية والنظام الليبرالي. صدرت لشميت أعمال عديدة تمثّلت بكتيّبات صغيرة، كان أهمها العلم الدستوري Die Verfassungslehre، وكتابه اللاهوت السياسي في طبعته الثانية المعدّلة وفي النسخة العربية المترجمة جزآن: يبحث الجزء الأول منه مفهوم الحكم ودور القانون وشرح اللاهوت السياسي، في حين يدور الجزء الثاني حول رد شميت على إيريك بيترسون Eric Peterson (1890-1960) ومجموعة المفكرين الذين نظّروا لانتهاء اللاهوت السياسي. وقد نشر شميت الجزء الأول في عام 1922 بعنوان اللاهوت السياسي، ثم أعاد تنقيحه وطبعه في برلين في تشرين الثاني/ نوفمبر 1933، أي في العام الذي صعد فيه هتلر إلى السلطة، ويبدو فيه تأثره الشديد بتوماس هوبز Thomas Hobbes (1588-1679) الذي يبني في كتابه اللفياثان Leviathan نظرية العقد الاجتماعي على الخضوع إلى سلطة ذات قوة وسيادة مطلقتين.

أما في الجزء الثاني من الكتاب الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 1969، فعاد شميت من جديد ليدافع عن آرائه المطروحة في الجزء الأول، وليردّ على نحو منهجي محكم على الآراء الناقدة للاهوته السياسي التي وصفته بالمنتهي، كاشفًا بذلك الثغرات التي تخللت حجج معارضيه.


* هذه المراجعة منشورة في العدد 49 (آذار/ مارس 2021) من دورية "سياسات عربية" (الصفحات 173-178)وهي مجلة محكّمة للعلوم السياسية والعلاقات الدولية والسياسات العامة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات كل شهرين.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.