العنوان هنا
مراجعات 30 أغسطس ، 2018

مراجعة كتاب

العمل: الألف سنة الماضية

صباح الناصري

أستاذ مشارك في قسم السياسة، جامعة يورك، تورنتو، كندا. تتركز اهتماماته البحثية حول الاقتصاد السياسي، ونظرية الدولة الماركسية، ونظرية التنظيم، والسياسة والاقتصاد في الشرق الأوسط.

عنوان الكتاب: العمل: الألف سنة الماضية.

العنوان الأصلي للكتاب: Work: The Last 1,000 Years

المؤلف: أندريا كوملوسي  Andrea Komlosy. 

الناشر: فيرسو، لندن Verso, London.

سنةالنشر: 2018.

عدد الصفحات: 268.


يندرج كتاب أندريا كوملوسي في سياق نقاش كبير يتعلق بالتحولات العالمية التي تشهدها الرأسمالية وعلاقات العمل التي تقوم عليها. فقد أدّى التحول النيوليبرالي في شروط العمل الذي بدأ في ثمانينيات القرن الماضي، وبخاصة مع صعود النيوليبرالية في أعقاب انهيار الكتلة الشرقية، إلى تخفيضات تقشفية في طريقة العمل والعيش في الغرب والعالم. ومنذ ذلك الحين، ثارت سجالات ساخنة بشأن فهم تحولات علاقات العمل التي انعكست في الأكاديميا وفي السياسة أيضًا، إلى الحدّ الذي جعل العديدين يذهبون إلى افتراض أنّ العالم يشهد ما يمكن تسميته "نهاية العمل"؛ الأمر الذي يتطلب تفكيرًا في استيعابٍ مفاهيمي جديد للعمل.

في مقالة في صحيفة دي زايت، في أيلول/ سبتمبر 1978، سأل عالم الاجتماع المعروف رالف داهريندورف[1] متى يتوقّف العمل لدينا؟ تشير كلمة "لدينا" هنا إلى المجتمعات الغربية الصناعية التي كانت تعاني حقبتها الذهبية أزمات متعدّدة (بطالة، وأزمة مالية، ونمو سلبي، وغيرها من الأزمات). لقد ارتبط "العمل" بالعمل المتعاقد بدوامٍ كامل وبهيمنة ذكورية. دشّن داهريندورف بذلك السؤال مناقشاتٍ بشأن أزمة العمل والمجتمع العامل ومعنى العمل في مجتمعات ما بعد التصنيع. وفي كتابه نهاية العمل، وسّع جيريمي ريفكين[2] فكرة داهريندورف عن دور التكنولوجيا و"الأتمتة"[3]، ورأى أنّ من شأن الابتكار التكنولوجي (الثورة الرقمية) أن يزيد من حدة المشكلة من خلال جعل العديد من طاقات العمل فائضة، ما يتيح الاستغناء عن العمال.

وطرحت ماريا مايز[4] مفهوم عمل ربّات المنازل Housewifization (تقسيم العمل الذي حصر دور المرأة بالأعباء المنزلية) الذي يجمع بين فئة من النساء المستغَلّات في بلدان الجنوب (الأطراف) وربّات البيوت اللواتي تتبنّين النمط الاستهلاكي، وهو ما تيسّره الأتمتة.

وميّز الفيلسوف الاجتماعي أندريه غورز[5] بين العمل الرأسمالي الصناعي والعمل "الحقيقي"، وبين العمل المأجور الذي يُنتج فائض القيمة لرأس المال، ومن ثمّ، يعتبر منتِجًا ويُجازَى علنًا، والنشاطات الاجتماعية والإنجابية والثقافية المعتبرة التي تُدان سرًا ولا تدخل، إذًا، في باب العمل. إن علاقة العمل المنظمة والتي تستمر مدى الحياة ظاهرة استثنائية تاريخيًا وعالميًا، كما أنّ العمالة المتفرغة صاحبة المزايا الاجتماعية والضمان الاجتماعي تُعد ظاهرة غربية حصريًا، هيمنت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى ثمانينيات القرن المنصرم.

وتكشف نظرية روسويتا شولز[6] بشأن فصل القيمة، المشروعَ الرأسمالي القائم على إقصاء أنواع العمل غير المرتبطة بالنقود والسوق وإعادة الإنتاج وتدهور قيمتها. فالقيمة والفصل هما اللحظتان البنيويتان (النوع الاجتماعي والطبقة) اللتان تشكّلان العالم الاجتماعي - الاقتصادي الرأسمالي.

يجري دفع هذه الأنواع من العمل (إعادة الإنتاج الاجتماعي، والعمل الطوعي، والرعاية، وغيرها من الأعمال) إلى هوامش الاقتصاد الرأسمالي الذكوري العام، وفي الحصيلة، تُربط بمجال يعرّف سرًّا أنه مجال مرتبط بالنساء.


* هذه المراجعة منشورة في العدد 25 (صيف 2018) من مجلة "عمران" (الصفحات 161 - 170)وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.

** تجدون في موقع دورية "عمران"  جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.